سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هل هي بداية النهاية لحزب العدالة والتنمية…؟!

حسام إسماعيل –

لطالما كانَ شبح الانتخاباتِ يُراودُ الرئيسَ التركي أردوغان منذُ انتهاجهُ سياساتٍ خارجيَّة وداخليَّة بدأت نتائجها تبرزُ على الشعبِ التركي بشكلٍ مباشرٍ، من خلالِ دعم المجاميع الإسلاميَّة المُتطرفةِ في سوريا والعراق والعمل على زعزعةِ الأمن والاستقرارِ في دولٍ أخرى كليبيا من خلال صفقاتِ السلاحِ التّي فُضِحَ أمرها إلى العلنِ، وعن طريقِ وسائلِ الإعلامِ التّي تداولت عملياتِ التّهريب الفاضحةِ إلى ليبيا التي تُعاني من حروبٍ واضطراباتٍ منذ إسقاط النظام الحاكم. ماذا استفادت تركيا من سياسة حزب (العدالة والتنميَّة) التدميريَّة بالنسبةِ لدولِ الجوارِ والشرقِ الأوسطِ  بشكلٍ عامٍ، تلك السياسة التي أرادَ منها أردوغان دخولَ الصراعاتِ المتأججةِ في المنطقةِ، والعملِ على ارجاعِ آمالهِ بتشكيلِ الإمبراطوريَّة العثمانيَّة، على حسابِ تدميرِ الشعوبِ المجاورةِ لهُ، لتغذيَّة هذهِ الطموحاتِ، ولم تجلب سياستهُ إلا معادة شعوبِ المنطقةِ، وتدني لمستوى الليرة التركيَّة أمام العملات الأخرى بشكلٍ كبيرٍ يُنذر بوقوعِ البلادِ في أزمةٍ اقتصاديَّة تولدت عن العقوباتِ الاقتصاديَّة التّي تفرضها دولُ الهيمنةِ العالميَّة قد لا تخرج منها تركيا أبداً.
كلُّ هذهِ السياساتِ التَّي انتهجها حزبُ العدالةِ والتنميَّة وعلى رأسهِا أردوغان جعلت البلادَ تنزلقُ إلى حافةِ الهاويَّة، وخاصةً بعدَ امتلاكهِ لصلاحياتٍ واسعةٍ، بعدَ تحويلِ النظامِ البرلماني الذي كانَ سائداً لفترةٍ طويلةٍ إلى رئاسي من قِبلهِ، بالإضافةِ إلى الاعتقالاتِ التي استهدفت الصحفيينَ وأحرار الرأي من كتابٍ ومثقفينَ ومعارضينَ سلميين وحتى عسكريينَ على إثرِ محاولةِ الانقلابِ الفاشلة عام 2016 التي قادها مجموعةٌ من الضباطِ، ناهيك عن التدخلِ في الشؤونِ الداخليَّة للدولِ الأخرى، وخاصةً العربيَّة منها على إثرِ ثوراتِ ما يعرفُ بالربيع العربي، لتحاولَ اللعب على التناقضاتِ بينها، والاستفادةِ من كونها أحد دولِ حلفِ شمالِ الأطلسي (الناتو)، كورقةِ ضغطٍ وابتزازٍ و مساومةٍ، وخاصة في الملفِ السوري، حيثُ استطاعت على إثرِ هذهِ السياسات أن تحتلَ أجزاءً من الأراضي السوريَّة.
كلُّ هذهِ الأمور وعواملَ أخرى سببت تراجع شعبيَّة أردوغان لصالح المعارضةِ التركيّة التي سعت للاستفادة من سياستهِ الفاشلةِ، ويرى مراقبونَ بأنَّ خسارة الحزب الحاكم لصالح المعارضة التركيَّة هي بدايَّة النهايَّة للرجل، ولحزبه الذي فقد الكثير من شعبيتهِ، ومصداقيتهِ، وأصبح الشعب التركي ينظرُ إلى حكومة العدالة والتنمية أنَّها تجرُّ البلاد إلى الهاويَّة، في حين يعيشُ المواطنُ التركي في دوامة الأزمة الاقتصاديَّة الخانقة والمخيفة التي تعيشها البلاد.
لا شكَ بأنَّ الانتخابات البلديَّة الأخيرة التَّي كان يُحضرُ لها حزبُ العدالةِ والتنميَّة كانت القشةُ التَّي قصمت ظهرَ البعير والتّي حاولَ التحضير لها بخطواتٍ واثقةٍ، ووُظف كلُّ إمكانياتِ الدولة التركيَّة لصالحِ مرشحي الحزبِ للفوزِ. ولكن؛ صناديق الاقتراع أبت أن تُذعنَ لممثلي العدالةِ والتنميَّة، ليُفرّغ أردوغان كلَّ غضبهِ على رؤساءِ المراكز الانتخابيَّة التي عبَّر الشعبُ التركي عبرها عن رأيهِ، ليُعلن هو ورجالُ حزبهِ النيَّة للطعنِ في نتائجِ الانتخاباتِ، هذهِ الثقةُ العمياء من قبلِ الحزبِ الحاكم بالفوزِ؛ تؤكدُ على أن هنالك هوةٌ بينهُ وبين الشعب التركي الذي ضاقَ ذرعاً بأردوغان وحزبهِ، ودليلٌ واضحٌ على فشلِ سياستهِ وفقدان ِمصداقيتهِ، كل هذهِ الأمور سوف تُحدد مستقبلَ تركيا على ما يبدو، وستكونُ بدايَّة النهايَّة للخلاصِ بالنسبةِ للشعب التركي الذي سوف يُقول كلمة الفصلِ أخيراً.