روناهي/ تل حميس – الأم السورية، نبع الحنان ومعاني الصبر، تحمل بين ضلوعها شرف الأمومة وبطولة الوطن، فتضيء دروب الحياة رغم ظلام المحن، ففي كل زاوية من زوايا الحياة، هي الأم كشمس تنير الكون، وتبث الدفء في قلوب أبنائها.
الأم ليس فرداً في الأسرة فحسب، بل هي روحها ونبضها، وهي اليد التي تبني وتربي، والعقل الذي يخطط، والقلب الذي يغفر. في سوريا الأم ليست فقط رمزاً للحنان والعطاء، بل باتت أيقونة للصمود والتحدي في وجه كل ما مرّ على هذا الوطن من أحزان وآلام.
الثالث عشر من أيار يوم الأم السورية
ومن هنا، كان 13 أيار يوماً مميزاً في تقويم السوريين، حيث يحتفلون بيوم الأم السورية، تكريماً لهذا الكيان العظيم الذي جمع بين قوة الوطن وحنانه. هذا اليوم لا يقتصر فقط على التعبير عن الحب للأمهات، بل هو أيضاً شهادة حق على دور الأم السورية، في بناء المجتمع، وهي التي تجاوزت حدود الأسرة لتشمل الوطن بأسره.
الأم السورية هي القلب الذي ينبض حباً وعطاءً، وهي اليد التي تمتد لتزرع الخير في كل مكان، فمنذ اللحظة التي ترى فيها طفلها لأول مرة، تبدأ رحلتها في التضحية والبذل دون حدود، تسهر الليالي من أجل راحة أبنائها، وتتحمل المشاق لتضمن لهم حياة كريمة ومستقبلاً واعداً، ليست الأم مجرد حاضنة للطفل، بل هي المعلمة الأولى التي تغرس في نفوس أبنائها القيم النبيلة والمبادئ السامية.
يوم الأم السورية ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو وقفة حب ووفاء تجاه كل امرأة حملت على عاتقها مسؤولية بناء جيل جديد، إنه يوم للاعتراف بعظمة ما تقدمه الأم السورية، التي لا تعرف معنى الكلل أو الملل، هذا اليوم، الذي يتزامن مع يوم المرأة السورية في 13 أيار، له خصوصية استثنائية، فهو يجمع بين الأمومة والوطنية، ليصبح رمزاً لصمود المرأة السورية، التي أثبتت أنها قادرة على مواجهة أقسى الظروف، وهي الأمل الراسخ بين عيون أبنائها.
التحديات التي واجهت الأم السورية على مر السنوات
فلا يمكن الحديث عن الأم السورية دون التطرق إلى التحديات التي واجهتها على مر السنوات، فقد عانت المرأة السورية خلال الثورة من فقد الأحبة، وصبرت على التهجير والنفي، وتحملت أعباء الحرب وويلاتها، ورغم كل ذلك، استطاعت أن تكون السند لعائلتها، وأن تبني جسور الأمل وسط الركام، الأم السورية لم تكن يوماً مجرد متفرجة على الأحداث، بل كانت دائماً في صلبها، فقدمت الغالي والنفيس من أجل حرية الوطن، ومُثِّلت رمزاً للقوة والصبر في كل مراحل الأزمة السورية.
الأم السورية ليست فقط أماً لأبنائها، بل هي أم للوطن بأكمله، فهي المعلمة التي تربي أجيالاً واعية، والطبيبة التي تداوي جراح المرضى، والعاملة التي تسهم في دفع عجلة الاقتصاد، والقائدة التي تشارك في صنع القرارات المصيرية، ففي كل مجال من مجالات الحياة، تثبت المرأة السورية حضورها ودورها الكبير الذي لا يقتصر على العمل داخل المنزل فقط، بل يمتد ليشمل المجتمع.
يوم الأم العالمي
يوم الأم هو مناسبة عالمية تحتفل بها الشعوب تكريماً لدور الأم في حياتنا، لكن عندما يتعلق الأمر بسوريا، فإن لهذا اليوم طابعاً خاصاً. فهذا اليوم ليس تكريما للأم فقط، بل هو رمز للعطاء والحنان، يحتفل العالم به تقديراً لمقاومتها وصمودها، ويكرم تضحياتها التي قدمتها من أجل أسرتها ووطنها، الأم السورية ليست فقط من تحملت أعباء الحياة، بل هي من واجهت المحن بابتسامة، وحولت الألم إلى طاقة إيجابية لبناء مستقبل أفضل.
ولا يسعنا أن نقول: إن الحديث عن الأم السورية هو حديث عن مدرسة للحياة، هي التي تعلمنا كيف نحب بلا شروط، ونضحي بلا انتظار للمقابل، يوم الأم السورية ليس احتفالاً عابراً، بل هو لحظة للتأمل في عظمة هذا الكيان الذي يجمع بين الحنان والقوة في آن واحد، ففي الثالث عشر من شهر أيار من كل عام، نقف جميعاً لننحني احتراماً لكل أم سورية، حملت على عاتقها مسؤولية الأسرة والمجتمع، وقدمت أبناءها شهداء فداءً للوطن. فلنكرم أمهاتنا ليس فقط بالكلمات، بل بالعمل على بناء مجتمع يليق بتضحياتهن. الأم السورية ستبقى دائماً مصدر النور الذي لا ينطفئ، وستظل رمزاً خالداً للعطاء والصبر.