No Result
View All Result
المشاهدات 12
إعداد/ هايستان أحمد –
نازك الملائكة واحدةٌ من أهم الشعراء العراقيين والعرب، اشتُهرت بأنها رائدة الشعر الحر أو (شعر التفعيلة)، حيث حققت انتقالاً كبيراً في شكل القصائد الشعرية وتركيبتها من الشكل والنمط الكلاسيكي الذي ساد في الأدب العربي لقرون عدة إلى الشكل المعروف بالشعر الحر، لم تولد الملائكة في بيئة بعيدة عن الشعر، إذ إنها نشأت في عائلة مولعة بالكتابة والأدب، ففي 23 أغسطس/آب 1923 حلت الفتاة البكر لتكون أكبر أشقائها الأربعة، وقد مثل إرثها الشعري نتيجة لكسرها العديد من التقاليد حيث لاقى انتقالها من الشعر العمودي إلى الشعر الحر جدلاً ومعارضة كبيرين، ولم تقتصر الانتقادات على الشعراء التقليديين وإنما كان لعائلتها الرأي ذاته، أنهت الملائكة تعليمها العالي إلى جانب إتقانها لأربع لغات، وقدمت العديد من الخطابات عالية النبرة والتي حاولت من خلالها إظهار دور المرأة في المجتمعات العربية، وحثت النساء على أن يكون لهن صوتٌ في المجتمع وعلى تحدي المجتمع الأبوي المحافظ الذي يسود المجتمعات العربية، وحققت استقلالها المالي الأمر الذي لم يكن شائعاً في تلك الفترة، وقد كانت تفضل أن تبقى بعيدةً عن العالم الخارجي.
منارة شُعاع الحق والنور
بالرغم من تغيير رأيها في تغيير نمطها في كتابة الشعر بالشكل الحر إلّا أن شهرتها في حركة التجديد قدمت لها فرصة فريدة، حيث سمح لها ذلك بأن تكون ملهمة حقيقية للمرأة؛ كانت مفكرة مستقلة وباحثة ومدرسة محترمة وكاتبة أغنيّة عبّرت عن نفسها بشكلٍ بليغ، حيث خططت لتتفوق في المجال الذي لطالما سيطر عليه الرجال، وكان من المهم بشكلٍ خاص تفوقها في المجال الأدبي، حيث أن ما واجهته المرأة في المجتمع العربي في ذلك الوقت كان دافعًا للقمع لا للتعبير عن مشاعرهم وحياتهم الداخلية، تشجعت وتعلمت على القراءة بصورة مكثفة من قبل والديها الأديب والباحث صادق جعفر الملائكة الذي درّس اللغة العربية في المدارس الثانوية وترك مؤلفات عديدة مهمة، منها “دائرة معارف الناس” المكون من عشرين مجلداً، وأمها الشاعرة سلمى عبد الرزاق التي كانت تكتب الشعر العمودي وتنشره في الصحف المحلية باسم مستعار هو “أم نزار الملائكة”، حيث حفظت ابنتها على يدها جميع عروض الشعر وأوزانه، لتبدأ نازك كتابتها الشعر وهي في سن العاشرة، درست نازك في قسم اللغة العربية بدار المعلمين العالية في بغداد، وتخرجت سنة 1944، ثم أكملت دراسة الماجستير في الأدب المقارن بجامعة “ويسكونسن” الأميركية، لتعود وتطلق مجموعتها الشعرية الأولى “عشاق الليل” عام 1947 التي كتبت بأسلوب الشعر العمودي، لقد أصبحت صوت أولئك الذين لا يملكون الحق والقدرة على التعبير عن أنفسهم، لقد ساهمت بشكلٍ هام في أن يكون للمرأة العربية دور في اللغة، لقد جاءت لتضفي على الحداثة أنوثة، ولتكسر الحدود بين الكتّاب من الرجال والنساء، وقد مهدت الطريق لشعراء المستقبل.
شاعرة الاكتئاب، ومناهضة قوية لحقوق المرأة
عام 1953 ألقت الملائكة محاضرة في نادي الاتحاد النسائي بعنوان “المرأة بين قطبي السلبية والأخلاق” طالبت فيها المرأة أن تتحرر من الركود والسلبية اللذان تعيشهما في المجتمع العربي، وقد تحدّت بذلك النظام الاجتماعي الأبوي السائد في وطنها وأصبحت صوتًا هائلًا يقوم بتحليل وتشريح البناء الاجتماعي لمجتمعها وسلبياته. وفي قصيدتها “لغسل العار” والتي تطرقت فيها إلى موضوع القتل من أجل الشرف نالت انتباه وسائل الإعلام العالمية، كما أسست جمعية للنساء اللواتي يعارضن الزواج، مقدمة بذلك الملاذ للواتي يرفضن الانصياع لتقاليد المجتمع حول دور الزوجة والأم التقليديان، وقد تفككت الجمعية في نهاية الأمر، بقي التكوين العقلي للملائكة موضع جدل في العالم الأدبي، كانت الملائكة مدركة لفلسفتها الذاتية ولحالتها النفسية الأمر الذي دفع بها إلى تناول تجربتها في مواجهة الاكتئاب ضمن سيرتها الذاتية التي قامت بكتابها حيث تقول: “كما أذكر لقد غصت عميقًا في التحليل النفسي، وقد اكتشفت أنني لا أجسّد أو أعبر عن أفكاري ومشاعري كما كان يفعل الآخرون من حولي، لقد اعتدت الانسحاب وأن أكون خجولة، وقد اتخذت القرار بأنني سوف انتقل من هذه الطريقة السلبية في العيش، وتشهد مذكراتي على ذلك الصراع الذي خضته مع نفسي أملًا ببلوغ ذلك الهدف، توفيت نازك الملائكة في 20 حزيران/ يونيو 2007 في القاهرة عن عمر ناهز 83 عامًا إثر هبوطٍ حاد في الدورة الدموية.
No Result
View All Result