روناهي/ دير الزور ـ الكليجة ليست مجرد حلوى لأهالي دير الزور، فهي رمز للتراث وعنوان للكرم، وحكاية تروى عبر الأجيال، لتصبح طقساً اجتماعياً متأصلاً في المناسبات والأعياد، تتجمع العائلات لصنعها وتبادلها مرسخة بذلك روابط اجتماعية قوية.
لكل عائلة في دير الزور لمستها الخاصة في إعداد الكليجة، فتتنوع طرق التحضير وتختلف أسرار التوابل، مما يُضفي عليها طابعاً شخصياً يُميّز كل بيت. من قوالب الخشب المنقوشة التي تُزيّن سطحها، إلى رائحة الهيل والقرفة التي تملأ الأرجاء أثناء خبزها، فتُحوّل الكليجة البيوت الديرية إلى ورش عملٍ مليئةٍ بالحب والدفء والذكريات، وبات صنعها إرثاً ثقافياً يُروى عبر مذاقه الفريد، وطقوس إعداده المُتميزة
الكليجة رمزٌ للمطبخ الديري
تحدثت أمينة العبد الله، وهي من نساء دير الزور، عن أهمية الكليجة كرمزٍ من رموز المطبخ الديري، وعلامةً فارقةً في مُناسبات الأهالي، وخاصةً في الأعياد.
وأوضحت، أن ما يُميز الكليجة الديرية هو استخدام السمن العربي والقرفة والزنجبيل، لإضافة نكهةٍ خاصة. وتُصنع عادةً بنوعين رئيسيين: كليجة بالتمر، وكليجة بدون تمر.
وأشارت إلى استخدام قوالب خشبية مُزخرفة لإضفاء لمسة جمالية على الكليجة، حيث تُضفي هذه النقوش أشكالاً مُتنوعةً على سطح الحلوى، لكل قالبٍ نقوشهُ الخاصة، مما يُضفي على الكليجة طابعًا ديريًا أصيلًا.
من جانبها، أشارت مريم العبود إلى أن الكليجة لطالما كانت حاضرةً في بيوت دير الزور، تُزيّن موائدها في الأعياد والمناسبات: “ورثتُ طريقة صنع الكليجة عن والدتي وجدتي، وهي تُمثل جزءًا لا يتجزأ من تراثنا العائلي، نشعر بالفخر ونحن نُحضرها لأبنائنا وأحفادنا”.
سرّ التوابل وتنوّع النكهات
وأفادت مريم أن لكل عائلة في دير الزور طريقتها الخاصة بإعداد الكليجة، وتكمن خصوصية كل وصفة في التوابل المُضافة: “بعض العائلات تُفضل إضافة الكثير من التوابل، بينما تُفضل أخرى التخفيف منها. هذا التنوع يُضفي على الكليجة نكهاتٍ مُتميزة”، مشيرة إلى أن: “ليست هناك أسرارٌ في تحضيرها، وإنما تنافسٌ شريفٌ بين النساء، فكلٌ واحدة منّا تُريد أن تكون كليجة منزلها هي الأطيب والأشهى”.
بين الكليجة المنزلية وكليجة المحلات
وأشارت في السنوات الأخيرة، تزايد إقبال الأهالي على شراء الكليجة من المحلات، بدلًا من إعدادها في المنزل. ومع ذلك، تُشدد أمينة على أن “الكليجة المعدة في البيت لها طعمٌ مختلف، فهي تحمل نكهة حنية الأم، ولا يُمكن مُقارنتها بكليجة المحلات”.