عبد الغني دياب
بعد سقوط حكم عائلة الأسد الاستبدادي في سوريا في الثامن من كانون الأول 2024 وتولي الإدارة السوريّة الجديدة بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، لزمام الأمور في البلاد، والبحث عن مُنفذ للخروج بسوريا وشعبها من الأزمات السياسيّة والاقتصادية التي خلّفها النظام السابق، إلا أن التواجد الأجنبي في البلاد وأطماع دول الغرب المتجهة نحو الشمال السوري الغني بالموارد النفطية تُشكل معضلة حقيقية، والسؤال المطروح على الساحة هل سينجح الشرع المدعوم من أنقرة في التصدي لهذه التحديات أم سيكون للكرد في سوريا رأي آخر؟
الخبير السياسي في الشأن السوري والمهتم بالملف الكردي في العراق وسوريا، أحمد عودات، يرى أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 منح كُرد البلاد أملاً متجدداً في تخفيف القيود المفروضة عليهم، ورغم التقلبات ومع مرور الوقت انتهى الأمر بتشكيل الخريطة الحالية لمنطقة كردستان العراق ذات الحكم الذاتي، مُشيراً إلى أن الأمر قد يتكرر في سوريا بالنظر إلى التطورات الأخيرة.
وأضاف عودات إن السيناريو نفسه سيتكرر مع الكُرد في شمال سوريا بالنظر إلى مجريات الأحداث الحالية في البلاد التي نجح شعبها بعد أكثر من 50 عاماً في التخلّص من نظام عائلة الأسد المُستبد، ليُعرِب بعدها الكُرد على لسان قوات سوريا الديمقراطية عن رغبتهم في التوافق مع الإدارة السوريّة الجديدة ودعمهم لفكرة الأراضي السوريّة الموحدة.
الاحتلال التركي ومساعي عدم الاستقرار
ويوضح إن هنالك عائق نحو تحقيق هذا المشروع، وهو أن عدو الكرد الأول هو من يدعم الإدارة السوريّة الجديدة ويرفض تماماً أن يستقل الكُرد بحكم مناطق تواجدهم ويعمل على محاربتهم بشتى السُبل كما فعل في العراق، وهذا العدو هو تركيا التي تخشى حكماً ذاتياً كردياً قُرب حدودها على غرار كردستان العراق وسرعان ما بدأت تُهدد الكرد وتتوعدهم وتؤكد على أن لا مكان للأكراد بالقرب من الحدود التركيّة مع سقوط حكم الأسد.
ويُشير إلى أن تركيا في حربها على الكرد وبحسب الخبراء معتمدة في الداخل على دعمها للإدارة السوريّة الجديدة في البلاد وهيئة تحرير الشام. وعلى الرغم من أن الكرد مدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية وفق ما جاء على لسان لويد أوستن، حول استمرار واشنطن في دعم قوات ” pkk” و “ypj” الكرديتين، إلا ان هذا لم يقف عائقاً أمام المخطط التركي في شمال سوريا.
عِداء غربي لتركيا
أما على المستوى الدولي تعوّل أنقرة في حربها ضد الكرد على حليفتها منذ عام 2016، المملكة المتحدة، فعندما فشلت عملية الانقلاب على أردوغان والتي نظمتها، بحسب التقارير، واشنطن وحلفاءها بدأ العداء بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتشكّل تحالف غريب جمع أنقرة بلندن على مدار السنين الماضية، ووطد العلاقات بين البلدين.
تفكك النفوذ التركي في سوريا
وتوقع الباحث العراقي أن ينفك التحالف التركي مع الإدارة السوريّة الجديدة، إذ أن التطورات الأخيرة على أرض الواقع في شمال سوريا وبالأخص في منطقة سد تشرين، كشفت عن وجود لاعبين مؤثرين ربما يهددون النفوذ التركي، وتحديداً هو النفوذ البريطاني.