في أعماقِ المحيط الأطلسي، يكمن عالماً غامضاً ورائعاً يُعرف باسم “المدينة المفقودة”، ويتميز هذا الموقع الجيولوجي الفريد بتشكيلات صخرية مذهلة تشبه الأبراج والأعمدة، ترتفع من قاع البحر بشكلٍ متعرج وكأنها أطلال مدينة قديمة.
هذه المدينة المفقود عبارة عن حقل حراري مائي تم اكتشافه في عام 2000، على عمق يزيد عن 700 متر تحت سطح البحر، وهو أقدم بيئة من نوعها معروفة حتى الآن في المحيطات. يتميز هذا النظام البيئي الفريد بوجود فتحات حرارية تنبعث منها غازات حارة، مثل الهيدروجين والميثان، نتيجة تفاعل الصخور مع مياه البحر.
تعتبر هذه الفتحات موطناً لمجتمعات دقيقة من الكائنات الحيّة، حيث تتطور أشكال الحياة بشكلٍ مستقل عن وجود الأكسجين، معتمدةً على الطاقة الكيميائية التي توفرها الغازات المنبعثة من الفتحات.
تعيش في هذا النظام البيئي العديد من الكائنات البحرية، بما في ذلك القواقع والقشريات الصغيرة، بالإضافة إلى بعض الكائنات الأكبر حجماً مثل السرطانات والروبيان وقنافذ البحر والأنقليس، رغم ندرة وجودها.
كذلك تتميز “المدينة” بوجود فتحات حرارية مائية تخرج منها المياه الساخنة الغنية بالمعادن، الناتجة عن تفاعلات كيميائية تحدث في قاع البحر العميق لإنتاج الهيدروجين والميثان، وهما من المركبات الأساسية لبناء الحياة، هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام إمكانية أن تكون الحياة قد نشأت في بيئات مماثلة في أماكن أخرى في الكون، مثل أقمار كوكب زحل والمشتري، وربما حتى على المريخ.
تهديدات تواجه المدينة المفقودة
هذا النظام البيئي الفريد مُهدد بالخطر، فقد حصلت بولندا على حقوق استخراج المعادن من قاع البحر في المنطقة المجاورة للمدينة المفقودة، وعلى الرغم من عدم وجود عمليات تعدين مباشرة في المنطقة نفسها، إلا أن النشاطات التعدينية قد تؤدي إلى تلوث المياه وتدمير هذا النظام البيئي الحساس.
يُحذر العلماء من أن أي تصريفات ناتجة عن عمليات التعدين قد تؤثر سلباً على المدينة المفقودة، مما قد يؤدي إلى تدمير هذا الكنز الطبيعي الذي تطور على مدى آلاف السنين.
لذلك، يطالب العديد من العلماء والمنظمات البيئية بإدراج المدينة المفقودة ضمن قائمة التراث العالمي، وذلك بهدف حمايتها من الأنشطة البشرية الضارة والحفاظ على هذا النظام البيئي الفريد للأجيال القادمة.
إن تدمير هذا النظام البيئي الفريد الذي تطور على مدى آلاف السنين سيكون بمثابة خسارة كبيرة للبشرية، حيث سيفقد العالم أحد عجائبه الطبيعية التي لا يمكن تعويضها.
معلومات عن المدينة المفقودة
في أعماق المحيط الأطلسي، على بُعدِ آلاف الأميال من سطح الأرض، تقع هذه المدينة المفقودة التي تمتلك نظاماً بيئياً فريداً من نوعه يزدهر في الظلام الدامس، يعتمد بشكلٍ كامل على الطاقة الكيميائية المنبعثة من أعماق الأرض، وفي السطور التالية، نستعرض معكم معلومات عن المدينة المفقود في المحيط الأطلسي.
اكتشاف المدينة المفقودة
في عام 2000، اكتشف فريق من العلماء، أثناء رحلة استكشافية في المحيط الأطلسي، حقلاً من الفتحات الحرارية المائية، التي تطلق غازات ومياه ساخنة غنية بالمعادن من باطن الأرض.
يعتبر هذا هو أطول بيئة تنفيس معروفة في المحيط، ولم يتم العثور على أي شيء آخر مثله على الإطلاق.
أطلق العلماء على هذا الموقع اسم “المدينة المفقودة”، نظراً لطبيعتها المخفية في أعماق المحيط، وشكلها الذي يشبه المدن القديمة بأبراجها وهياكلها الصخرية.
مواصفات المدينة المفقودة
تقع المدينة المفقود على عمق أكثر من 700 متر، أي حوالي 2300 قدم تحت سطح البحر، يتفاوت ارتفاع الفتحات الحرارية في المدينة المفقودة، من أكوام صغيرة بحجم فطر عش الغراب إلى أبراج ضخمة يبلغ ارتفاعها 60 متراً، أي حوالي 200 قدم. يُطلق على أطول برج اسم “بوسيدون” نسبةً إلى إله البحر اليوناني، حيث يصل ارتفاعه إلى أكثر من 60 متراً. تنفث هذه الفتحات الحرارية غازات تصل حرارتها إلى 40 درجة مئوية، أي ما يعادل 104 درجة فهرنهايت. تنتج البراكين العادية في الغالب معادن غنية بالحديد والكبريت، في حين تنتج فتحات المدينة المفقودة ما يصل إلى 100 مرة أكثر من الهيدروجين والميثان.
بيئة فريدة للحياة
تتميز المدينة المفقودة ببيئة قاسية وظلام دامس، حيث لا يصل ضوء الشمس.
تعتمد الكائنات الحيّة على الطاقة الكيميائية المنبعثة من الفتحات الحرارية لإنتاج غذائها.
تزدهر في هذه البيئة مجتمعات متنوعة من الكائنات الحيّة الدقيقة، مثل البكتيريا والعتائق، التي تتغذى على المواد الكيميائية المنبعثة من الفتحات.
تعيش في المدينة المفقودة حيوانات أخرى، مثل الديدان والقشريات والرخويات، التي تعتمد على الكائنات الدقيقة في غذائها.
أهمية المدينة المفقودة
تعتبر المدينة المفقودة نظاماً بيئياً فريداً من نوعه، حيث توفّر للعلماء فرصة لدراسة الحياة في الظروف القاسية، وفهم كيفية تكيف الكائنات الحية مع هذه الظروف.
دراسة المدينة المفقودة يمكن أن تُساعد في فهم أصل الحياة على الأرض، واحتمالية وجود حياة في أماكن أخرى في الكون، مثل الكواكب والأقمار التي قد تحتوي على محيطات تحت سطحها.