رغم المحاولات المستمرة لمحو الهوية الثقافية والفنية لشعب كردستان، تبرز مدينة مريوان في محافظة “سنه” بروجهلات كردستان (شرق كردستان) إحدى أبرز المدن التي تواجه هذه التحديات بعزم وإصرار. حيث تواصل النساء جهودهن الكبيرة في الحفاظ على التراث الكردي من خلال مشاركتهن الفاعلة في المجموعات الفنية المحلية التي تسعى لتقديم الفن والموسيقا الكردية الأصيلة للعالم.
تعد مدينة مريوان واحدة من أبرز مدن روجهلات كردستان، حيث يتحدث سكانها باللهجات الكردية السورانية والبابانية، بالإضافة إلى لهجة “هورامية”. ورغم أن المدينة صغيرة مقارنة ببعض المدن الأخرى في المنطقة، فإنها تتمتع بتراث ثقافي وفني غني، فقد شهدت العديد من الشخصيات الفنية المبدعة، التي ساهمت في تعزيز الثقافة والفن الكردي. في الوقت الحالي، تواصل هذه المدينة تعزيز مكانتها أحد مراكز الفنون في المنطقة، على الرغم من التحديات التي تواجهها.
ومن أبرز المجموعات الفنية، التي نشأت في مدينة مريوان هي “المجموعة الفنية الوطنية”، التي تضم أكثر من 15 مغنية وموسيقياً، حيث يشارك العديد من أعضاء المجموعة الذين ينتمون في الغالب إلى النساء في تقديم العروض الفنية التي تروج للثقافة والفن الكردي. وفي مقدمة هؤلاء الفنانين يأتي “شورش زاده”، الذي هو من أبرز المعلمين في مجال الفن والموسيقا في المدينة. إذ يمتلك أكثر من 24 عامًا من الخبرة في هذا المجال، ولديه 12 عامًا من العمل المتواصل في تأسيس “المجموعة الفنية الوطنية”. هذه المجموعة تعتبر من أهم المنظمات الفنية التي تضم العديد من الشباب والنساء الذين ساهموا في إنتاج العديد من الأعمال الفنية التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الكردي.
ورغم أن مدينة مريوان تمتلك إرثًا غنيًا في مجال الموسيقا والفلكلور الكردي، خاصة في المناطق التي تتحدث اللهجات الكردية المحلية مثل الهورامية، إلا أن المدينة تواجه تحديات كبيرة في تطوير هذا الفن. فقد عانت المدينة من نقص في دعم الأكاديميات الموسيقية والفنية المتطورة؛ ما أثر على تطور الفن والموسيقا بشكل عام في المنطقة. ويعود ذلك إلى العديد من العوامل الثقافية والاجتماعية التي تحيط بالمدينة، ما جعل النمو الفني والموسيقي في مريوان يسير ببطء.
لفتت وكالة روج نيوز في تقرير خاص لها على دور المرأة وبأنه رغم التحديات، تتمسك بفنها، فإن النساء في مريوان قد تمكن من التغلب على العديد من الصعوبات، حيث تمكنت العديد منهن من تطوير مهاراتهن الفنية وتنظيم فعاليات ثقافية وفنية متنوعة، مما ساهم في الحفاظ على الهوية الكردية في هذا المجال. فالنساء في المدينة يواصلن تقديم أعمال فنية تُظهر الجمال الفريد للثقافة والفن الكردي. ويساهم هذا الجهد النسائي في إحياء التراث الموسيقي والفني الكردي ونشره في مختلف الأماكن.
وبالرغم من قلة الدعم المؤسساتي، فإن مدينة مريوان تبقى منارة للفن الكردي ومصدر إلهام للكثير من الفنانين المحليين. ويبقى الأمل أن تستمر هذه الجهود في تحفيز الأجيال الجديدة على الحفاظ على التراث الموسيقي والفني الكردي، والمساهمة في استدامته وتطويره. إذ يُعدّ العمل الفني للفنانات في مريوان مصدر فخر، ويعكس مدى إصرارهن على الحفاظ على ثقافتهن وهويتهن الفنية في مواجهة التحديات كافة.
إن هذه الجهود التي تبذلها النساء في مدينة مريوان تؤكد أهمية الفن والموسيقا كجزء لا يتجزأ من الهوية الكردية، كما أنها تشكل نموذجًا حيًا للعزيمة والإصرار على المحافظة على التراث في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة.