سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الصمت ليس حلاً للحد من ظاهرة التحرش ولردع المتحرشين

تقول المستشارة والناشطة الاجتماعية في مجال حقوق المرأة “مهوش خاني”: إن “المرأة تلتزم الصمت في مواجهة التحرش، الذي يمارس ضدها في الشارع، لكن هذا ليس الحل، لأن الصمت يفاقم الظاهرة”.
التحرش في الشوارع هو أحد أشكال العنف ضد المرأة، والذي يهدد النساء من مختلف الأعمار وفي مختلف المواقف.
التحرش في الأماكن العامة يشمل العديد من السلوكيات مثل “نظرات المضايقة، والتحرش اللفظي على الطرق العامة، ولمس الجسد في الشارع أو في مركبة عامة، حتى أن النساء يتعرضن للتحرش أثناء قيادتهن للسيارة”. إن التعرض للمرأة والتحرش بها في الشوارع جزء من عملية السلطة الأبوية، وأحد مظاهرها في المجتمع.
وعلى الرغم من أن الفئات الاجتماعية، التي تتعرض للتحرش في الشوارع لا تقتصر على النساء فقط، إلا أنهن عادةً أكثر من يستهدفهن المتحرشون في الشوارع، وغالباً ما تختلف ردود أفعال النساء تجاه هذه المضايقات وفقاً لأعمارهن حيث يظل عدد كبير من الفتيات صامتات في مواجهة هذه الانتهاكات؛ لأنها من وجهة نظر مجتمعهن، يتعرضن للمضايقة بسبب نوع ملابسهن وإظهار زينتهن، فهن مذنبات من وجهة نظر المجتمع.
العنف الهيكلي أضفى طابعاً مؤسسياً على الخوف  
ويعد العنف في الشوارع انتهاك لحقوق المرأة التي تتمتع بها، ومن خلال فرض القيود عليها، فذلك يجعل المكان غير آمن لتواجدها، وله عواقب نفسية وعاطفية عليها، وحول ذلك قالت المستشارة والناشطة الاجتماعية في مجال حقوق المرأة “مهوش خاني”: إن “العنف الهيكلي في المجتمع يرسخ الخوف وانعدام الأمان لدى المرأة، ويتحدى وجودها ومشاركتها في الحياة العامة، لذلك فإن العنف في الشوارع أكثر من أي شيء آخر أداة للقمع الاجتماعي للمرأة، المجتمع لا يُعلم المرأة كيفية مواجهة الأزمات، لكنه يعلمها الذعر! النظرة الأبوية لا ترى أخطاء الرجال، ولكن يكفي أن تخطئ المرأة فتنتقد وتلام لوما حاداً، فيجب علينا لمعالجة الأمور أن نصلح النظام التعليمي، لإزالة جذور العنف”.
وأضافت: “لقد حدثت مرات عديدة مضايقات من المارة، وأنني واجهت سلوكاً أو سمعت كلاماً في الشارع، لأني امرأة فشعرت بالضيق، لذاك نخاف من سوء التقدير والتسميات السيئة! وكنا نخشى أن نرفع صوتنا؛ لأنه لطالما ظننا أننا لا نحظى بأي دعم، بعض الأشخاص المزعجين يتذمرون في الشارع، ويصبون غضبهم على النساء. لذلك؛ تتم مهاجمتهن أو عرقلة مرورهن ومطاردتهن، أو باستخدام التزاحم والمزاحمة، والتجمهر في الحافلات، أو الأماكن العامة، فيمارسون الاعتداء الجسدي، أو يحرمونهن من حريتهن بالنظرات المزعجة المستمرة وغيرها، وكلها أمثلة على التحرش في الشوارع، وفي بعض الأحيان تتم هذه الانتهاكات باستخدام العنف، والتهديدِ”.
الخوف من مواجهة التحرش في الشارع يفاقم الظاهرة 
وأكدت مهوش، أن “المرأة تصمت في وجه المتحرش في الشارع، لكن هذا ليس الحل؛ لأن الصمت يفاقم الظاهرة، وتعدُّ المادة 619 من قانون العقوبات في إيران، أن التحرش جريمة أخلاقية، ونصت على أنه إذا تم الاعتداء على النساء، أو أغضبوهنَّ في الشوارع والأماكن العامة، أو إهانتهن بالإيماءات والألفاظ، التي تتنافى مع القيم والكرامة يكونوا قد ارتكبوا جريمة، وقد جعل المشرع عقوبة بحقها، ولكن الأمر صعب للغاية لإثبات هذه الجريمة؛ لأن التحرش الجنسي أو الاغتصاب لا يعرف كجريمة منفصلة في القانون الجنائي”.
وفيما يتعلق بالتحرش في الشوارع ترى أن “التحرش في الشوارع هو أيضاً شكل من أشكال التحرش الجنسي، الذي يحدث للنساء بسبب جنسهن، ويحدث ذلك باستخدام الكلمات الجنسية والشتائم والإذلال الجنسي، وأحياناً على شكل اعتداءات جنسية، وأحياناً يحدث عن طريق اللمس المتعمد، وللأسف، في المجتمعات الأبوية دون ضمان الإنفاذ القانوني، تعاني معظم النساء من أحد أشكال هذا العنف”.
مهما ارتديت… المتحرشون في الشوارع لا يتوقفون 
تقول “سحر. م” عن تجربتها مع التحرش، فهي سكرتيرة في مكتب رسمي: “يضايقني عدد من الناس على الرصيف والشارع كل يوم، على الأقل أثناء تنقلاتي، وحقاً لا أفهم سلوك بعض الناس. الآن يبدو الأمر كما لو أن ما ترتديه ونوع الملابس لا يهم على الإطلاق، وبغض النظر عما أرتديه، فإن المتحرشين في الشوارع لا يتوقفون عن الشتائم والألفاظ البذيئة”.
وتتعجب من التعرض للتحرش حتى مع ارتدائها ملابس لا تظهر أي شيء من جسدها “ترى مظهري! لا أحد يرتدي ملابس أبسط من هذه، لكن في دهشتي، أزعجوني مرة أخرى بهذا الغطاء البسيط وبدون مساحيق تجميل على الوجه، إن ما أسمعه يجعلني لا أشعر بالأمان. تظهر نتائج فحوصات الدماغ أن سماع الكلمات المسيئة يشبه الصفعة على الدماغ، وربما يكون سماع كلمات وأوصاف الاعتداء الجنسي بمثابة ضربة أقوى لدماغ الإنسان ولذلك، حتى لو تركنا الجوانب الاجتماعية والثقافية جانباً، فإن الألم والمضايقات الناجمة عن التحرش في الشوارع لن يصبحان طبيعية أبداً”.
ولفتت إلى أن “المضايقات وإيقاف السيارات وأبواق السيارات، هي أكثر الأشياء المزعجة التي أواجهها في الشارع، لكني أفضل الصمت والتجاهل لأن رد الفعل هذا عادةً ما يجعل الشخص المزعج يشعر بالإحباط ويستسلم عاجلاً”.
وبالعودة إلى المستشارة والناشطة الاجتماعية في مجال حقوق المرأة “مهوش خاني” فقد أكدت أن “سبب آخر للمضايقات في الشارع هو عدم التفات الناس لما يحدث في الشارع، وعدم تقديم المساعدة والدعم، للواتي تُركن دون نصير”.
وترى أنه “نتيجة لذلك، سيتحلى المتحرشون بالمزيد من الشجاعة لإيذاء المرأة بالإضافة إلى ذلك، فإن لامبالاة الأشخاص الموجودين في المكان تؤدي إلى تطبيع التحرش في الشوارع ضد المرأة، ما يؤدي في النهاية إلى زيادته في المجتمع. قصة التحرش الجنسي في الشارع ليست قصة جديدة، ولكنها أصبحت مقبولة في المجتمعات التقليدية، وفي نظر مجموعة ليست صغيرة فهي ليست سيئة، ولكن على الرغم من هذه الحالات، وكل التحديات المقبلة، لا ينبغي للمرأة أن تبقى صامتة، بل يجب أن تواجه هذا العنف من خلال كسر الصور النمطية والخوف من المجتمع الأبوي”.
وكالة أنباء المرأة