قامشلو/ سلافا عثمان – انطلقت الأربعاء، الثالث والعشرين من نيسان الجاري، فعاليات مهرجان الربيع في دورته الثالثة في جامعة روج آفا، بمشاركة واسعة من طلاب وطالبات السكن الجامعي، وسط أجواء مليئة بالحيوية والتفاعل، حيث يُعد المهرجان مناسبة سنوية تجمع الطلبة في فضاء من الفرح والإبداع، تتنوع فيه الفعاليات الفنية والثقافية والاجتماعية، ليشكّل منصة لتعزيز روح الجماعة والتنوع الثقافي.
من بين الفعاليات اللافتة في اليوم الأول من المهرجان كانت “مسابقة أفضل وجبة طعام”، التي استقطبت اهتماماً واسعاً من الحضور والمشاركين على حد سواء، تنافست في هذه المسابقة سبعة مجموعات طلابية، ضمّت فرقاً من الطلاب والطالبات، إضافة إلى فريق خاص بالمعلمات، وقد تنوعت الأطباق التي تم إعدادها من حيث النكهات والمكونات والثقافات التي تمثلها، وقد وفّرت إدارة الجامعة كافة المستلزمات اللازمة للطبخ، في خطوة تعكس دعمها للمواهب الشابة وتشجيعها للإبداع الطلابي، كما أبدت حرصها على تعزيز أواصر التفاعل والمشاركة بين مختلف مكونات المجتمع الجامعي.
الروح الجماعية بإعداد الأطعمة
وبرزت “كزيزا بهاري” في فعاليات مهرجان الربيع في جامعة روج آفا ومن الفرق الطلابية التي جمعت بين المهارة، وروح الجماعة، وكانت الفرقة مكونة من سبع طالبات طموحات، جمعهن حبهنَّ فن الطهو، وقررن خوض غمار المسابقة بطبقين مميزين “الكبسة والبروستد”، ورغم بساطة الأطباق، فقد أبدعن في تقديمها بطريقة فنية تنمّ عن فهم حقيقي للنكهات، وتناسق المكونات، وهذه المشاركة كانت الأولى للفريق.
وفي السياق، أوضحت إحدى عضوات الفريق الطالبة “ديلان مجيد” لصحيفتنا “روناهي”، أن المشاركة في المهرجان هي فرصة لبناء علاقات جديدة وتبادل الثقافات، كما أنها مساحة للتعبير عن الذات من خلال الطعام: “ساهم العمل الجماعي والتخطيط المسبق في نجاحنا، خاصة في أجواء يغلب عليها التفاعل والحماس، فقد لاقت أطباقنا استحساناً واسعاً من الحضور، لما حملته من نكهات شهية وتقديم متميز”.
نكهة التراث على مائدة الربيع
وفي جو يفيض بعبق الموروث، شاركت فرقة طلابية أخرى في مهرجان جامعة روج آفا، حيث اختارت أن تعبّر عن ثقافتها من خلال أطباق تقليدية شهيرة في المطبخ الشرقي، وضمّت الفرقة سبع طالبات قدّمن طبق “المندي”، إلى جانب المحشي بأنواعه المختلفة، من بينها “الكوسا وورق العنب”، ولم تكن مشاركتهن مجرد تجربة طهو عادية، بل كانت عرضاً حيّاً لذاكرة الطفولة وروح المطبخ العائلي، حيث استعاد الحضور لحظات الدفء التي تجمع العائلة حول مائدة الطعام.
حيث بينت الطالبة “فاطمة عبد الباقي“، التي تحدّثت باسم الفريق، أن هذه هي المرة الأولى التي تكون بمشاركة طهاة في مسابقة الجامعة، لكنها كانت تجربة غنية بالمشاعر والدروس.
كما أبرزت، أهمية العمل الجماعي ودور كل عضوة في نجاح المشاركة، وأنهن استمتعن بكل لحظة، من التحضير وحتى التقديم، وقد لاقت أطباقهن إعجاب الجمهور، لما تحمله من نكهات أصيلة تُعيد إلى الأذهان، وصفات الجدات وتقاليد الطهو في البيوت الشرقية، فقد تميزت هذه الفعالية بروح من التنوع والتعاون، حيث لم تكن المنافسة هدفاً، بل كانت وسيلة لإبراز الهوية الثقافية والجماعية التي تنبع من المطبخ كجزء أساسي من الذاكرة الشعبية.
واختتمت الطالبة “فاطمة عبد الباقي”: “تحوّلت مسابقة الطبخ إلى لوحة فسيفسائية، تعبّر عن وحدة تنبض بالحياة، قادمة من خلفيات مختلفة، لكن يجمعها شغف واحد (الطهو، والاحتفال بالثقافة)”.
الطهو وثقافة الشعوب
ومن جانبها أكدت نائبة الرئاسة في جامعة روج آفا لشؤون الطلاب، “أفين أحمد“، إن مهرجان الربيع يشكل جزءاً من الحياة الجامعية، إذ يُقام للسنة الثالثة على التوالي، بهدف ترسيخ هذه الفعالية كثقافة عامة داخل الجامعة، والمهرجان لا يقتصر على الجانب الترفيهي فحسب، بل يحمل رسالة واضحة وهي إبراز “الوجه الآخر للطالب”، الوجه الذي يتجاوز حدود الصف والامتحانات، ليشمل الإبداع الفني والثقافي والرياضي.
وأضافت: “أردنا من خلال هذا المهرجان أن نُظهر بأن الطالب ليس فقط مكرّساً للدراسة والعلوم، بل يحمل في داخله طاقات فنية تستحق أن تُحتفى وتُشجّع”.
وأشارت إلى تنوع الفعاليات المقامة خلال المهرجان، مثل المسابقات الرياضية الصغيرة، ومسابقات الطبخ، والأسئلة والأجوبة، والغناء، والشعر، والرسم.
كما شاركت أفين بنفسها بفريق الطهو، الذي ضم عدداً من معلمي الكليات وسكّان السكن الجامعي، وتحدثت عن روح التعاون التي سادت الفريق: “لم نشارك من أجل الفوز، بل لأجل الترفيه ورفع معنويات الطلبة، ولنعطي مثالاً على أن المدرسين والموظفين أيضاً يمكن أن يكونوا جزءاً من هذه الأجواء”.
وقد أعدّ الفريق مجموعة من الأطباق، “منها شيش برك، وملوخية، وورق عنب”، فيما حالت قلة بعض المواد دون إعداد طبق الكريسبي كما كان مخططاً، حيث أوضحت أفين أن الطعام سيُقدّم للضيوف والزوار، وذلك بهدف تعزيز ثقافة المشاركة والانفتاح داخل المجتمع الجامعي: “نريد أن يعتاد الطلاب هذه الروح، أن يشعروا أن الجامعة ليست فقط مكاناً للدراسة، بل أيضاً مساحة التواصل”.
واختتمت نائبة الرئاسة في جامعة روج آفا لشؤون الطلاب، “أفين أحمد” حديثها بالتأكيد على أهمية مثل هذه المبادرات في خلق بيئة جامعية متكاملة: “إن الفعالية ستُختتم بتقييم رمزي للأطباق، ليس بقصد التنافس، بل بهدف التحفيز والدعم”، مؤكدةً، أن النجاح الحقيقي يكمن في الحضور والتفاعل، لا في الفوز فقط.
يذكر، أنه يُقام مهرجان الربيع بشكل سنوي في جامعة روج آفا، بهدف تشجيع الطلاب إلى إطلاق طاقاتهم الإبداعية، وتطوير مهاراتهم في مختلف المجالات، إضافة إلى كسر الروتين الدراسي وخلق بيئة جامعية نابضة بالحياة، ومن المقرر أن تختتم فعاليات المهرجان بتوزيع الجوائز على الفرق الفائزة في مختلف المسابقات، تقديراً لمشاركتهم الفاعلة في نجاح هذا الحدث الطلابي المميز.