روناهي/ منبج – أشار أهالي منبج بأن عفرين احتضنت إبَّان الأزمة السورية؛ مئات الآلاف من اللاجئين الذين جاؤوا بحثاً عن العيش مع إخوانهم بعيداً عن مظاهر الحرب والدمار، وهي جزء لا يتجزأ من الهوية السورية، حيث رفضوا إلغاء هوية عفرين الثقافية عبر سياسية قمعية واضحة المعالم من قِبل المحتل التركي ومرتزقته.
لا شك إن احتلال عفرين من قبل سلطات الاحتلال التركي، كشفت زوراً وبهتاناً مدى سياسة الجوكر التي تشي مختلف السياسيين البارزين، ومدى التضليل الدعائي؛ لإيهام وإقناع المجتمع الدولي؛ بالترهات الغير مجدية، وباتت بحكم السخافة الساذجة، وباتت عفرين عنوان كبير للمقاومة والصمود للتحرر من براثن الاحتلال العثماني الجديد، ويذكر بأنه منذ فترة وجيزة كانت الذكرى السنوية الأولى للاحتلال التركي الغاشم لعفرين الأبيّة. وبهذه الخصوص؛ أجرت صحيفتنا روناهي؛ استطلاع للرأي مع عدد من نخب المجتمع لآخذ آراءهم حول احتلال عفرين، والأساليب القمعية المرتكبة بحق شعبها، واعتبار عفرين جزء من الهوية السورية.
عفرين منذ ولادتها على دفتي التاريخ، لم تُهدِّد أحد
وحول هذا الموضوع أشار النائب في المجلس التشريعي عادل محمد ؛ بأن عفرين جزءاً من الهوية السورية، واليوم اُحتلت احتلالاً حقيقياً من قبل الاحتلال العثماني، وأضاف قائلاً: “عفرين مدينة السلام والأمن، مدينة الزيتون الذي كان، وما يزال يرمز للحب، والمحبة، والسلام، والتآخي، والعيش المشترك بين كافة الشعوب والأطياف، عفرين منذ ولادتها على دفتي التاريخ، لم تهدد أحد، ولم تشكل في يوم من الأيام أي خطر على من حولها. وقد احتضنت إبَّان الأزمة السورية؛ مئات الآلاف من اللاجئين الذين جاؤوا بحثاً عن العيش مع إخوانهم بعيداً عن مظاهر الحرب والدمار والقتل والتشريد، حتى جاءت إليها يد الغدر والعدوان من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، وهي جزء لا يتجزأ من الهوية السورية”.
الأساليب المُتبَعة من قِبل المحتل تصل إلى مستوى التطهير العرقي
وحول الممارسات القمعية الممنهجة من قبل دولة الاحتلال، استنكر عادل محمد هذه الأساليب قائلاً: “كل الشعوب في سوريا على اختلاف شعوبها، تُدين بشدة، وتستنكر كافة الممارسات اللاأخلاقية بحق الشعب الأصيل، فنناشد المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية، للنظر في إعادة الحقوق الشرعية لأصحابها الحقيقيين، وإعادة الأمن لشعبها الذين هُجِّروا قسراً جرّاء سياسة المحتل ومرتزقته الممنهجة عليهم”.
ونوه عادل في حديثه عن دور الشهداء، فيما نحن عليه الآن من نمو وازدهار بالقول: “أثمن دور الشهداء الذين أيقنوا أن الحياة محطة عابرة، وهم من سهل لنا الدرب الوعر لكي نخطو ناجحين، وواثقين، من أننا سنرد بعض ما أعطوه لنا من عِبر وحكم في أبرز دروس الحرية”.
وأكد محمد بأن الممارسات المرتكبة بحق الشعب في عفرين، ترتقى لجرائم تطهير عرقي، وبيّن بالقول: “يحاول الاحتلال التركي؛ تطويق انتصارات الشمال والشرق السوري الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الانتصار بشكل مؤكد على الفكر المتطرف الداعشي في آخر جيب له في مدينة الباغوز”.
وأشار محمد بأن تهجير أهل عفرين قسراً؛ يعد من أكبر الانتهاكات الإنسانية الخطيرة، لأنه يهدد بتغيير معالمها الديموغرافية، مما يؤثر بالسلب على ثقافة الشعوب في عفرين. ووصلت الأساليب المُتبعة من قبل دولة الاحتلال التركي إلى مستوى التطهير العرقي، الذي يجرُّ المنطقة إلى مزيد من الاشتعال في كل حين”.
قضية عفرين قضية وطنية سورية
أما بالنسبة لعضوة الهيئة التنفيذية لمجلس المرأة السورية فرع منبج؛ مريم الحياني، أوضحت بأنه لا يمكن فصل مدينة عفرين عن الهوية السورية؛ باعتبارها قضية وطنية؛ كالقضايا السورية الأخرى قائلةً: “لا يمكن نقاش قضية عفرين، بمعزل عن القضايا السورية الأخرى. لكن مع اختلاف كبير في أن كل القضايا السورية، يمكن الجلوس على طاولة المفاوضات، والنقاش بشكل جدي حول إيجاد الفرص السياسية للحلول المناسبة لها، ضمن منطق الحوار السوري السوري بأي وقت ما. بينما كانت قضية عفرين، في جوهرها مؤامرة لعدد من الدول تمهيداً لاحتلالها من قبل الدولة التركية”.
وأضافت: “محاولة من ذلك إعادة الفكر التوسعي من جديد، وهذا الأمر من الصعوبة بمكان حله ضمن نطاق الجغرافية السورية؛ لأنها اتخذت من سياسة التدخلات؛ نهجاً لكسب مزيداً من الأراضي السورية دون وجود ذرائع حقيقية، تستوجب منها شرعنة وجودها البراق على حد ظنهم. ومن هنا أضحت عفرين من بعد ذلك ساحة؛ لتصفية الحسابات بين الخصوم على مختلف المناطق السورية، ولذا أيّاً من الحلول الخارجية لا تتوافق مع إرادة الشعب السوري، مرفوض بتاتاً، لأنه لا ينسجم مع تطلعات الشعب السوري بالعيش الحر، تحت اعتبار الهوية السورية”.
وأكدت مريم بأن إدراج احتلال التركي، لمدينة عفرين، تحت مفهوم الاغتصاب، كما حدث مع لواء إسكندرونة قائلةً: “إن المدنيين في عفرين، تعرضوا لإبادة حقيقية ووحشية ممنهجة على أيدي تتار العصر وهم أردوغان ومرتزقته، ممن تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري”. وأشارت أن احتلال عفرين أوضح للإنسانية جمعاء مدى الهمجية والعنصرية التي تشي سياسة المحتل التركي، فهو لا يزال يحتفظ بعقلية التزمت العثماني، وما يتسم به ضيق الأفق، ومن ذهنية سلطوية، تتغلغل على كافة مرافق الحياة العامة في المدينة.
وبات من الصواب طرح التساؤل، لماذا تتمسك الدولة التركية باحتلال عفرين؟ وذلك ببساطة شديدة، أن أحد السياسيين في تركيا، اعتبر وفق زعمه، أن مدينتي حلب ودمشق من ضمن الولايات العثمانية، مبرراً وجود القوات التركية، بقصد استرداد ما ذهب منهم في السابق.
وهذا يؤكد أنها ذاهبةً نحو نظرية تمجيد العِرق التركي التي طُرحت مع بداية القرن العشرين، بهدف السيطرة على مكاسب أكثر. وبات من المفترض؛ استعادة كل شبر من الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرة الاحتلال العثماني، بما فيها مدينة عفرين. والتمهيد فيما بعد لعودة أهلها الأصليين. لأن التاريخ أثبت أن الحق يؤخذ ولا يعطى”.
إلغاء هوية عفرين الثقافية عبر سياسية قمعية واضحة المعالم
أما العضوة في حزب سوريا المستقبل فاطمة الشرق، فتحدثت عن استيائها العميق بمنع سلطات الاحتلال التركي من احتفال أهالي مدينة عفرين بعيد النوروز، بالقول: “الحقيقة أن هذا القرار غير مفاجئ على الإطلاق، فهو يؤكد ما نقول من رغبة الاحتلال التركي؛ في إلغاء هوية عفرين الثقافية عبر سياسية قمعية واضحة المعالم، بقصد إبادة الشعب بشكل كامل من تعلقه، بهويته، وتراثه، منذ آلاف السنين.
ومنع الاحتفال هذه السنة، يعد حدثاً الأول من نوعه في المدينة، وخرقاً للأعراف الإنسانية والدوليّة؛ لأنهم سيمعنون الشعب في عفرين من ممارسة الطقوس والعادات الفلكلورية، عبر وضع حائل قمعي ممنهج ، تحت ذرائع بوجود مخاوف أمنية، وهذا الأمر غير منطقي بتاتاً”.
وحول شكل الاحتفال، بعد قرار المنع، أكدت فاطمة قائلةً: “لا يمكن منع شعبنا، فهو أطلق العنان لنفسه بالخروج نحو الاحتفال، وممارسة عاداتنا لأنها جزء منا، ومن منظومة ثقافة وإرث شعب عفرين، وقد أصرَّ أهالي عفرين للاحتفال بعيد النوروز في كل جنبات مدينة عفرين، سواءً أكان هناك منع أم لا. نحن على مر التاريخ، نمارس طقوس الاحتفال بعيد النوروز، وهو عيد للطبيعة؛ كأول أيام للربيع، وهو غير سياسي برمته، ولذا لا توجد سلطة على الأرض، يمكنها منعنا من الاحتفال”.