روناهي/ الرقة ـ مع اقتراب امتحانات الشهادة الثانوية وازدياد معاناة الطلاب في مدينة الرقة، تبرز الأصوات المطالبة بضرورة إنشاء مراكز امتحانية داخل المدينة نفسها، بدلاً من اضطرارهم إلى السفر لمسافات طويلة إلى مناطق أخرى كـ “معدان والسبخة” لتقديم امتحاناتهم.
يضطر الطلاب وأهاليهم للانطلاق في رحلات شاقة خلال ساعات الفجر الأولى، ما ينعكس سلباً على تركيزهم واستعدادهم النفسي والجسدي لتقديم الامتحانات، في وقت يعد فيه الأداء في هذه الامتحانات مفصلاً في مستقبلهم الدراسي والمهني.
معاناة الطلاب
وتبدأ المعاناة من تسجيل الامتحانات نفسها، إذ يضطر العديد من الطلاب إلى السفر خارج المدينة وسط ازدحام كبير في المواصلات ودرجات حرارة مرتفعة، ناهيك عن التكاليف الباهظة لاستئجار المواصلات والانتظار ساعات طويلة قبل الوصول إلى المراكز، حيث دفع هذا الواقع بعض الطلاب للعزوف عن التسجيل نتيجة الصعوبات المتراكمة، ما يهدد حرمانهم فرصتهم السنوية.
وفي السياق، التقت صحيفتنا “روناهي” الطالب “محمد عباس“، وهو في الفرع العلمي، حيث وصف رحلته إلى مركزه الامتحاني: “أنا طالب علمي، خرجت من المنزل في الساعة واحدة بالليل، ووصلت إلى المركز الساعة السابعة صباحا، هذا كله قبل موعد الامتحان!، فالتعب النفسي والبدني له تأثير كبير علينا وعلى نفسيتنا نحن الطلاب”.
وتابع عباس بحرقة: “نحن طلاب مدينة الرقة، لم نطلب شيئاً مستحيلاً، فقط نريد الذهاب إلى مراكزنا في مدينتنا كباقي الطلاب في المدن الأخرى”، مضيفاً: “فالفرق كبير بين الطالب الذي يخرج في الساعة السابعة صباحاً، وطالب يضطر للسهر طوال الليل لأجل اللحاق بمركزه وتقديم امتحانه”.
أما “عبد الله عثمان“، وهو أيضاً طالب بكالوريا علمي، فقد أوضح حجم الإرهاق الذي يواجهه الطلاب قبل وصولهم إلى مقاعد الامتحان: “إن رحلة الطريق وحدها تستهلك وقت الطالب وطاقة دراسته، فالطريق لمعدان يأخذ ساعات، ويكون مليئاً بزحمة الطلاب والسرافيس”.
متسائلاً: “كيف سيركز الطالب بعد كل هذا العناء ومشقة الطريق؟ فإننا نصحو مع الفجر، ونصل مجهدين بعد مشقة طويلة”.
ويعدُّ “عثمان” هذا الإجراء مجحفاً بحق طلاب الرقة، الذين لا يملكون خياراً آخر سوى تحمل المشاق أو فقدان فرصتهم بالامتحان.
ومن جانبه، أبدى الطالب “أحمد إبراهيم العلي” استغرابه من القرار بعدم فتح مراكز امتحانية في مدينة الرقة، رغم أن هيئة التربية بالرقة فتحت باب التسجيل فيها سابقاً: “نحن طلاب الرقة عانينا كثيراً، وبعد أن تحررت مدينتنا، توقعنا أن نقدم امتحاناتنا ضمنها، لكن فجأة تم توقيف التسجيل فيها ليحول إلى منطقة المعدان”، مضيفاً، فالكثير من الطلاب لم يستطيعوا التسجيل بسبب الزحمة.
واختتم الطالب “أحمد إبراهيم العلي”: “ففي كل مرة نخرج على الطريق نخاف أن نضيع السرفيس أو نتأخر، فلا نطلب شيئاً سوى أن ننام مرتاحين قبل الامتحان، ونقدم ضمن مدارس مدينتنا”.
يشار، أنه رغم هذه المعاناة المستمرة، تشير المعلومات إلى أن هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الرقة بدأت فعلياً تجهيز عدد من المراكز الامتحانية داخل المدينة، فتم تهيئة بعض المدارس لتكون مراكز مؤقتة للثانوية العامة، وتوفير كوادر مراقبة وتنسيق أمني، في انتظار الموافقة النهائية من الجهات العليا. لكن؛ وحتى هذه اللحظة، لم يصدر أي قرار رسمي من وزارة التربية التابعة لسلطة دمشق يسمح بإنشاء هذه المراكز داخل الرقة، وهذا الغياب في القرار يترك آلاف الطلاب في حالة من التوتر، وسط غموض يلف مصير امتحاناتهم. ويخشى الطلاب أن يفاجؤوا في الأيام الأخيرة قبل الامتحان باضطرارهم للسفر مجدداً لمناطق بعيدة دون أدنى مراعاة لظروفهم النفسية والجسدية.
فيما تستعد بعض المناطق السورية لتقديم امتحاناتها بهدوء داخل مدنها، لا تزال مطالب طلاب الرقة معلّقة بانتظار أن تجد آذاناً صاغية. هم فقط يريدون التقديم في مدينتهم، دون أن تصبح الامتحانات معركة إضافية على طريق التعليم.