قامشلو/ ملاك علي – في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، عُقد ما سمي، “مؤتمر الحوار الوطني السوري”، بهدف مناقشة قضايا مصيرية وإيجاد الحلول لمستقبل البلاد، إلا أن هذا المؤتمر أثار جدلاً واسعاً بعد صدور مخرجاته، بين مختلف فئات الشعب السوري، خاصة أن شعوب ومكونات وشرائح مجتمعيه واسعة، لم تتم دعوتها للمشاركة.
ويرى أهالي قامشلو، أن غياب التمثيل الحقيقي لأطياف المجتمع السوري، أدى إلى رفض كلي لنتائج المؤتمر ومقرراته، معتبرين أن القرارات التي صدرت لا تعكس إرادتهم الحقيقية، ولا يعترفون بمخرجاتها، وهي لا تعنيهم بشيء، وأكدوا، أن تجاهل ممثلي شمال وشرق سوريا، بالمشاركة في المؤتمر، غير مقبول وهو محل رفض واستهجان.
تمثيلية سياسية فاشلة
وفي هذا الصدد، تحدث مسؤول لجنة التدريب، والثقافة، والإعلام، في المجلس الاجتماعي الأرمني، “حنا صومي“، لصحيفتنا، حيث عبر عن رفضه الشديد لما جرى في دمشق، مؤخراً تحت عنوان “الحوار الوطني السوري”: إن “ما حدث لم يكن حواراً حقيقياً، بل مجرد “تمثيلية سياسية فاشلة”، لعدم دعوة الأحزاب الوطنية الكبرى والقوى العسكرية الفاعلة، وفي مقدمتها قوات سوريا الديمقراطية، التي تمثل شعوب المجتمع السوري من كرد، وأرمن، وعرب، وسريان، وآشوريين، وتركمان، وشيشان، وغيرهم”.
وأوضح: “سلطات دمشق، بررت عدم دعوة قوات سوريا الديمقراطية، لأنها قوة عسكرية، متسائلاً عن سبب تجاهلها لوجود ممثل سياسي لهذه القوات، وهو مجلس سوريا الديمقراطية، الذي يضم أكثر من عشرين حزباً، وطنياً يمثلون مختلف الشعوب والطوائف السورية، ويُعد صورة مصغرة عن سوريا التعددية، الأرمن، بدورهم، لا يعترفون بهذا الحوار الأحادي الجانب، حيث اقتصر على رؤية تنظيمات متشددة مثل القاعدة، التي لا يقبل بها حتى المسلمون أنفسهم، لأنها تتعارض مع روح الإسلام الحقيقي”.
وانتقد صومي، عدم دعوة الأحزاب الوطنية في إقليم شمال وشرق سوريا، وكذلك المراجع الدينية المهمة مثل المرجعية الدرزية، التي يمثلها الشيخ حكمت الهجري، والأحزاب السياسية العلوية، وشيوخ الطائفة العلوية، إضافة إلى الأحزاب المسيحية الوطنية، واستبعاد المنظمات الإنسانية والوطنية العاملة في سوريا، وخاصة في إقليم شمال وشرق سوريا.
ووصف صومي مخرجات الحوار بأنها: “أحادية بامتياز، وهذا المؤتمر أكد استمرار نهج الجمهورية العربية السورية السابق، نحن لسنا ضد العرب واللغة العربية، بل نحترم العرب الأصيلين، الذين يمثلون الحضارة والرقي، ولكننا ضد الأعراب والمنافقين والعقلية الشوفونية، التي تسببت في الصراع السوري، تحت شعارات مثل الأمة العربية، والوحدة العربية، والوطن العربي، والتي لم تكن سوى أوهام سياسية هدفها الوحيد هو البقاء في السلطة”.
وأشار، إلى غياب أي حديث عن المدنية والديمقراطية واللامركزية، في مخرجات المؤتمر، “وهو ما يتعارض مع فكر القائد عبد الله أوجلان، ونهج الأمة الديمقراطية، الذي يقوم على مبدأ أخوة الشعوب، والعقد الاجتماعي لعام 2014، حيث كنت أحد المشاركين في صياغته، العقد الاجتماعي يضمن حقوق الشعوب من الناحية الثقافية، والسياسية، والاقتصادية، إضافة إلى الاعتراف باللغات الأم، مثل العربية، والكردية، والسريانية، والأرمنية”.
وفي رسالة إلى سلطات دمشق، دعا فيها صومي “بمراجعة حساباتها”، محذراً، من “أن الحل لا يمكن أن يكون بـ”المنطق الإدلبي”، بل يجب أن يكون عبر منطق سوري شامل، يأخذ بعين الاعتبار التنوع القومي والطائفي الموجود منذ آلاف السنين، سوريا اليوم مقسمة، ولا يوجد فيها أي انتخابات حقيقية، أو دستور، أو برلمان شرعي، السلطة في دمشق اليوم، لا يحق لها اتخاذ أي قرارات مصيرية، سواء في مجال التعليم، أو الإدارة، أو أي قطاع آخر، لحين إجراء انتخابات حرة وشاملة تضم جميع السوريين”.
وتساءل صومي، عن الجهة التي قامت بترشيح أبو محمد الجولاني، رئيساً للجمهورية، معتبراً أن العملية برمتها تمت عبر “مرتزقة إرهابيين” مثل العمشات، وأحرار الشام، وحراس الدين، وتنظيم القاعدة، الذين ارتدوا لباساً عسكرياً وصوّتوا له رئيساً، في “مسرحية هزلية”، ومن هنا لا يمكن الاعتراف بشرعية السلطة الجديدة في دمشق، ولا بقراراتها، ما لم تكن هذه الانتخابات شاملة، وممثلة لجميع شرائح الشعب السوري، حينها فقط يمكن أن نرفع العلم السوري، وندخل البرلمان، ونتعاون، ونصل لنتائج تؤدي لحل الأزمة في سوريا”.
واختتم حنا صومي، حديثه بالتأكيد على أهمية مشاركة قوات سوريا الديمقراطية، ومجلس سوريا الديمقراطية، في أي حل سياسي مستقبلي، مشيراً إلى أنها تمثل 25% من القوى العسكرية على الأرض، كما أنها ليست مجرد فصيل، بل القوة الوحيدة في سوريا، التي تجمع أكثر من ثمانية شعوب قومية، وأربعة أديان مختلفة، بما فيها المسيحية، والسُنّية، والإيزيدية، والزرادشتية، بالإضافة إلى العلمانيين، ومجلس سوريا الديمقراطية، والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، التي لم تُدعَ لهذا الحوار، لا تعترف بأي من مخرجاته، واصفاً إياه بـ”حوار الخرسان”، الذي لا يمثل الشعب السوري بأطيافه”.
تثبت التفرد بالحكم
ومن جهتها، عبرت المواطنة، كلستان فاطمة، عن رفضها القاطع لمخرجات ما سمي بمؤتمر الحوار الوطني، الذي تم عقده في دمشق، دون إشراك الكرد وباقي الشعوب السورية: “كان من الأجدر على سلطات دمشق، دعوة الكرد وبقية السوريين، لحضور المؤتمر، من أجل اتخاذ القرارات المصيرية بشأن البلاد، لذا، نحن نرفض المخرجات الصادرة عن المؤتمر، ونؤكد، بإننا لسنا معنيين بتنفيذ بنودها”.
وأشارت: “نحن مع الحوار بين السوريين، وعقد الندوات والمؤتمرات حول مستقبل سوريا، ونحض على أهمية بناء سياسة ديمقراطية حقيقية، على أسس أخوّة الشعوب، والتعايش المشترك في سوريا الجديدة”.
ولفتت: “مناطق شمال وشرق سوريا قدمت الآلاف من الشهداء، وتهميشهم عن المشاركة في بناء سوريا الحديثة، بهذا الشكل، يؤكد أن سلطات دمشق تحاول تثبيت التفرد بالحكم في سوريا، وهذا الأمر مرفوض”. واختتمت، كلستان فاطمة، حديثها: “من حق الشعب الكردي في سوريا المطالبة بحقوقهم، على أن يتم تثبيته ضمن الدستور الجديد، في سوريا الديمقراطية اللامركزية”.