محمد صالح حبو
ثورةُ روج آفا تعتبرُ مثالًا فريدًا في التاريخ المعاصر، حيث تجمع بين الكفاح من أجل الحرية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، مع محاولة بناء نظامٍ سياسي جديد في منطقةٍ مليئة بالتحديات والصراعات. في هذا السياق، يتحمل المثقفون دوراً كبيراً في دعم هذه الثورة والحفاظ على مبادئها. وهنا بعضُ الواجبات التي ينبغي على المثقفين القيام بها تجاه ثورة روج آفا:
آ- نقل الحقيقة والوعي العالمي:
المثقفون في مختلف أنحاء العالم لديهم قدرةٌ على التأثير في الرأي العام وتشكيله، من خلال الإعلام، الكتابة، والأدب. ويجب عليهم تسليط الضوء على حقيقة ما يحدث في روج آفا، سواء كان ذلك من خلال الصحافة أو الأدب أو الدراسات الأكاديمية، وتوضيح أبعاد المعركة من أجل الحرية التي يخوضها أهل روج آفا ضدّ الاحتلالات والتدخلات الخارجية. المثقفون يجب أن يفضحوا الأكاذيب والتضليل الإعلامي الذي قد تتبناه القوى المعادية.
ب- الدفاع عن المبادئ الأخلاقية والتقدمية:
ثورة روج آفا تقوم على مبادئ ديمقراطية تقدمية، مثل الفيدرالية الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الأقليات. المثقفون يجب أن يكونوا المدافعين عن هذه المبادئ في وجه القوى المحافظة والرجعية التي قد تسعى لتشويه صورة الثورة أو تشتيت أهدافها. دورهم هو نشرُ ثقافة الحرية والمساواة في المجتمعات المحلية والدولية.
ج- تعزيز الهوية الثقافية والمجتمعية:
جزءٌ أساسي من ثورة روج آفا هو الحفاظ على الهوية الثقافية لشعب روج آفا (الكردي وغير الكردي) في مواجهة محاولات طمس هذه الهوية من قبل القوى الخارجية والداخلية. المثقفون يجب أن يساهموا في إحياء التراث الثقافي والفكري للمنطقة، سواء من خلال الدراسات التاريخية أو الفنون أو الحركات الاجتماعية. تعزيز الوعي الثقافي يسهم في توحيد الشعب حول أهدافه الوطنية.
د- نقد البناء والدعوة إلى الإصلاح:
المثقفون لديهم مسؤولية في تقديم النقد البناء للثورة نفسها، بما في ذلك في جوانبها السياسية والاجتماعية. يمكنهم أن يلعبوا دوراً في محاربة الفساد، وتحقيق شفافية في الإدارة، والعمل على تحسين الهياكل السياسية والاجتماعية في روج آفا. كما أنهم يمكن أن يساعدوا في تعزيز الوعي النقدي في المجتمع، مما يعزز من تطور الثورة بشكل إيجابي.
ه- التضامن الدولي:
المثقفون في الخارج عليهم واجبُ التضامن مع شعب روج آفا ضدّ القوى المعادية، وخاصة تلك التي تستخدم العنفَ والاحتلال في محاولة لفرض سيطرتها على المنطقة. يمكنهم تنظيمُ حملات توعية، دعم القضايا السياسية والدبلوماسية في الساحات الدولية، والمساهمة في نشر الوعي حول معاناة الشعب الكردي في روج آفا.
و- الدعوة إلى الوحدة السياسية:
رغم التحديات السياسية التي يواجهها الشعب الكردي، من الضروري أن يعمل المثقفون على الدعوة إلى الوحدة بين مختلف القوى السياسية في روج آفا. يجب أن يكونوا حلقةَ وصل بين مختلف الفئات والأيديولوجيات، مما يساعد على تحقيق توافقات سياسية تصبّ في مصلحة الشعب وتضمن استدامة الثورة.
ز- التعليم والتثقيف:
المثقفون يجب أن يكونوا في طليعة التغيير الثقافي والتعليمي في روج آفا، من خلال دعم وتطوير المنظومة التعليمية التي تركز على القيم الديمقراطية والمساواة. يجب أن يعملوا على تدريب الأجيال الجديدة على كيفية إدارة شؤونهم بأنفسهم، بما يعزز الاستقلاليةَ والقدرة على بناء مجتمعٍ مزدهر ومستدام.
ح- مواجهة الفكر الرجعي والظلامي:
المثقفون يمكنهم أن يواجهوا الفكرَ المتطرف والظلامي الذي قد يحاول مهاجمة قيم الثورة مثل المساواة بين الجنسين وحرية الفكر. على هؤلاء المثقفين أن يعملوا على نشر الفكر العقلاني والإنساني في مواجهة أي محاولات لفرض ثقافة متخلفة على المجتمع.
الخلاصة:
دور المثقفين في ثورة روج آفا ليس مجردَ دعمٍ شعبي، بل هو مسؤولية كبرى في الحفاظ على المبادئ التي تقوم عليها هذه الثورة، من خلال العمل على نشر الوعي، الدفاع عن القيم الديمقراطية، وتقديم النقد البناء، كما يمكن للمثقفين أن يلعبوا دوراً حاسماً في ضمان استمرار نجاح الثورة وتحقيق أهدافها.