محمد العزو
يقول العامة من الناس: “حلب أم المحاشي والكبب”، ويرى المهذبون: أن “حلب ليست أم المحاشي والكبب” بل هي أم “عبد الرحمن الكواكبي، أم خير الدين الأسدي، أم محمد قجة”، أم العلماء والكتاب والشعراء واللغة”، و”حلب” مشهورة بمطبخها الشهير، وهذا شأن المدن التي تجاور بلدان مشهورة بمطبخها، فحلب تجاور “تركيا” ذات المطبخ الذواق فهي أي “حلب” هي البوابة الرئيسة المنفتحة على “تركيا وأوروبا” تستقبل رياح الشمال المنعشة وزخرفة التجارة الدولية عبر العصور التاريخية المختلفة.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما أصل التسمية ومن أين جاءت؟ ذُكرت “حلب” باسمها هذا لأول مرة عام/1800/ق.م. وفي مملكة “إيبلا” السورية التي زودتنا بمعلومات جوهرية عن هذه المدينة إذ تشير الكتابات المسمارية المكتشفة في “إيبلا تل مرديخ”، وفي الألف الثالث ق.م، أن “حلب” كانت تسمى “أرمان وهليا”، وفي الحوليات “الآشورية” تشير الكتابات والنصوص “الآشورية” إلى أن اسم “حلب” كان “خلابا وخلوان”، وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد كان اسمها “خرب وخلبو”.
بعد الفتوحات الهلنستية على يد (الإسكندر المقدوني) وانقسام مملكته عرفت “حلب” باسم هلنستي جديد “بيروا” على اسم مسقط رأس والد “الإسكندر”، وظلت تُعرف بهذا الاسم في العصور: “اليونانية والرومانية والبيزنطية” وتشير المصادر التاريخية، أن من أعاد بناء المدينة الإمبراطور اليوناني: “سلوقوس نيكاتور”، وهو الذي شيد مدينة “الرقة = نيكوفوريون” عام /284/ ق.م.
في الفترة التي صارت فيها مدينة “حلب” عاصمة لمملكة “يمحاض الأمورية” عام/1800/ق.م سميت بـ “حلب” (حلبا) والكلمة “سريانية” الأصل، وتعني المدينة البيضاء لشدة صخرها وتربتها، وهذا ما نراه اليوم، وذكر البعض من المؤرخين، إنها “آرامية”. بعض علماء الآثار الغربيون قالوا إن اسم “حلب” ينحدر من أصل سامي، قُصد به وصف موقع معبد إله العاصفة “حدد” المشهور في الشرق الأدنى، وقد تم العثور على مكان هذا الإله في أواخر القرن العشرين الميلادي المنصرم، وهي أجزاء أثرية بسيطة ما بقيت منه مدفونة في قلعة “حلب”.. وتعد “حلب” من أقدم المدن المأهولة السكان في التاريخ، ويقول المؤرخون: إن سكانها الأوائل في البدايات شيدوا منازلهم فوق قمة تل يقع في وسط المدينة الحديثة.