رفيق ابراهيم
بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من السعودية، رفع العقوبات على سوريا، باشرت وزارة الخزانة الأميركية، عن تخفيف للعقوبات المفروضة على سوريا، وخاصة فيما يخص قانون قيصر، لمدة 180 يوماً، مبدئياً، في خطوة أكدت التحول في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، ما قد يسهم في انتعاش الاقتصاد السوري، ولكنها لا تنهي التحديات والصعوبات التي تعترض الحلول السياسية والأمنية في سوريا.
وإذا ما عدنا إلى الوراء قليلاً، سنرى بأن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت قد أدرجت سوريا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، في العام 1979، ومع اندلاع الأزمة السورية 2011، فرضت عقوبات صارمة على العديد من المجالات والشخصيات السورية، طالت مسؤولي النظام والمقربين منه، وفي العام 2019، تبنت قانون قيصر، حيث فرضت عزلة تامة وخاصة على الاقتصاد.
وعلى ما يبدو أنَّ ترامب في ولايته الأولى، ليس كترامب في ولايته الحالية، حيث سيتم تعامله مع الملف السوري، لخلق توازن جديد، لدعم إعادة الاعمار، وتأهيل الاقتصاد السوري المدمر، وذلك بالضغط على حلفائه في المنطقة، وأيضاً خارج المنطقة، والوقوف في وجه الطموحات الروسية والإيرانية في الدخول إلى سوريا من هذا الباب.
القرار الأميركي، سيسمح الاستثمار في قطاعي النفط والغاز، ما يسمح بإعادة تأهيل البنية التحتية وجذب استثمارات جديدة لتطوير هذا القطاع الحيوي الهام، وعودة الروح إليه، وأيضاً في المجال المصرفي سيعيد نظام “سويفت” العالمي بما يعيد النظام المالي السوري إلى النظام المالي العالمي، كما سيكون لرفع العقوبات تأثير كبير، على إعادة الاعمار، عبر دخول شركات البناء والمقاولات العالمية إلى سوريا، بالطبع بعد توفير ضمانات أمنية، وتهيئة الظروف المناسبة لذلك.
ومن الأهمية بمكان، أن نذكر بالاتفاق الهام الذي وقعه القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، مع رئيس الحكومة السورية المؤقتة، أحمد الشرع، في آذار 2025، والتي سببت ارتياحاً كبيراً على المستوى الداخلي، والخارجي، لما لهذه الاتفاقية من أهمية كبرى، فيما لو طبقت بنودها من دون معوقات.
وتنتظر سلطة دمشق، العديد من التحديات، لعل من أبرزها الشعوب والأقليات، العرقية والدينية، كما أن هناك ملفاً يجب حله بأسرع وقت ممكن، وهو ملف الأجانب المتواجدين على الأرض السورية، كذلك، المطلوب من السلطات السورية، فتح الحوار مع إسرائيل، والتطبيع معها، كلها من الأمور الهامة التي يجب أن تتوقف عليها سلطات دمشق، وتخطو خطوات تجاه حلها.
بالمحصلة، رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، سيكون له تأثير إيجابي على الشعب السوري، وعلى جميع القطاعات، لكن، يجب أن تعلم السلطات في دمشق، أنها بداية الاختبار الحقيقي، لتطبيقها للشروط التي طلبت منها، ومن هنا فإن فالمطلوب من سلطة دمشق، إعادة صياغة، الإعلان الدستوري، والتوافق السياسي، مع الداخل السوري، بجميع أطيافه وأديانه وقومياته، والانخراط الحقيقي في عملية الحوار، بما يحقق للسوريين جميعاً، العيش بكرامة وحرية، ويخدم المصالح العليا للشعب السوري، وأيضاً، تحقيق مصالح الدول الفاعلة في الملف السوري، وبذلك فقط، يمكن أن تمضي أمريكا في وضع حجر الأساس لعلاقات مستدامة مع السلطات السورية.