سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عن أزمة ترحيل اللاجئين السوريين من الدول المستضيفة

هيفيدار خالد_

يعدُّ ملفُّ اللاجئين السوريين من الملفّات المعقّدة التي شغلت الرأي العام الإقليمي والعالمي مؤخراً، وسط حديثٍ عن تنامي مراحل تطبيع العلاقات ما بين الدول العربية وحكومة دمشق، والذي سبقه عودة العلاقات بين دمشقَ وأنقرةَ منذ مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية التركية في العام الماضي، وهو ما انعكس سلباً على أوضاع اللاجئين السوريين الذين يتعرضون لانتهاكات جسيمة ويواجهون خطاب الكراهية، في الدول المستضيفة كافة، نتيجة سياسات حكومات هذه الدول واستغلالها هذه الورقة التي طالما كانت رابحة بالنسبة لها في معظم الأوقات.
نبدأ من تركيا التي تعدّ من أكثر الدول المجاورة استغلالاً لأزمة اللاجئين السوريين، فبعد أن فتحت أبوابها لهم على مصراعيها، إبّان الأزمة التي اجتاحت سوريا، حصلت على مليارات الدولارات من الدول الأوروبية بهدف تقديمها لهم، إلا أنها لم تُقدم للسوريين شيئاً، بل اتّخذت من آلامهم ومعاناتهم تجارة لتحقيق مكاسبَ خاصّةٍ بها  .
وعلى ما يبدو من تطوّراتٍ ومستجداتٍ وأخبارٍ تناولتها وسائل إعلامٍ عديدة، فإنّ أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن ليست بأحسن حالٍ من سابقتها؛ إذ يعيش اللاجئون هناك في ظروفٍ صعبةٍ وقاسية للغاية، وخاصة في مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية الأردنية، حيث يواجهون الموت بحسب منظمات إنسانية وناشطين في مجال حقوق الإنسان، ولا مجيب لدعواتهم ومناشداتهم حتى الآن رغم فقدانهم أبسط مقومات الحياة وخاصةً مع حلول فصل الصيف الحارق، حيث ارتفاع درجات الحرارة، وكما هو معروف في هذا الوقت تتفاقم وتنتشر الأوبئة والأمراض المعدية وخاصةً بين الأطفال حديثي الولادة، والنساء اللاتي كانت لهن حصلة الأسد من هذه المعاناة والمآسي.
أما في لبنان فقد استمر خوف أولئك اللاجئين وزادت معاناتهم مع كل رحلةٍ تنظّمها السلطات اللبنانية “للعودة الطوعية” كما يحلو لتلك السلطات تسميتها، إلا أن موضوع ترحيلهم بشكلٍ قسري من لبنان هو ما تناقلته عناوين الصحف العربية مؤخراً، والذي لاقى تعاطفاً كبيراً لما يتعرضون له من انتهاكات وممارسات، ولكن الطامة هو مصير هؤلاء اللاجئين الذين يعاني معظمهم من مشاكل أمنية مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطات السورية التي سبق لها وأن اعتقلت الكثير منهم فور وصولهم البلاد.
لذلك بات ملف اللاجئين السوريين بأمسِّ الحاجة إلى حلٍّ فوري وجذري أيضاً؛ لأن معاناتهم ستشتد أكثر مع اشتداد الأزمات الداخلية والصراعات والحروب في دول مثل لبنان والأردن وتركيا؛ ولأن الوضع في سوريا لم يتغيّر قيد أنملة من ناحية الحقوق والحريات والمساءلات الأمنية على كل شاردة وواردة، وليس هذا فحسب بل ما تلاقيه البلاد اليوم من صعوبات في القطاعات كافة، بدءاً من القطاع الصحي إلى التعليمي والاقتصادي والقائمة تطول، زاد الوضع تعقيداً وإلحاحاً على حلٍّ ينتشل السوريين من هذه المعمعة، وإلا فإنهم سيبقون على حالهم مشردين تتقاذفهم المِحن سواء داخل البلاد أو خارجها نتيجة السياسات الحكومية التي لا تنأى عن إثبات فشلها المرة تلو المرة، فهمها لا يتعدى تكديس الأموال والحفاظ على عروشهم القائمة على رقاب السوريين.
ويشار إلى أن منظمة العفو الدولية، دعت قبل أيام الحكومات المانحة وخصوصاً الاتحاد الأوروبي، للالتزام بحماية اللاجئين السوريين في لبنان، وضمان عدم ترحيلهم قسراً إلى سوريا، هذه الدعوات جاءت قُبيل انطلاق الاجتماع الوزاري لمؤتمر بروكسل الثامن الذي بحث مستقبل سوريا والمنطقة وسبل دعم السوريين والدول المضيفة، ومن جانبه تعهد الاتحاد الأوروبي، بأكثر من ملياري يورو (2.17 مليار دولار) لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة، ورفض أي حديث عن عودتهم المحتملة إلى وطنهم؛ لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيأة الآن… فواقعهم ما أسلفت، والحلول لا تتعدّى ما ختمت به مقالي.