إعداد/ دلير حسن ـ إن حصول خلافات بين لاعبي الفريق الواحد من الأمور العادية، إن كان أثناء الحصص التدريبية أو أثناء المباريات، ولكن ينعكس ذلك سلباً على الفريق ونتائجه.
كلنا نعلم إذا حدث خلاف بين أبناء الأسرة الواحدة يخلق احتقاناً ضمن العائلة، ويهدد اتزان منزلها، وفي عالم الرياضة يتطلب أن يكون الفريق بالكامل يداً واحدة وعائلة واحدة حتى يحصد الفريق ما يتمناه، وهذه المرة سنتناول أهمية نبذ الخلافات في الفريق الواحد، والتي تحصل بين اللاعبين أنفسهم، وذلك من خلال الحصص التدريبية أو المباريات، حيث يحدث سوء تفاهم بين بعض اللاعبين، ولكن قد يتطور الأمر للتلاسن، وتبادل الشتائم والضرب!، وهنا تظهر أجواء سلبية، وتنعكس بكل تأكيد على الفريق كله، وخاصةً لو كان في الحصة التدريبية الأخيرة قبل المباراة، لأن الحالة النفسية للاعبين واتفاقهم من أهم مقاومات تحقيق النتائج الطيبة للفريق، وفي حال العكس فالنتائج ستكون سلبية بكل تأكيد.
وحصول العداوة والخلافات بين اللاعبين تتعدد أسبابها، ومنها تأتي بدافع الغيرة، فيجد لاعب أنه يستحق أن يكون أساسياً في تشكيلة الفريق، ولكنه جالس على دكة الاحتياط، ويرى في زميله الذي يلعب بمركزه بأنه غير مؤهل أن يكون أساسياً، وحتى لو كان هو على صواب، فلا يجوز له أن يصبح ذلك خلافاً، وأن يأخذ موقفاً منه، فالمدرب له نظرته في قضية التشكيلة الأساسية والاحتياطية، وفي حال وجد بأنه يظلم يستطيع تغيير الفريق دون اللجوء إلى المحاولة للوصول للتشكيلة الأساسية من خلال خلق الخلافات، والمشاكل مع اللاعبين.
طرحنا هذه القضية لأنها هامة، وهي منتشرة لدى العديد من الفرق بمناطقنا، وهذه الخلافات لعبت دوراً كبيراً في عدم تطور هذه الفرق، وفشل تحقيق نتائج إيجابية، علماً أن القضية ليست محلية عند فرق المنطقة فقط، بل هي قضية متشعبة عالمياً، فهناك عشرات الحالات التي ظهرت عالمياً، وعلى سبيل المثال قبل أكثر من عشرة أعوام اشتهر اللاعب جوي بارتون نجم الكرة الإنكليزية وقتها واحداً من اللاعبين المعروفين بعداواته الكثيرة، فهذا اللاعب الملقب “بالفتى السيء” في إنكلترا ذلك الحين، اشتهرت مسيرته الكروية بالعدائية أكثر من التألق فوق الميادين، وتعدت تصرفاته من تشكيل عداوات عبر التصريحات إلى الضرب والتعنيف، ولعل حادثة إطفاء سيجارة مشتعلة في عين زميله جامي تاندي في مانشستر سيتي، إلى جانب إصابة زميله الآخر عثمان دابو على مستوى العين، وما نتج عنها من أحكام بالسجن في حقه أبرز دليل على الصورة السيئة التي ميزت مشواره في الملاعب الإنكليزية.
رغم محاولات بارتون لتلميع صورته أمام أعين العالم، من خلال اعترافه بالخطأ في كثير من العداوات، التي شكلها مع لاعبي الدوري الإنكليزي، إلا أن ذلك لم يكن الحقيقة المطلقة، لأن اللاعب نفسه رحل إلى الدوري الفرنسي في صيف 2012 وبقي بالطباع التي ميزته في بلده، والدليل أن الفترة التي قضاها مع أولمبيك مرسيليا ورغم قصرها، أثبتت أنه لاعب عدائي ويتحين الفرص لتشكيل عداوات مع اللاعبين الآخرين، والدليل تهجمه على نجمي البياسجي تياغو سيلفا وزلاتان إبراهيموفيتش، حين وصف الأول بألقاب نابية، وسخر من أنف الثاني، هذا الأمر ولد تذمراً واسعاً من هذين النجمين، خاصة سيلفا الذي ذاق ذرعاً من تصريحات بارتون غير المسؤولة.
وقد تشهد مباريات كرة القدم مشاجرات تصل للتشابك بالأيدي بين لاعبي الفريقين، لكن المشهد غير المعتاد، هو اشتباك الزملاء في الفريق الواحد. الندية والرغبة في الفوز، هما السبب الرئيسي لمشاجرات الملاعب، فيما قد تقف أسباب أخرى وراء مشاجرات الزملاء، على رأسها اختلاف وجهات النظر فيما يتعلق بطريقة اللعب، أو تجاهل لاعب التمرير لزميله.
ومن خلال تقارير صحفية سابقة فقد ظهرت أشهر خمس مشاجرات بين لاعبين ضمن الفريق الواحد، وحتى منها كانت ضمن مونديال كأس العالم، وكل ذلك يدل على مدى أهمية القضية التي نتناولها وضرورة أن تتصافى القلوب بين اللاعبين، وذلك من أجل مصلحة الفريق والنادي وحتى المنتخبات الوطنية، بينما نسرد لكم أهم خمس وقائع مشهورة حصلت بمشاجرات بين اللاعبين من الفريق نفسه.
واقعة مؤسفة في المونديال
شهدت مباراة البرتغال وإيران في كأس العالم 2018 واقعة غريبة وغير معتادة في المونديال، حيث تشاجر حارس المنتخب الإيراني مع أحد مدافعيه. المدافع حاول إبعاد تسديدة لمنتخب البرتغال، لكنه تصرف بتهور وكان قريبا من إصابة الحارس، الذي انفعل عليه ودفعه بقوة، قبل أن يتدخل باقي زملائهما للفصل بينهما.
جروبيلار ضد مكمانمان
في موسم 1993 – 1994 اشتبك الزيمبابوي بروس جروبيلار، حارس ليفربول الأسبق، مع ستيف مكمانمان، نجم الليفر الشاب وقتها، بسبب خطأ ارتكبه الأخير، تسبب في استقبال “الريدز” هدفاً أمام الغريم إيفرتون في مباراة ديربي الميرسيسايد بالدوري الإنكليزي. جروبيلار أخذ يصرخ على زميله الشاب، وتبادل اللاعبان الضربات قبل أن ينسحب مكمانمان صاحب الـ21 عاماً وقتها من أمام الحارس المخضرم.
من الجدير بالذكر، أن تلك الواقعة، التي صنفت بواحدة من أشهر المشاجرات في تاريخ الدوري الإنكليزي، جاءت بعد عامين من اشتباك آخر بين جروبيلار ضد مكمانمان داخل غرفة ملابس ليفربول.
في المباريات الودية
في مباراة ودية تحضيرية قبل بداية الموسم بين ملقا الإسباني وزينيت الروسي عام 2007، اشتبك فلاديسلاف راديموف وفرناندو ريكسن، ثنائي الأخير، في الدقائق الأخيرة من المباراة، وذلك أثناء تنفيذ ركلة ركنية.
لم ينته الأمر بطرد الثنائي من المباراة، حيث كان ريكسن لا يزال متحمساً لمواصلة الشجار، واتجه إلى زميله راديموف، واضطر المدير ديك أدفوكات إلى التدخل والفصل بينهما. وفي وقت لاحق اعتذر اللاعبان عن الحادث، وأكدا أنهما حسما خلافاتهما.
شجار بلا كرة
شهدت مباراة بين أستون فيلا ونيوكاسل يونايتد عام 2005 شجاراً غريباً بين لي بوير وكيرون داير ثنائي “الماجبايس”، ولم يكن هناك سبب واضح للشجار، حيث إن الكرة كانت بعيدة عنهما. داير وبوير تبادلا اللكمات بشكل عنيف، وتمزق قميص اللاعب الثاني، قبل أن يتدخل لاعبو الفريقين من أجل الفصل بينهما، وقرر الحكم طردهما من اللقاء، ليتأزم موقف نيوكاسل الذي كان متأخراً بثلاثية دون رد.
وفي 2014، بعد تسع سنوات من الواقعة، روى داير ما حدث مع زميله، حيث قال: “أثناء المباراة وصلت الكرة لي، وكان بوير قريباً مني وطلب الكرة، لكنني مررتها لزميل آخر، وبعد خمس دقائق تكرر الأمر، فصاح في وجهي لأرد عليه بالكثير من السباب”.
وأتم: “فقد بوير عقله وتوجه نحوي، كنت أعتقد أنه سيقوم بدفعي، لكنه أمطرني باللكمات، وقلت حينها: إن هذا لا يمكن أن يحدث لي أمام 50 ألف متفرج”.
سوء تفاهم
في عام 1995 تشاجر جرايم لي سو لاعب بلاكبيرن روفرز الإنكليزي مع زميله ديفيد باتي، في مباراة ضد سبارتاك موسكو الروسي بدوري أبطال أوروبا.
سبب الشجار، أن الثنائي اتجها في الوقت نفسه للحاق بالكرة قبل خروجها من الملعب، ليصطدما ببعضهما؛ ما فجّر الخلاف بينهما، ليتبادلا اللكمات، قبل أن يتدخل قائد الفريق للفصل بينهما.
إن ظهور المشاجرات والخلافات بين اللاعبين من الفريق الواحد لها انعكاساتها السلبية على الفريق، وخاصةً كما ذكرنا لو كان ذلك أثناء البطولات الهامة، ويتطلب من المدربين والإداريين والزملاء في الفريق العمل على ترطيب الأجواء بين من يوجد بينهم خلافات، ومحاولة حلها، فالتوافق والاتفاق بين الفريق الواحد أمراً لا بد منه، وإلا النتائج لن تكون كما تطلب، وستكون النتائج وخيمة على الفريق وعلى مسيرته الكروية بالكامل.