سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سوريا نحو الصوملة بعد ثماني سنوات من الحِراك الشعبي

نوري سعيد –

إذا كان الائتلاف السوري منقسم على ذاته وعاجز عن تحقيق طموحات الشعب وارتمى في أحضان تركيا التي تحتل أراضٍ سورية، والقوى الدولية تعلن صراحة أنها تراعي المصلحة الإسرائيلية، وطرفي النزاع لم يُحقِّق أياً منهما نصراً حاسماً على الآخر، وإيران تعمل لإقامة الهلال الشيعي انطلاقاً من العراق مروراً بسوريا وصولاً إلى حزب الله في لبنان، ووجود سبعين فصيلاً ونيف من المرتزقة على الأرضي السورية، وإذا كان مصير كافة الأستانات والجنيفات وملحقاتها السوتشية الفشل؛ فأن اللوحة السوداوية تجعلنا نستنتج بأن سوريا ماضية إلى الصوملة بعد ثماني سنوات من الحِراك الشعبي، وإن كل ما حصل ويحصل في سوريا تقف وراءه إسرائيل؛ لأن مشروع الشرق الأوسط الجديد يهدف إلى إضعاف المنطقة وسوريا على وجه الخصوص لتبقى إسرائيل هي المهيمنة على كل المنطقة، وإلا ما سبب فشل كل المبعوثين الدوليين في إيجاد حل للأزمة السورية ابتداءً من الدابي وحتى دي مستورا وصولاً إلى بيدرسون.
 إن إسرائيل تحاول بكل ثقلها من خلال اللوبي الذي زرعته في أغلب الدول صاحبة القرار على المستوى العالمي جعل سوريا ميداناً تتصارع على أرضها المجاميع المسلحة، كما صرح رئيس الموساد الإسرائيلي قبل سنوات واستنزافها بعد أن أمنت حدودها مع لبنان ومصر، وعدم عودة الاستقرار إليها حتى تتحول سوريا إلى دولة لا حول ولا قوة ولا وزن في المنطقة؛ والسبب لأن شعوب سوريا ومكوناتها كانت ومازالت تشكل عقبة في طريق مخططاتها وتنفيذ أجنداتها وترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني. في الوقت الذي تتهافت أغلب دول المنطقة على إقامة العلاقات معها هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ فإن إصرار النظام على إعادة سوريا إلى ما كانت عليه قبل الحراك الشعبي عن طريق الخيار العسكري واتهام المعارضة بكافة صنوفها باللاوطنية، وعدم جديته وقبوله بمسار الحل السلمي السوري – السوري؛ سيقود سوريا إلى الهلاك والكارثة؛ لأن الاستقواء بعضلات الروس وإيران لن يفضي إلى أية نتيجة إيجابية بخصوص الأزمة السورية. وإن الأطراف التي تدّعي حرصها على وحدة وسيادة سوريا غير صادقة، بل تعمل لتحقيق أجنداتها ولا أحد يريد الخير لسوريا والسوريين، بدليل إن بوادر عدم الثقة بدأت تلوح بين روسيا وإيران حليفتا النظام بعد أن سمح الأخير لإيران إدارة ميناء اللاذقية، الأمر الذي أثار حفيظة الروس والاعتراض على ذلك مع أن الميناء سوري وليس روسي!!.
من هنا نقول: إن المشروع الذي تبناه مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) لحل الأزمة السورية على أساس اللامركزية الديمقراطية والتعايش الأخوي المشترك بين أطياف سوريا كافة، يُعد نموذجاً رائداً في الوقت الذي لم تتوضح رؤى الأطراف الأخرى حتى الآن، وهو يدعو إلى الحوار السوري –  السوري وتفعيل المحادثات مع النظام لترتقي إلى مستوى المفاوضات وأن يتخلى النظام عن لغة التهديد والوعيد؛ لأننا كلنا سوريون ولأن هذه اللغة لم تعد مجدية مع (قسد) الجناح العسكري لمسد بعد أن استطاع إلحاق الهزيمة النهائية عسكرياً بداعش في سوريا؛ لأنها تستمد قوتها من تلاحم مكونات شمال وشرق سوريا كافة.
ختاماً؛ إن ما هو مخطط لسوريا خطير وإذا لم نتدارك الأمر؛ سنقع في المصيدة التي أُعدت لنا. لهذا؛ لا بد من التوقف عن كيل الاتهامات لبعضنا بعضاً لأن الاستمرار على هذا النهج سيؤدي بنا في النهاية إلى الضياع والهلاك، وهذا ما لا يتمناه أي طرف كان من أبناء سوريا لأن الوطن غالٍ على قلوبنا جميعاً، ولا بد أن نعيد ألق سوريا الغابر؛ لأن شعوب سوريا ومكوناتها تُعد أيقونة شعوب المنطقة، وهذه حقيقة وليس مغالاة ولا بد أن نبقى كذلك حتى نجنب أنفسنا ووطننا الوقوع في شِباك الصوملة المعدة لنا.