سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عبد الكريم عمر: “بقاء أسرى داعش خطر يُهدد المنطقة والعالم”

دعا الرئيس المشترك لهيئة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا الدكتور عبد الكريم عمر، دول الغرب إلى اتخاذ خطوات عملية لنقل مواطنيهم الذين انضموا إلى داعش والمحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية.
في حوار خاص؛ أجرته وكالة فرات للأنباء مع الرئيس المشترك لهيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا الدكتور عبد الكريم عمر، دعا فيه الدول إلى المبادرة لنقل وترحيل مواطنيهم ممن انضموا إلى تداعش والمحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، محذراً أن بقاء هؤلاء المرتزقة يشكل تهديداً وخطراً للمنطقة، كما ودعا إلى تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المرتزقة في حال عدم إمكانية نقلهم إلى بلدانهم.
ـ منذ متى يُسلم مرتزقة داعش أنفسهم وعائلاتهم  لقوات سوريا الديمقراطية؟
منذ بداية تحرير كوباني وإلى اليوم تم إلقاء القبض على الكثير من مرتزقة داعش وبعضهم قام بتسليم نفسه لقوات سوريا الديمقراطية في جميع حملات منبج، الطبقة، الرقة، وآخرها حملة تحرير دير الزور، حيث قام الكثير من المرتزقة مع عائلاتهم بتسليم أنفسهم وبخاصة في العمليات الأخيرة بالباغوز.
ـ هل هناك إحصائية عن عدد المرتزقة المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية؟
وفقاً للإحصائيات خلال الأسابيع الأخيرة عدد المرتزقة المحتجزين لدينا يقدر عددهم بنحو 800 مرتزق، من 49
دولة مختلقة، بالإضافة إلى وجود عوائلهم أيضاً، غالبية عائلات  من مرتزقة داعش تم إدخالهم إلى المخيمات، وهذه المخيمات افتتحت لاستقبال اللاجئين لا من أجل عائلات المرتزقة. لكن؛ ومع هذا فنحن نتعامل مع هذه العائلات بمعاملة اللاجئين نفسها، حتى هؤلاء المرتزقة المحتجزون في السجون نحن مجبرون على تامين احتياجاتهم لحين إيجاد طريقة ما لإرسالهم إلى بلدانهم.
ـ كيف تتعاملون مع ملف المرتزقة من السوريين وعائلاتهم؟!
المرتزقة السوريين نسائهم وأطفالهم اليوم هم تحت مسؤولية الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، نحن نشرع على محاكمتهم. بالنسبة للنساء اللواتي لم يتورطن في عمليات القتل والإرهاب يتم تسليمهم لذويهم عن طريق الوجهاء والمسؤولين في المنطقة. بالنسبة للأطفال؛ قمنا بفتح مركز تعليم وإعادة تأهيل من أجل هؤلاء الأطفال في مخيم الهول، هدفنا تخليص هؤلاء الأطفال من الفكر الإرهابي ومساعدتهم من أجل العودة والاندماج في المجتمع السوري ونحن كإدارة ذاتية نتحمل كل مسؤولياتنا تجاههم.
ـ بصورة عامة ما هو موقف الدول الذين لديهم مواطنين انضموا إلى داعش من الأسرى عندكم؟
للأسف المجتمع الدولي وحلفائنا في التحالف الدولي لمحاربة داعش لا يتحملون مسؤولياتهم تجاه هؤلاء، من ناحية لا يعملون من أجل نقلهم وإيصالهم إلى بلدانهم ليحاكموا هناك، ومن ناحية أخرى لا يقدمون أي مساعدات تخص عائلات المرتزقة في المخيمات. نعمل وفق إمكانياتنا المتاحة لتامين احتياجاتهم الضرورية. لكن؛ المجتمع الدولي والمنظمات ودول المرتزقة لا تقدم أيّ مساعدات في هذا الجانب، وكذلك الصليب الأحمر يتجاهل مسؤولياته في هذا الملف. كل المساعدات المقدمة من قبلهم لا تكفي لنسبة خمسة بالمئة من احتياجات عائلات المرتزقة، وحدها الإدارة الذاتية مجبرة على تحمل كل المسؤوليات تجاههم ونحن أيضاً غير قادرين على فعل هذا بمفردنا.
ـ داعش خطر وقضية دولية، بالمقابل وجود هذا العدد الكبير من المرتزقة وعائلاتهم في مناطق شمال وشرق سوريا في ظل الإدارة الذاتية إلى جانب التهديدات التركية، ألا يعتبر هذا أيضاً قضية دولية؟
وجود هذا العدد الكبير خطر حقيقي ولا شك أنه عبئ ثقيل، بقاء هؤلاء المرتزقة الأجانب في شمال سوريا خطر حقيقي يهدد المنطقة والمجتمع، في هذا المجال ناقشنا كثيراً دول التحالف. داعش عسكرياً انتهى، لكنه لا يزال موجود عقائديا اليوم وجود هؤلاء المرتزقة الأجانب مع عائلاتهم في مناطقنا هي إحدى أكبر المشكلات بالنسبة لنا، وهي في الوقت نفسه مشكلة دولية، بقاء هؤلاء في مناطقنا لا يشكل خطراً وتهديداً علينا فقط، بل هو تهديد وخطر على العالم.
إلى جانب هذا لا تزال الأزمة السورية قائمة، الحل السياسي غير موجود بالإضافة إلى أن مناطقنا مهددة من قبل الاحتلال التركي، ودائماً ما نتعرض للهجمات من قبل تركيا وحلفائها، وإذا ما تعرضنا لأي هجوم من قبل تركيا وحدثت فوضى في مناطقنا، حينها تكون هناك فرصة كبيرة لهروب هؤلاء المرتزقة، وإذا تمكن هؤلاء من الهروب فهذا يعد خطراً علينا وعلى المجتمع الدولي على حد سواء. وكذلك خطراً على الدول التي قدموا منها. أعتقد أن عدد هؤلاء المرتزقة ومع تحرير الباغوز سيتجاوز الألف وهذا العدد كبير جداً، وكذلك هناك نحو ألف طفل تربوا على فكر داعش، وإذا لم يتم التعامل مع الأطفال بالشكل الصحيح لتخليصهم من فكر داعش، يجب إعادة تأهيلهم وخلق الظروف المناسبة لهم ودمجهم مع المجتمع، وهذا الوضع بالنسبة للنساء أيضاً يجب إيجاد حل لهؤلاء وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاههم.
ـ هل من طريقة للتخلص من هذا الخطر في المستقبل؛ وهل تُعدِون خطة في هذا المجال؟
شعوب ومكونات شمال وشرق سوريا قدمت الكثير من التضحيات في حربها ضد إرهاب داعش، هؤلاء المرتزقة المحتجزين لدينا أيضاً تم أسرهم بفضل الشجاعة الكبيرة لمقاتلينا، من خلال تحقيقاتنا مع هؤلاء المرتزقة المحتجزين لدينا اعترفوا انهم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية كثيرة في العديد من الدول الأوروبية. وان احتجازهم من قبل مقاتلينا منع حدوث تلك الجرائم الإرهابية. بمعنى أننا أدينا واجبنا ومسؤولياتنا على أتم وجه تجاه العالم، وحان الوقت ليقوم العالم بتحمل مسؤولياته أيضاً.
وإذا ما أراد العالم والمجتمع الدولي التخلص من هذا الخطر، فمن واجبها أن تقوم باستلام ونقل مواطنيها وإعادتهم إلى بلادهم ليحاكموا هناك، ونقل عائلات المرتزقة إلى بلادهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، هذا فقط سيؤدي إلى إنهاء الخطر الحقيقي. إذا لم يقدموا على هذا فهذا يعتبر موافقتهم على بقاء خطر داعش قائماً.
ـ كهيئة العلاقات الخارجية التي تمثل الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، كيف تتواصلون دبلوماسياً مع 49 دولة وتحتجزون مواطنيهم من مرتزقة داعش؟
نحتجز مرتزقة داعش من 49 دولة ولكل واحد منهم ملفه الخاص ووثائق تتعلق به كما هي حال عائلاتهم، وعلى هذا الأساس نتواصل مع تلك الدول، وعلى الصعيد الدولي نحن على تواصل مستمر مع هذه الدول فيما يخص مواطني بلدانهم، للأسف هذه الدول وإلى اليوم لم تتخذ أي خطوات إيجابية في هذا الملف وترفض استلام مواطنيها وتحمل مسؤولياتها تجاههم.
ـ لماذا يرفضون استلام مواطنيهم، وهل من تصريحات رسميّة من قِبل حكومات تلك الدول؟
حلفاؤنا في التحالف الدولي وأوروبا يعترفون أن هؤلاء المرتزقة يشكلون خطراً كبيراً عليهم، ولهذا السبب نفسه يرفضون نقلهم إلى دولهم ويقولون: نحن نخشاهم ولا نريد عودتهم نحن نرى أن هذه المواقف غير صحيحة وعليهم إعادة النظر في القضية بشكل جدي. مرة أخرى نؤكد أن نقل هؤلاء إلى بلادهم فرصة للجميع. في المقابل بقاء هؤلاء المرتزقة في مكان واحد غير مستقر ويشكل خطراً على الجميع، وبخاصة في ظل التهديدات الكبيرة لمناطقنا من قبل تركيا وحلفائها المرتزقة.

ـ هل تواصلت معكم أي دول من أجل نقل مواطنيها المرتزقة المحتجزين لديكم، وهل لكم أن توضحوا لنا بعض المعلومات بهذا الخصوص؟

عدد قليل من هذه الدول تواصلت معنا وقامت بنقل مواطنيها المنضمين إلى داعش، روسيا قامت بنقل عدد كبير من نساء مرتزقة داعش من أصول شيشانية، إندونيسيا قامت بنقل عائلة كبيرة واحدة فقط عدد أفرادها 72 شخص، تلك العائلة كانت متعلمة وأوضاعهم الاقتصادية جيدة. وسبب انضمامهم إلى داعش هو العيش في ظل دولة إسلامية، فيما بعد ولأن رجالهم رفضوا المشاركة في الأعمال القتالية لدى داعش تم حبسهم جميعاً من قبل المرتزقة، هؤلاء الرجال تمكنوا من الهرب من سجون داعش ووصلوا إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية، وعليه تواصلنا مع بلادهم وقمنا بتسليمهم إلى سلطات بلادهم.
كما قمنا بتسليم امرأتين مع أطفالهم إلى السودان، وامرأة أمريكية مع أربعة أطفال إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما سلمنا خمسة مرتزقة وإحدى عشر امرأة مع ثلاثة أطفال إلى بلادهم كازاخستان، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من المرتزقة وعائلاتهم هذا العدد صغير جداً مع المجموع العامل للمرتزقة. وللأسف إلى اليوم لم تبادر أي دول أخرى إلى نقل مواطنيها.
ـ مؤخراً كَثُر الحديث عن مقترح تشكيل محكمة دولية في شمال وشرق سوريا لمحاكمة المرتزقة، ما تعليقكم على هذا الموضوع؟
التحالف الدولي والاتحاد الأوروبي وإلى اليوم لا يقومون بواجبهم حيال هذه القضية. لهذا؛ علينا البحث عن بديل آخر مثال على هذا من الممكن عقد مؤتمر أو منتدى دولي لمناقشة هذه المسألة، علينا مناقشة ما الخيارات المتاحة فيما يخص شأن هؤلاء المرتزقة والتخلص من هذه المشكلة، ومن الممكن أن يكون تشكيل محكمة دولية مشتركة والوصول إلى خيارات عديدة، نحن نؤكد على ضرورة إيجاد صيغة مشتركة لحل هذه المشكلة الكبيرة.
في السابق دعونا كثيراً عبر وسائل الإعلام تلك الدول من أجل استلام مواطنيهم، كذلك دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دول التحالف والاتحاد الأوروبي إلى نقل هؤلاء المرتزقة، والنتيجة إنَّ جميع الدول الأوروبية ودول التحالف كان لها مواقف سلبية تجاه هذه القضية، جميع الدول الأوروبية رفضت استلام مواطنيها ولا ترغب في عودتهم إلى بلدانهم، لهذا علينا إيجاد بديل لهذه المشكلة وإيجاد صيغة مشتركة لحل هذه المعضلة.
ـ هل هناك قرار رسمي من قِبل الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا حول هذه القضية تحديدياً؟
نحن اليوم نناقش الخيارات والبدائل المتاحة، ولا يوجد أي قرار رسمي من قبلنا بهذا الصدد، كما أننا نواصل لقاءاتنا مع الأطراف المعنية، ما هو واضح اليوم أن داعش قُضي عليه من خلال الوصول إلى صيغة مشتركة للقضاء عليه انطلاقاً من فكرة مشتركة تؤكد خطورة داعش على الجميع، وعليه قضية المرتزقة المحتجزين هي نفسها مشكلة تخص الجميع ويجب إيجاد حل مشترك لهذه المشكلة أيضاً.
ـ إذا كان مقترح تشكيل المحكمة الدولية هو الخيار الأفضل، فهل من معايير خاصة تقدمونها لتشكيل هذه المحكمة؟
إذا تم تشكيل محكمة دولية فيجب أن تكون من خلال المجتمع الدولي، يجب أن تُشكل المحكمة والسجون من قِبل المجتمع الدولي وهذا هو الصواب، وكذلك على هذه الدول أن تتحمل مسؤولية تأمين الاحتياجات اليومية للمحتجزين، وكذلك يجب فتح مخيم من قبل المجتمع الدولي لعائلات المرتزقة وأن يتحملوا كامل المسؤولية تجاههم. لهذا؛ نؤكد على ضرورة عقد مؤتمر أو منتدى دولي لمناقشة هذا الموضوع بشكل معمق ومكثف، للوصول إلى حل، نحن نعلم أن هذا عبئ ثقيل ونحن غير قادرين على تحمله بمفردنا. وكذلك نؤكد أن بقاء هؤلاء في مناطقنا يشكّل تهديداً خطيراً لمناطقنا والعالم. لذا؛ من واجبنا جميعاً أن نبحث عن حل مشترك يناسب الجميع، بالنسبة لنا نحن نؤكد أن الحل الأفضل والأمثل هو أن تقوم هذه الدول باستلام مواطنيها ونقلهم إلى بلدانهم ومحاكمتهم هناك.