سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المرأة والتدريب

أحمد بدوي_

لا يمكننا دراسة وبناء أي شيء ما لم يكن هذا الشيء معروفاً ويملك تعريفاً دقيقاً، وكل علم يمتلك تعريفاً ومعروف ومتداول.
بالنسبة للمرأة
فقد تم تعريفها ودراستها تحت اسم علم (الجينولوجيا)، وهو علم يختص بالمرأة ويُعرِّفها، وقد انتشر في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. وما لم يتم تعريف “المرأة” بشكل جيد ومناسب فلن يتطور هذا العلم.
إن المرأة هي الظاهرة التي كثر الحديث عنها بشكل مكثف، وناقشتها جميع الأفكار والعلوم والأساطير بالإضافة إلى الموجات الفكرية والأديان والانبياء والقادة والفلاسفة أيضاً تحدثوا عنها، وكتبوا الكثير حولها وعبَّروا عن آرائهم بخصوصها. وحتى في أيامنا هذه، فمن المواطن العادي حتى رؤساء الوزارات يمتلكون رأياً بخصوص المرأة وما يتعلق بها. لكن على الرغم من ذلك، كما يشير القائد آبو فإنه لم يتم كتابة تاريخ عبودية المرأة ولا تاريخ حريتها. وإذا أردنا ربط المرأة والتدريب ببعضهما البعض وتقييمهما وتحليل هذه العلاقة فعلينا أيضاً إيجاد التعريف الصحيح للتدريب كمصطلح، وهو التربية والحماية والحب وتثقيف الناس واعطائهم المعلومات والحقائق.
* فالمرأة هي تلميذة الطبيعة، والطبيعة هي المدرب الأول، أما المعلم الثاني فهي المرأة؛ إنها تلد وتعطي وتحمي وترعى وتحب.
في كردستان، وتحت اسم ــ المرأة، الحياة، الحرية ــ تم تكوين أساليب الحياة وتطورت مصادر الحياة العظيمة والحرة تمثل هذه المصادر الحقيقة الاجتماعية، وإذا أردنا العيش بحرية فعلينا أن نتخذ من تدريب المرأة أساساً للتقدم والازدهار، وبالتالي علينا أن نطوِّر أنفسنا حتى نصل إلى مجتمع حر وعلمي يؤمن بحقوق المرأة في العيش والمشاركة والحياة الندية التشاركية. وهدف التدريب هو للتعليم وتقديم المعرفة، وواجب المرأة تجاه نفسها هو قيامها بتثقيف نفسها وأن تدرك مكامن قوتها من جميع الجوانب وتعمل على تطويرها. وبهذا الصدد يشير “القائد عبد الله أوجلان” الى هذه الحقيقة بقوله: “طالما لم تتحرر المرأة فإن المجتمع لن يتحرر”، كما يمكننا بالتدريب أن نبطل تأثير العقلية المتسلطة. فتدهور أي مجتمع كان مرتبط بعدم قبوله العيش وفق معاييره الأخلاقية والوجدانية وإنكاره حقوق المرأة في التعلم والتدريب.
إن المجتمع غير المُدرَّب يشبه الجسد الميت من دون روح
ويتطور هذا المجتمع بتطور تدريب المرأة ويتم ذلك وفق ظروف أو مجموعة عناصر، منها؛ الأخلاق والضمير بالمقام الأول ويأتي التدريب في المقام الثاني، ولا يمكن لمجتمع أن يتطور من دونهما.
إن المجتمع المتدرب القائم على التربية والأخلاق وحرية المرأة هو مجتمع سليم ناجح مستقل وحر يمكنه ان يتغير ويتطور بأصعب الظروف. كل الإنجازات الموجودة في العالم سواء كانت فكرية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية وعلمية تم إيجادها بواسطة التدريب لأنه من خلال التدريب يتم إعداد وتأهيل الكوادر في جميع المجالات والجوانب. فالتدريب الذي تقوم به المرأة للمجتمع والفرد يُكسبهما التوازن الداخلي ويجعلهما يتمتعان بالحرية والنضوج الفكري.
إن المرأة وعلى مَرِّ ألوف السنين تقوم بالتدريب بالإضافة إلى قيامها بالبناء والتجديد ــ الشخص الذي يعلم الأطفال الكلمات في صغرهم ويبني شخصياتهم على أسس ثقافة الأم هي المرأة. حتى الآن وبفضل المرأة وصَلَتْ العديد الثقافات إلى يومنا هذا والمحافظة على التراث والإرث الأخلاقي للمجتمعات بفضل المرأة الأم المتدربة على القيم الأخلاقية. وعندما تتحرر المرأة سيغدو العالم أكثر جمالاً ونوراً النور المستمد من المرأة يعتبر أكثر الأنوار إشعاعاً، ويذكر “القائد عبد الله أوجلان ذلك ويقول: أقول وأذكِّر المرأة بالتدريب، وإذا ما وضعت كل الطاقات في النشاط والعمل المستقيم وقمنا بإعطاء تدريبات عميقة عندها سوف يتطور كل مكان ويتم تحقيق الأهداف. ويكمل القائد حديثة حول هذا الموضوع: “على المرأة المتدربة أن تجمع بين فكرها وعاطفتها، كما إنها في طريق تحقيق ذلك عليها ان تتعب وتكد وتشقى وان تتدرب وتتعلم.”
إن مشكلة تدريب وتعليم المرأة مشكلة عميقة ومستعصية، لذلك فهي بحاجة إلى تعليم قوي جداً ويجب أن يغيِّر الجميع أنفسهم في إطار القواعد الديمقراطية، وأن يتلقوا تدريبات لتثبيت القواعد الديمقراطية. وقد شدد القائد على أهمية التدريب للمرأة، فقال: “التدريب بالنسبة للمرأة أهم من الماء والغذاء، وإن أفضل سلاح للإنسان هو تدريبه الذاتي لنفسه. لكي نستطيع أن ننعم بحياة ناجحة علينا أن نكون أكثر قُرْباً للحقائق، وعلى المرأة القيام بأمور مهمة وهي عدم التوقف عن البحث والتنظيم. إذا لم تتمتع المرأة بالقوة التي تخولها لممارسة حقها في الحياة عندها لن يكون لوجودها معنى”.
وعليها أخذ مكانها في الثورة الفكرية، بالنسبة للمرأة الحرية أثمن من أي شيء آخر، وهذا يحتاج إلى تقديم تضحيات كبيرة. فلا يمكن لامرأة غير متدربة أن تتحدث عن الماضي. وإذا كانت المرأة غير متدربة فلا يمكن أن تبني في نفسها شخصية قوية حتى لو وضعت العالم بين يديها. بغض النظر عما يحدث في الحياة فإن ما يتبقى للشخص هو مدى تدريبه الذاتي وقدرته على التحكم بنفسه وتربيتها.
منذ فجر التاريخ البشري وحتى اليوم لم يكن هناك من اعتراف بالمرأة وبحقوقها في الحياة باستثناء “القائد عبد الله أوجلان” واليوم ثورة (روج آفا) التي انطلقت في شمال وشرق سوريا تُعرف باسم ثورة المرأة؛ تلك المرأة المعطاءة والمقاومة والمبدعة في العصر الحديث المنحط الخالي من القيم والأخلاق.
ومن خلال تواجدها في الإدارة الذاتية الديمقراطية التي كفلت للمرأة حقها في العيش وممارسة كامل حقوقها، فمن خلال نظام الرئاسة المشتركة الذي أثبت نجاحه على الصعيد الإداري والمشاركة في اتخاذ القرار والحياة الندية التشاركية، هذا النظام الذي أصبح نموذجاً يضرب به المثل في العيش ونيل الحقوق والمساوة والعدل لكافة المكونات وشعوب شمال وشرق سوريا.