سيد أبو اليزيد
السماح مؤخراً لزيارة القائد عبد الله أوجلان المعتقل بجزيرة إمرالي بتركيا منذ نحو 26 عاماً أي أكثر من ربع قرن يُعتبر خطوة هامة وتطوراً هاماً نحو تخفيف حدة التوتر بين الحكومة التركيّة والكُرد عامةً، بما فيهم كرد سوريا، حيث أن هذا القرار سواء تم اتخاذه بدافع سياسي أو إنساني سيكون له تداعيات مُشجعة نحو تهدئة الأوضاع الأمنية بمناطق جنوب شرق تركيا والاتجاه نحو السلام.
ومن المتصور أن هذا التحرك من جانب الحكومة التركية ربما يكون دافعاً استراتيجياً لاسترضاء الناخب الكردي، حيث يعتبر المفكر عبد الله أوجلان رمزاً للكفاح الكردي للحصول على الحقوق السياسية والثقافية من ناحية كما يتم النظر إلى القرار باعتباره يُسهم في التأثير على العلاقة مع حزب العمال الكردستاني لتخفيف حدة النزاعات المسلحة بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني من ناحية أخرى، خاصةً إذا ما تم إتاحة الجهد الذي يبذلهُ للعب دور الوسيط لخفض التصعيد.
ولكن على ما يبدو إن حكومة حزب العدالة والتنمية وبعض المسؤولين الأتراك على وجه الخصوص لهم آراء ولغة سامة واستفزازية للغاية قد تهدد الجهود التي يمكن بذلها للوصول إلى حلول توافقية حيث التقى وفد إمرالي الذي زار القائد عبد الله أوجلان مؤخراً، والذي بدوره طلب منهم الاجتماع مع الأحزاب في البرلمان والاستماع لآرائهم للتوصل إلى حل لمشاكل تركيا والشعب الكردي.
ومن الواضح إن هناك تداعيات إيجابية بدأت تلوّح في الأفق لسياسة جديدة تتطور في تركيا بعد أن كانت هناك عقلية مهيمنة على الجميع وتتمسك بإبادة الشعب الكردي وهو على عكس ما تجلى من تصريحات متفائلة مؤخراً لأحزاب أخرى مضمونها (إذا كانت الدولة التركية مصممة وتريد حل القضية الكرديّة فنحن مستعدون لتقديم المساعدة) مما يشير إلى وجود تغييرات تجري في السياسة التركية، حيث لم يكن الأمر كذلك في السابق.
ومن الأهمية مع تغيير لغة الحرب والعداء لحزب العدالة والتنمية لجعل المشاكل أعمق مع الشعب الكردي استثمار الفرصة، ولكن في ظل التهديدات بالاستسلام أو القتل ولغة إلقاء الأسلحة تظل تدور في فلك الفرص الضائعة لتحقيق السلام.
وربما يرى الكثير من العقلاء إن هذه اللغة السامة للقتل والموت لحل المشكلة الكردية من خلال العنف والإرهاب والمجازر لن تُفيد في الوصول إلى حالة من الاستقرار وستؤدي إلى خسارة لتركيا، مما يستدعى المُثقفين والفنانين والأكاديميين للتصدي لهذه اللغة لتعويض الخسائر إلى مكاسب وبما يعود عليهم بالمصالح والفوائد التي تؤدى لازدهارهم
وربما يرى البعض أن الفرصة مواتية للمعارضة التركية لاستغلال قرار الزيارة لتوجيه الانتقادات للحكومة أو للتأكيد على فشل سياستها في التعامل مع القضية الكردية… في حين أن المجتمع الدولي وخاصةً الاتحاد الأوربي وأمريكا قد يُرحبوا بهذه الخطوة لقرار الزيارة خصوصاً إذا ما أفصحت تركيا عن نيّة صادقة لحل القضية التركية بشكلٍ سلمي.