سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

كاترين جابر: “المحاولات التركية استفزازية لخلط الأوراق بالمنطقة”

أكّدت الصحفية والباحثة السياسية في جامعة السوربون الفرنسية كاترين جابر على أن فتح دولة الاحتلال التركي لعدة جبهات؛ إنما نتيجة إخفاقاتها المتتالية وهي تسعى لابتزاز الغرب في مناطق أخرى لتأخذ ما تريد في سوريا، وأشارت إلى أن بقاء الاحتلال التركي في حلف الناتو لم يعد مضموناً، كما أن روسيا تماطل معها حتى تحقيق مصالحها، ووضعت الصحفية ثلاثة أسباب ستؤدي لخروج دولة الاحتلال التركي من الأراضي السورية، حيث تدّخلت في دول المنطقة، كسوريا والعراق وقبرص، بالإضافة إلى افتعالها الكثير من المشاكل لتأزيم الأوضاع في المنطقة. تواجه الآن ضغوطاً أمريكية وأوروبية على خلفية عناد حكومة أردوغان بشراء صفقة إس 400 الروسية والتنقيب عن النفط والغاز في منطقة قبرص؛ ما قد يؤدي إلى قرب انهيار العلاقات بين أنقرة وواشنطن ومن خلفها أوروبا.
أخفقت في تحركاتها على جميع المستويات
ولمحاولة فهم ما يجري في المنطقة؛ تحدثت لوكالة أنباء هوار الصحفية والباحثة السياسية في جامعة السوربون الفرنسية كاترين جابر، حيث بدأت حديثها بشرح هدف الاحتلال التركي من فتح جبهات عديدة وقالت: “خسرت دولة الاحتلال التركي في العديد من الجبهات التي تورطت فيها ومن بينها سقوط الأنظمة التي كانت تابعة لسياستها في منطقة الشرق الأوسط. ولذلك؛ كان من الصعب على أردوغان أن يرى حلم الخلافة الإسلامية وإعادة مجد الدولة العثمانية يتبعثر أمام عينيه خصوصاً بعد انخفاض شعبية حزبه (العدالة والتنمية) في الداخل، لهذا قام بإعادة إحياء ملف التنقيب في مياه البحر المتوسط والتدخل العسكري المباشر في ليبيا”.
وأوضحت كاترين جابر حديثها بقولها: “كل القرارات التكتيكية التي تتخذها أنقرة ما هي إلا محاولة لحفظ القليل من مكانتها الإقليمية، حيث تبدو تلك المحاولات استراتيجية جدية ولكنها في حقيقة الأمر بداخلها العديد من الإخفاقات، أولاً تركيا أصبحت تتحرش بكافة القوى الإقليمية والدولية ما يمكن أن يدفع بها إلى العزلة التدريجية، ثانياً باتت خطتها واضحة في استخدام وسيلة الابتزاز السياسي مقابل إجراء مساومات في سوريا، سياستها أصبحت واضحة أمام الجميع. فبعد العملية التي قامت بها في عفرين؛ تريد الآن احتلال شمال شرق سوريا وهذه من أهم أهداف القيادة التركية في الوقت الحالي، ولذلك تعترض مصالح القوى الدولية في صراعات أخرى للحصول على ما تريد في سوريا وهو ما ترفضه الدول الغربية مؤكدين على ضرورة الحل السياسي في سوريا، وأن القرار يبقى في يد السوريين وحدهم حتى ولو تأخر”.
تهديد بحزمة عقوبات وقرارات ضدها
وبخصوص الضغوط والعقوبات الأمريكية والأوروبية على تركيا تقول الباحثة في جامعة السوربون الفرنسية كاترين جابر أن واشنطن وأوروبا قامتا بتهديد أنقرة بفرض عقوبات وقد نفذتا تلك التهديدات، الاتحاد الاوروبي قام باتخاذ حزمة من القرارات بهذا الشأن، هو تقليص التعاون الدبلوماسي مع تركيا، وإلغاء الدعم المُقدّم من قبل الصندوق الأوروبي بحوالي 140 مليون يورو، وإلغاء بعض صفقات الملاحة الجوية التي كان من المرتقب عقدها، واشنطن من جانبها أيضاً ألغت صفقة طائرات أف 35 وتُقدر خسارتها في هذا الصدد بحوالي المليون ونصف المليون دولار، وتتوعد أمريكا بفرض عقوبات إضافية؛ كل ذلك سيكون له تداعياته على الاقتصاد التركي، خصوصاً بعد انهيار العملة التركية، بالإضافة إلى أن بقاءها في حلف شمال الأطلسي أي حلف الناتو أصبح غير مضمون ناهيك عن ضياع حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي.
ونوهت بأن أنقرة في هذه النقطة أصبحت تفكر بأولوياتها الاستراتيجية، وسوريا وحدود جنوب شرق تركيا أصبحت الأمر الأكثر إلحاحاً بالنسبة لها، لذلك أدركت أنقرة أن تحالفها مع روسيا في هذه القضية تحديداً أمر لا غنى عنه؛ كون موسكو أصبحت القوة الأكثر تأثيراً في سوريا. وأنقرة تبحث عن أي ورقة رابحة في سوريا لذلك قامت بشراء صفقة الصواريخ الروسية، وفضّلتها على حساب صفقة الأسلحة الأمريكية تحديداً في هذا التوقيت الراهن لكسب ود الروس، علما بأن الطموحات التركية تُعكّر صفو الأهداف الروسية في سوريا، ولكن موسكو تتبع سياسة النفس الطويل وتماطل مع كل الأطراف اللاعبة في الحرب السورية إلى حين الانتهاء من تحقيق أهدافها.
أسباب ستؤدي لخروج الاحتلال التركي من سوريا
وتستقرئ الصحفية والباحثة في جامعة السوربون كاترين جابر مسار الأحداث في المنطقة قائلة: “باعتقادي الشخصي، أي محاولة تركية لإعادة إشعال الحرب في الشمال السوري هي محاولة فاشلة، كما أن خروجها حتمي من الأراضي السورية لثلاثة أسباب رئيسية، فمن جهة تواجه مقاتلين كرد وعرب ضمن قوات سوريا الديمقراطية، هم من أهالي تلك المناطق المُهددة من قِبلها وهي على علم ودراية بمدى بسالة تلك المجموعات في الدفاع عن أنفسهم وعن أراضيهم. لذلك؛ ستكون خسارتها المادية والبشرية فادحة خصوصاً بعد القضاء على المعارضة المُسلحة التابعة لها، والتي كانت تحارب لأجل مصالحها فقط. والمجتمع الدولي لن يتخلى عن الكرد خصوصاً بعد الدور العظيم الذي لعبوه في القضاء على مرتزقة داعش. ولذلك؛ يجب أن ترضخ للحلول السياسية وتسوية أمورها بطريقة سلمية. السبب الثاني النظام أوشك على السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية بدعم روسي، وهو يرى في التدخل التركي الأبشع على الإطلاق وهذا كان واضحاً في تصريحات مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الذي وصف التدخل التركي بـالاحتلال مع التحفظ على دور النظام وسكوته على ما جرى في عفرين وما تتعرض له المنطقة من تهديدات متواصلة. والسبب الثالث هو من منطلق مبدأ “المساواة” بين كافة الأطراف، فهناك رغبة عامة لإخراج اللاعب الإيراني من سوريا، وبالتالي سيتوجب انسحاب الأطراف الأخرى لحل الأزمة وأولهم  ستكون دولة الاحتلال التركي”.