الشيخ علي زاخراني
أيها الأحبة، نحن في سوريا نعيش في بلد عانى وما زال يعاني من جراح عميقة، هذه الجراح لن تُشفى إلا بالتكاتف والتعاون والمحافظة على السلم الأهلي.
إن التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع السوري ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لبقاء هذا الوطن واستقراره.
الإسلام يدعو إلى التعايش السلمي والعدل بين الناس، مهما كانت دياناتهم أو أعراقهم. يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، هذه الآية تؤكد أن التنوع الذي نراه في مجتمعاتنا هو إرادة الله، وهو فرصة للتعارف والتعاون، وليس سببًا للتنازع.
لقد وضع النبي ﷺ نموذجاً رائعاً للتعايش السلمي عندما أبرم وثيقة المدينة، التي نظمت العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين على أساس العدل والمساواة في الحقوق والواجبات.
ونحن في سوريا يجب أن نستلهم هذا النموذج، ونعمل على تعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ كل أشكال التفرقة والكراهية.
السلم الأهلي يبدأ من كل فرد في المجتمع، من كلماتنا، من أفعالنا، ومن نوايانا، إذا أردنا أن يعود السلام والاستقرار إلى بلدنا، فعلينا أن نتحمل مسؤولياتنا كمواطنين، وأن نكون دعاة خير وسلام في كل ما نقول ونفعل.
أيها الإخوة الأحبة، لقد مرت بلادنا الحبيبة سوريا بسنوات صعبة ومريرة، ذاقت فيها جِراح الظلم والفرقة والنزاعات ولكن بفضل الله تعالى، بدأت هذه المرحلة القاسية تنحسر، واندحر الظلم وأهله، وبدأت ملامح أمل جديد ترتسم على وجه هذا الوطن، ومع ذلك، فإن هذه اللحظة الحرجة من تاريخ سوريا تتطلب منا جميعاً وقفة صادقة ومسؤولية عظيمة، لنكون جزءاً من بناء وطن يسوده السلام والأمان.