فاتن أزدحمد
في صمتٍ ثقيل ومؤلم، يتوقف برنامج رياض الأطفال الممول من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) والذي يغطي ما يقارب 50 روضة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، هذا القرار لا يُغلق بابًا صغيرًا فقط، بل يغلق أفقًا تعليميًا وإنسانيًا وأخلاقيًا لآلاف الأطفال الفلسطينيين، ويقوّض حقهم الأساسي في التعليم، في بلد لا تبدأ فيه العملية التعليمية الرسمية قبل الصف الأول الأساسي.
في ظل غياب الروضات في نظام الأونروا، وتقصير الدولة اللبنانية في دمج اللاجئين الفلسطينيين ضمن السياسات التعليمية الوطنية، أصبحت رياض الأطفال التي تمولها أو تدعمها مؤسسات شريكة لليونيسف الملاذ الوحيد لهؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وست سنوات.
القرار على الأطفال.. “حقٌ يُهدد من المهد”
– الحق في التعليم المبكر، المُعترف به في اتفاقية حقوق الطفل (المادة 28 و29)، يُنتَهك بشكل مباشر.
– حرمان آلاف الأطفال من فرص التنشئة الاجتماعية والتهيئة المدرسية السليمة.
– فقدان بيئة آمنة تعزز مهارات الطفل العقلية والعاطفية والسلوكية.
– تضاعف خطر التسرب المدرسي في المستقبل، نتيجة غياب مرحلة التأسيس.
– زيادة العزلة النفسية والاجتماعية للأطفال في بيئات تفتقر للمرافق العامة.
القرار على المعلمات الفلسطينيات.. تهميش مزدوج
– عشرات المعلمات الفلسطينيات يفقدن مصدر رزقهن الوحيد في ظل حرمان قانوني من العمل في معظم المهن في لبنان.
– تفاقم الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية للنساء الفلسطينيات، ما ينعكس على أسر بأكملها.
– ضياع جهود تدريبية ومهنية استمرت لسنوات في إعداد طواقم تعليمية مؤهلة.
الحلول الممكنة.. نحو استرداد الحق والكرامة
1ـ إعادة إدراج التعليم المبكر ضمن أولويات اليونيسف والشركاء الدوليين، باعتباره ضرورة إنسانية لا ترفًا تنمويًا.
2ـ إنشاء صندوق طوارئ تعليمية لرياض الأطفال في المخيمات الفلسطينية، يُدار بالشراكة مع منظمات المجتمع المحلي.
3ـ الضغط الحقوقي والإعلامي على الجهات المانحة للوفاء بالتزاماتها تجاه الطفولة الفلسطينية.
4ـ مناصرة دمج مرحلة رياض الأطفال ضمن خدمات الأونروا التعليمية بشكل رسمي ومستدام.
5ـ إطلاق حملات مناصرة تقودها الأمهات والمعلمات في المخيمات، بالتعاون مع مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية.
لا تعليم بدون كرامة
إن التعليم ليس امتيازًا، بل حق أساسي لا يسقط بالتمويل، ولا يُجمّد بسبب سياسات دولية متقلبة. وقف دعم رياض الأطفال في مخيمات لبنان يعني أن آلاف الأطفال سيبدؤون حياتهم التعليمية متأخرين، متخبطين، وربما لا يبدؤونها أبدًا. وأن عشرات النساء سيجدن أنفسهن على هامش المجتمع مرة أخرى، لا لذنب سوى أنهن فلسطينيات لاجئات.
النداء الآن إلى اليونيسف، وإلى المانحين، وإلى الضمير الإنساني العالمي لا تتركوا الطفولة الفلسطينية في العراء.