قامشلو/ سلافا عثمان ـ يستعد كومين المسرح في إقليم شمال وشرق سوريا إقامة الدورة السابعة من مهرجان الشهيد يكتا هركول تحت شعار ” الوطني الحقيقي هو فنان شجاع” والذي سينطلق في السابع والعشرين من آذار، ويستمر حتى الحادي عشر من نيسان في مركز محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو في الساعة الثانية ظهراً.
يعود مهرجان الشهيد يكتا هركول في دورته السابعة هذا العام بطابع سوري وكردستاني، جامعاً بين الثقافات المختلفة على خشبة المسرح، يُنظم المهرجان تكريماً للشهيد “يكتا هركول”، وللمسرحي والمناضل الكردي “بافي طيار”، ليكون منصة تحتفي بالمسرح كأداة للمقاومة والتعبير عن قضايا الشعوب.
وتتميز هذه الدورة بمشاركة فنانين من أجزاء كردستان الأربعة، إلى جانب فرق من السويداء وحلب، تأكيدًا على التعددية والانفتاح الثقافي.
مشاركة من أجزاء كردستان الأربعة رغم التحديات
وفي حديثها عن مهرجان الشهيد يكتا بدورته السابعة بيّنت الإدارية في كومين المسرح “رومت بكو“، أن هذا العام يختلف عن الدورات السابقة بعدة أمور، أهمها غياب بافي طيار، أحد الرموز المسرحية البارزة، وهو ما شكّل حزناً عميقاً في الوسط المسرحي، لذلك ستكون هذه الدورة استذكاراً لشهادته، إلى جانب تكريم مسيرة الشهيد يكتا هركول.
وأكدت، أن المهرجان هذا العام يحمل شعاراً يعكس جوهر المسرح ودوره الوطني، “الوطني الحقيقي هو فنان شجاع”، وأن هذا الشعار يجسد أهمية المسرح أداة للتعبير عن الواقع الاجتماعي والسياسي، ودوره في نقل معاناة الشعوب والتعبير عن آمالها وتطلعاتها.
وأوضحت رومت، أن المهرجان يشهد مشاركة فرق مسرحية من أجزاء كردستان الأربعة، بما في ذلك روجهلات كردستان، وكركوك، والسليمانية، وحضور عضو من اللجنة العليا للمهرجان، كما أن هناك صعوبات حالت دون مشاركة فرق من باكور كردستان، لكنها أكدت أن الجهود مستمرة لتحقيق هذا الهدف في الدورات المقبلة: “كان الشهيد يكتا يحلم بجمع فناني كردستان معاً على خشبة المسرح، ورغم التحديات سنواصل العمل لتحقيق هذا الحلم، كما أننا نزور باكور ونشارك في فعالياتها، وسنبذل المزيد من الجهود ليكون لنا تمثيل في المستقبل القريب”
عروض مونودراما وتمثيل ثقافات متنوعة
وحول طبيعة العروض أوضحت، أن العروض المسرحية هذا العام ستكون من نوع المونودراما، حيث يؤدي ممثل واحد عدة أدوار على خشبة المسرح، وهي تجربة فنية تتطلب أداءً قوياً ومهارات تمثيلية عالية، وأن خمسة عروض مسرحية من قامشلو ستشارك في المهرجان.
كما أشارت إلى أن هذه الدورة تسعى لتعزيز التعددية والانفتاح الثقافي، وهو ما يظهر من خلال مشاركة فرق من السويداء وحلب، وأن هذا التنوع الثقافي هو ما يميز المهرجان عن الفعاليات المسرحية الأخرى: “لطالما حاول النظام السوري إقصاء الشعوب المختلفة، لكننا نريد أن نعكس صورة مختلفة، صورة تُظهر التعددية والتنوع الثقافي الذي يجمعنا جميعًا”.
محاضرات وعروض توثيقية
رومت بيّنت أن المهرجان لن يقتصر على العروض المسرحية، بل سيتضمن ثلاث محاضرات عن تاريخ المسرح، تهدف إلى تعريف الحضور بتطور المسرح، وأهم محطاته عبر التاريخ، كما أكدت أن استذكار بافي طيار سيكون جزءاً أساسياً من الفعاليات، من خلال عرض صوره وفيلم وثائقي عن حياته، وذلك تكريماً لمساهماته في المسرح ولبقاء إرثه الفني حياً.
وحول دور الشهيد يكتا هركول في المسرح، أوضحت أنه كان أحد أبرز المسرحيين في حلب، حيث أسس فرقاً عدة، وساهم في نشر المسرح أداة للتوعية والنضال: “نحن، المسرحيين، أن من واجبنا أن نحمل راية الشهيد يكتا ونواصل مهمته في تطوير المسرح. كان يؤمن بالمسرح وسيلة لتوحيد الشعوب، والتعبير عن قضاياها، وسنظل نسعى لتحقيق أحلامها رغم التحديات”.
وأشارت رومت إلى لفتة رمزية ستحقق أحد أحلام الشهيد يكتا: “كان الشهيد يكتا يقول دائماً نرغب في توزيع السكر على الأطفال في اليوم العالمي للمسرح، واليوم سنحقق هذا الحلم من خلال توزيع رسالة الشهيد يكتا مع السكاكر على الجمهور والمشاركين، تأكيداً على استمرارية رسالته الفنية والإنسانية”.
وأكدت الإدارية في كومين المسرح “رومت بكو” في ختام حديثها أن هذه الدورة من المهرجان ليست فعالية فنية، بل رسالة مقاومة واستذكار، وتجسيد لقيم الحرية والتعددية، التي نؤمن بها “نحن هنا لنؤكد أن المسرح مستمر، وأن أحلام شهدائنا لن تموت، بل ستظل تنبض بالحياة على خشبة المسرح”.
ويذكر أن مهرجان الشهيد يكتا هركول يقام سنوياً في 27 آذار، تكريماً لذكرى المسرحي الكردي “أردوغان قهرمان”، المعروف باسمه الفني “يكتا هركول”، الذي كرّس حياته للفن والمقاومة، وُلِد في آذار 1968 في هوزات، باكور كردستان، ونشأ وسط قصص مجزرة ديرسم، التي تركت أثرًا عميقًا في وجدانه. أكمل دراسته الجامعية في جامعة غازي، وانطلق في مسيرته الفنية بأول عمل مسرحي له في أنقرة، تنقّل بين العديد من المسارح، في عام 2004، اختار يكتا أن يخلّد صوته بأقوى الطرق الممكنة، حيث أضرم النار بجسده في ساحة سعد الله الجابري بمدينة حلب، في عملية فدائية احتجاجاً على المؤامرة الدولية ضد القائد عبد الله أوجلان، ليترك بصمة لا تُمحى في مسيرة النضال، والمسرح الكردي.
ويولي المهرجان بهذا العام الاهتمام بالشخصية الفنية الراحلة “جمعة خليل إبراهيم”، المعروف باسم “بافي طيار” (Bavê Teyar)، فقد وُلِد عام 1957، وكان من أبرز الممثلين الكوميديين الكرد، الذين استطاعوا بأسلوبهم البسيط والعفوي أن يلامسوا قلوب الجماهير في كردستان والعالم، لم يكن بافي طيار مجرد ممثل، بل كان رمزًا للكوميديا الهادفة، التي تعكس واقع المجتمع بأسلوب ساخر، وامتلك موهبة فريدة في تجسيد الحياة اليومية بطريقة جعلته قريبًا من الناس، في التاسع عشر من كانون الثاني الجاري، وأثناء مناوبته على سد تشرين، تعرض لإصابة خطيرة في بطنه أدّت إلى استشهاده، تاركاً وراءه إرثًا فنياً غنياً، سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.
يبقى مهرجان الشهيد يكتا هركول شاهداً على مسيرة هؤلاء الفنانين والمناضلين، الذين جعلوا المسرح صوتاً للمقاومة، والفن رسالةً خالدة.