حنان عثمان
تئن منطقة الشرق الأوسط تحت وطأة الحروب والصراعات والفوضى العمياء، مما يؤثر بشكل كبير على واقع النساء، ويهدد بتضييع سنوات طويلة من المنجزات في مجال تقليص فجوة المساواة بين الجنسين. ففي زمن النزاعات المسلحة، تعاني النساء من أشد أشكال العنف والتمييز، حيث يجدن أنفسهن ضحايا للظروف القاسية والسياسات الاجتماعية، التي لا تولي لهن الحماية الكافية.
يعتبر العنف ضد النساء ظاهرة عالمية تمتد إلى جميع المجتمعات والثقافات، وليست مقتصرة على منطقة محددة. غير أن النزاعات المسلحة تعزز هذا العنف، وتؤثر على النساء بشكل خاص، نظراً للظروف القاسية التي يعشنها، والتوترات النفسية والجسدية التي يواجهنها. كما إنهن مرغمات على تحمل تداعيات الأزمات الاقتصادية الناجمة عن تضرر البنى التحتية، وانهيار قطاع الخدمات، إلى جانب محدودية الحركة والتنقل، والحرمان من حق التعليم والعمل لتأمين لقمة العيش.
وفي هذا الصدد، جلبت النزاعات المسلحة والحروب الدائرة في المنطقة، مستويات متعددة من العنف ضد النساء والفتيات، بما في ذلك حالات القتل التعسفي والتعذيب، وحملات الاعتقال والإخفاء القسري، إلى جانب استهداف النساء الناشطات والرياديات في مختلف الميادين. هذا إلى جانب العنف الجنسي، والزواج القسري، وتزويج القاصرات وغير ذلك مما هو مرتبط بتورط الأطراف والقوى المتحاربة في استخدام العنف ضد المرأة، لا سيما العنف الجنسي كأداة من أدوات الحرب والإرهاب، بالإضافة إلى التعذيب والقمع السياسي لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، بما في ذلك غاياتها الرامية إلى دفع السكان إلى الفرار والسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم بغرض التغيير الديموغرافي.
يستمد العنف الجنسي ضد النساء والفتيات جذوره من الهيمنة الذكورية بمختلف ثقافاتها ومؤسساتها، التي ما تزال سائدة منذ قرون من الزمن، مما تسببت بتكريس عدم المساواة بين الجنسين، وبتغذيته والتحريض على العنف بكل أنواعه، وأدت بالتالي إلى ازدياد الاختلال في موازين القوى.
عندما ننظر إلى واقعنا الكردي، نرى الكثير من الباسلات اللواتي تم استهدافهن من النظام الذكوري المتمثل بالحكومة التركية الطاغية المحتلة لكردستان. بمعنى آخر، فإن العنف ضد المرأة في كردستان يغدو ممنهجاً بشكل أكبر، ويصل إلى مستوى الإبادة الممنهجة ضد النساء، إذ نجد كيف أن دولة الاحتلال التركي الفاشية تستهدف النساء الكرديات الناشطات والرياديات أينما كن، سواء في روج آفا، مثل هفرين خلف، وجيان تولهلدان وغيرهما كثيرات، أو في باشور، مثل الناشطة فريال خالد، أو في باكور مثل باكيزة ورفيقتَيها، أو حتى في قلب عاصمة الحرية، باريس، مثل ساكينة جانسيز ورفيقتَيها.