سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

القائد عبد الله أوجلان: تصيير الديمقراطيةِ قناعاً لشرعنةِ السلطةِ أو الدولة أفظعُ سيئةٍ ستُرتَكَبُ

إنّ الدولةَ تُعَبِّرُ عن هويةِ سلطةٍ أكثر ضيقاً وذاتِ ضوابط ملموسة، في حين تصيير الديمقراطية قناعاً لشرعنة السلطة أو الدولة، هو أفظع سيئة ترتكب بحقها، إذ ينبغي عدم مطابقة الديمقراطيات قطيعاً مع السلطة أو الدولة، ويكمن إنقاذها من خلال تطوير الإدارة الذاتية الديمقراطية، عبارات أوضح من خلالها القائد عبد الله أوجلان معاني بعض المصطلحات.
في المجلد الخامس من مانيفستو الحضارة الديمقراطية (القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية) يعرف القائد عبد الله أوجلان قائمة من المصطلحات كل على حدة بشرحها والتعريف بها وإعطاء أمثلة عنها من التاريخ، وكيفية تداولها وتأثيرها ضمن المجتمع، ومنها السلطة والإدارة والديمقراطية. 
العلاقة بين السلطة والدولة
 جد القائد عبد الله أوجلان، أن السلطةُ التي تتجسدُ طاقتُها الكامنةُ بشكلٍ ملموس، فإنها تُشَكِّلُ دولةً ما بطبقتِها الاستغلاليةِ الاجتماعيةِ التي ترتكزُ إليها نُخَبُها الحاكمة (العبودية، الإقطاعية، البورجوازية وما شابه). كما وبالإمكانِ التفكيرُ في السلطةِ من حيث هي طاقةٌ كامنةٌ لقوةٍ جسديةٍ وفكرية. الدافعُ المهم الآخرُ لفرضِ السلطةِ نفسَها على المجتمعِ وكأنها ضرورةٌ حتميةٌ ولازمةٌ باستمرار.
ويتطرق القائد عبد الله أوجلان في كتابته عن الفرق بين مفهوم السلكة والدولة، فهناك علاقة بين هذين المصطلحين: “من الأهميةِ أيضاً ملاحظةُ الفارقِ بين السلطةِ والدولة. فرغمَ انتشارِ السلطةِ في المجتمعِ وتغلغُلِها في كافةِ مساماتِه بدرجةٍ أكبر، إلا أنّ الدولةَ تُعَبِّرُ عن هويةِ سلطةٍ أكثر ضيقاً وذاتِ ضوابط ملموسة. بمعنى آخر، فالدولةُ شكلٌ من أشكالِ السلطةِ الخاضعةِ لرقابةٍ أكبر، والمرتبطةِ بالقواعد، والمتحولةِ إلى قانون، والتي تُبدي عنايةً فائقةً لشرعنةِ ذاتِها. وبينما تُقَيَّمُ السلطةُ كحالةِ نفوذٍ عامّ، فإنه بالمستطاعِ الحكمُ على اللا سلطةِ كحالةِ عبوديةٍ عامة. واختلافُ أشكالِ السلطةِ والعبوديةِ متعلقٌ بالمزايا العامةِ للدولة، إذ تنهلُ غَيضَها من فَيضِها، لذا، بالوِسعِ الحكمُ عليها أيضاً بأنها مضادةٌ للحرية. فبقدرِ تواجُدِ كُمونِ السلطةِ في المجتمع، فإنّ غيابَ الحريةِ يَسُودُ بالمِثل. وبقدرِ التقليلِ من السلطة، فإنّ وضعَ الحريةِ يُحقِّقُ التطورَ”.
سلطة الدولة وتحجيم دور الديمقراطية
يعرف القائد عبد الله أوجلان مصطلح الديمقراطية بمعناها الواسع على أنها قيامُ المجموعاتِ التي لا تَعرفُ الدولةَ أو السلطةَ بإدارةِ نفسِها بنفسِها. وتَندرجُ إدارةُ المجموعاتِ الكلانيةِ والعشائريةِ والقبائليةِ نفسَها بنفسِها في هذا التصنيف. أما الإداراتُ الذاتيةُ الباقيةُ خارجَ حُكمِ السلطةِ والدولةِ ضمن المجتمعاتِ التي تسودُها ظاهرتا السلطةِ والدولةِ بكثافة، فيُمكنُ تقييمُها وإدراجُها في إطارِ الديمقراطيةِ بالمعنى الضيق، كما يصفها القائد.
ويفيد أيضاً: “في المجتمعاتِ الدولتيةِ لا تَسري الإداراتُ الديمقراطيةُ الخالصة، ولا الإداراتُ الاستبداديةُ الخالصة. بل غالباً ما تَسُودُها الظاهرتان الإداريتان بشكلٍ متداخل. وهذا ما يُنتِجُ بدورِه أنظمةً منفتحةً على تفسخِ وفسادِ السلطةِ والديمقراطيةِ على حدٍّ سواء. ذلك أنّ سلطةَ الدولة، وبحُكمِ طبيعتِها، مُضطرَّةٌ في علاقاتِها مع المجتمعِ إلى تحجيمِ الديمقراطيةِ وجرِّها إلى الوراء. بينما تَرمي قوى الديمقراطيةِ إلى توسيعِ حدودِها باستمرار على أساسِ عدمِ الاعترافِ بالدولة”.
 العصرانيةِ الديمقراطيةِ في مواجهة الحداثةِ الرأسماليةِ المعاصِرة 
ويوضح القائد عبد الله أوجلان بأن صُلبُ الموضوعِ يتأتى من الإشكاليةِ النابعةِ من تَقمُّصِ الدولةِ لقناعِ الديمقراطية، ومن تَطَلُّعِ الديمقراطيةِ إلى الدولة. وقد طُوِّرَت هذه الإشكاليةُ بنحوٍ منظَّمٍ في المدنيةِ الأوروبية. في حين أنّ الاختلافَ أعمقُ بكثير بين طبيعتَي الدولةِ والمجتمعِ في المجتمعاتِ الشرقية. إنّ لجوءَ سلطةِ الدولةِ بالأغلب إلى الحدِّ من نطاقِها بالدساتيرِ والحدِّ من نطاقِ المجتمعِ بالديمقراطيةِ التمثيلية، قد طَوَّعَ الاشتباكاتِ المحتدمةَ فيما بينهما، وأَتاحَ فرصةَ العيشِ المشترك. ويَهدفُ هذا النموذجُ الذي طوَّرَته الحداثةُ الرأسماليةُ ضمنياً إلى تطويعِ الصراعاتِ الطبقيةِ والتحكمِ بالمجتمع. فبينما تستمرُّ الحداثةُ الرأسماليةُ من الناحيةِ الأولى في بسطِ الدولةِ القومية، التي هي أكثرُ أشكالِ سلطةِ الدولةِ توسُّعاً وكثافة، وتسليطِها على كافةِ القوى الاجتماعيةِ التي خارجَ نطاقِها؛ فإنها تسعى من الناحيةِ الثانيةِ إلى إرضاءِ القابعين تحت نيرِ استغلالِ وقمعِ نظامِها بحِصَّتِهم من الديمقراطيةِ التمثيليةِ البرلمانيةِ كواجِهةٍ شكلية. وهذه هي الظاهرةُ المسماةُ بالديمقراطيةِ الليبرالية، كما أوضحه القائد عبد الله اوجلان في مانيفستو الحضارة الديمقراطية بمجلده الخامس.
ويكمل حديثه عن الديمقراطية: “إنّ إنقاذَ الديمقراطيةِ المجتمعيةِ من هذه الغفلةِ غيرُ ممكنٍ إلا بتطويرِ الإداراتِ الذاتيةِ الديمقراطية. وفي حالِ عدمِ مطابَقةِ الإداراتِ الذاتيةِ الديمقراطية مع سلطةِ الدولةِ من جهة، وعدمِ تحريفِها تحت اسمِ الديكتاتوريةِ الشعبيةِ أو البروليتاريةِ من الجهةِ الأخرى؛ فحينها ستَكونُ أقربَ نموذجٍ إلى الحلِّ الصحيح. أي أنّ أرضيةَ الإدارةِ الذاتيةِ الديمقراطيةِ وخصوصيتَها لا تتجسدان في تَدَوُّلِها باسمِ الشعب، ولا في تحولِها إلى مُلحَقٍ بسيطٍ مُرفَقٍ بالدولة، فالمهمةُ التي تقعُ على عاتقِ المجتمع، هي إنشاءُ قوى العصرانيةِ الديمقراطيةِ الخاصةِ به في وجهِ قوى المدنيةِ التاريخيةِ وقوى الحداثةِ الرأسماليةِ المعاصِرة. هذا ويتجسدُ الدورُ التاريخيُّ للعصرانيةِ الديمقراطيةِ في بناءِ ذاتِها ضمن جميعِ الحقولِ الاجتماعيةِ والرقيِّ بمعانيها؛ دون الانصهارِ في بوتقةِ الدولةِ القائمةِ أو التحولِ إلى امتدادٍ مدنيٍّ لها، ودون استهدافِ هدمِ الدولةِ والتطلعِ بالمقابلِ إلى التدول”.
الإدارة ظاهرة مستدامة في المجتمع 
“الإدارةُ أيضاً مثل الثقافة، ظاهرةٌ مستدامةٌ في المجتمع. وإذا عَمَّمنا أكثر، فهي تُعادِلُ الرقيَّ الدماغيَّ على المستوى الكونيّ وتُعبِّر الإدارةُ عن حالةِ الانتظامِ في الكونِ وعن حالةِ الهربِ من الفوضى. والوضعُ الراقي لطبيعةِ المعنى ذاتِ الذكاءِ المرنِ في المجتمع، يقتضي بدورِه رقيَّ القدرةِ على الإدارة. من الممكنِ تسميةُ الإدارة على أنها “العقل المجتمعيّ”، بهذه العبارات يصف القائد عبد الله أوجلان مصطلح الإدارة.
ويميز القائد عبد الله أوجلان بين الإدارة الذاتية والإدارة الدخيلة: “من المهمِّ تحليلُ مصطلحَي الإدارةِ الذاتيةِ والإدارةِ الدخيلة. فبينما تَقومُ الإدارةُ الذاتيةُ بتنظيمِ القُدُراتِ الكائنةِ في طبيعتِها الاجتماعيةِ ومراقبتِها، وتُؤَمِّنُ بالتالي سيرورةَ المجتمع، وتَضمَنُ مَأكلَه ومَأمَنَه؛ فإنّ الإدارةَ الدخيلةَ “تُشَرعِنُ نفسَها” كسلطة، وتعملُ على إغواءِ المجتمعِ المُسَلَّطةِ عليه (تحاولُ نثر دماغه)، لتَقدِرَ بالتالي على حُكمِه بعدَ تحويلِه إلى مستعمَرة. من هنا، فالإدارةُ الذاتيةُ تتمتعُ بأهميةٍ مصيريةٍ بالنسبةِ لمجتمعٍ ما. وكيفما يستحيلُ على مجتمعٍ يفتقرُ إلى الإدارةِ الذاتيةِ أنْ يتجنبَ التحولَ إلى مستعمَرة، فلا مفرَّ من فنائِه وزوالِه ضمن سياقِ الصهرِ والإبادةِ كمَآلٍ طبيعيّ، وتُمَثِّلُ الإداراتُ الدخيلةُ على جوهرِ المجتمعِ أكثرَ أشكالِ السلطةِ طغياناً واستعماراً. بناءً عليه، فالمَهَمَةُّ الأخلاقيةُ والعلميةُ والجماليةُ المصيريةُ والأهمّ على الإطلاقِ بالنسبةِ لمجتمعٍ ما، هي بلوغُه قوةَ الإدارةِ الذاتية”.
ويجد بأنه من المهم منعُ كفاءةِ الإدارةِ من الانتقالِ بذاتِها نحو شكلِ السلطةِ من جانب، وتَصَدّيها حتى آخرِ رمقٍ تجاه اللا إدارةِ من الجانبِ الآخر. وبقدرِ أهميةِ عدمِ تحويلِ الإدارةِ إلى سلطة، فإنّ انتزاع امتيازاتِ الإدارةِ من يدِ السلطةِ أيضاً يتحلى بأهميةٍ كبيرة. وبقدرِ ما تُعَدُّ السلطةُ مناهِضةً للمجتمعية، فإنّ الإدارةَ كفاءةٌ وقوةٌ مجتمعيةٌ بالمِثل”.
الديمقراطية هي ساحةُ الحلِّ الحقيقيِّ للقضايا النابعةِ من السلطةِ والدول
ويشير القائد عبد الله أوجلان في كتابه إلى مدى الارتباط بين الديمقراطية والإدارة الذاتية: “بقدرِ ما يَكُونُ حُكمُ السلطةِ مناهِضاً للديمقراطيةِ في المجتمع، فإنّ الإدارةَ الذاتيةَ مرتبطةٌ بالدرجةِ نفسِها بالإدارةِ الديمقراطية. وبقدرِ ما تُعَبِّرُ أشكالُ حُكمِ السلطةِ المَحضِ عن التضادِّ مع الديمقراطيةِ وعن إقصاءِ المجتمعِ عن الإدارة، فإنّ الإداراتِ الذاتيةَ تدلُّ على التحولِ الديمقراطيِّ بقدرِ إشراكِ المجتمعِ في الإدارة. وفي هذه الحال، يمكنُ تعريفُ الديمقراطيةِ على أنها الإدارةُ الذاتيةُ التي يُشارِكُ فيها المجتمع. ونظراً لاهتمامِ الإداراتِ الذاتيةِ بالمجتمعِ دوماً، فإنّ الديمقراطيةَ موجودةٌ في طبيعتِها، بحُكمِ استحالةِ التفكيرِ في عدمِ مشاركةِ المجتمعِ فيها. وبينما يتمُّ تصوُّرُ الديمقراطيةِ بالأغلبِ على أنها مصطلحٌ معنيٌّ بالمجتمعاتِ الكبرى كالشعوبِ والأمم، فإنّ الإداراتِ الذاتيةَ تشيرُ إلى الكفاءةِ أو القوةِ المستدامةِ التي تنتشرُ من أصغرِ المجتمعاتِ الكلانيةِ إلى أوسعِ المجتمعاتِ الوطنية. ويأتي عجزُ علمِ الاجتماعِ عن تحليلِ الخلطِ بين السلطةِ والإدارةِ في مقدمةِ الأزماتِ أو الإشكالياتِ المهمةِ جداً التي يعاني منها. وهذا ما أبقى بدورِه على جميعِ التحليلاتِ البنيويةِ والعقليةِ والمواقفِ التاريخيةِ تتخبطُ في الفوضى، مُطيلاً بذلك من عُمرِ الأزمة. والنتيجةُ هي ابتلاعُ السلطةِ لكلِّ المجتمعِ والبيئة، وإفراغُها الديمقراطيةَ من جوهرِها مختزلةً إياها إلى قِشرةٍ جوفاء، واختزالُ ذاتِها إلى شكلٍ صُوريٍّ متكررٍ بلا جدوى”.
وفي سرده عن الديمقراطية قال عنها أيضاً: “يتوجب تعريفُ الديمقراطيةِ بصفتَين مهمتَين: أولاهما؛ احتواؤُها على التضادِّ مع مؤسساتيةِ وتدوُّلِ السلطةِ المسلَّطةِ على الشعب. ثانيتُهما؛ إضفاؤُها المزيدَ من التشاركيةِ على الإدارةِ الذاتيةِ المتبقيةِ من المجتمعِ التقليديّ، ومَأسَسَتُها لثقافةِ النقاشِ والاجتماعاتِ مُعَزِّزَةً إياها بتأسيسِ نموذجٍ مُصَغَّرٍ من البرلمان. تُحَقِّقُ الإدارةُ الذاتيةُ مشاركةَ جميعِ الوحداتِ المجتمعيةِ المعنيةِ بوصفِها شبهَ استقلاليةٍ ديمقراطيّة، وتُؤَمِّنُ مؤسساتيتها، حيث تُعَرِّفُ الديمقراطيةُ نفسَها كشكلٍ إداريٍّ لا يتحولُ إلى سلطة، وبالتالي لا يُمهِّدُ السبيلَ أمام القضايا الاجتماعية، ولا يفتحُ المجالَ أمام ولادةِ القمعِ والاستغلال”.
ويؤكد في بحثه عن الديمقراطية: “تصيير الديمقراطيةِ قناعاً لشرعنةِ السلطةِ أو الدولة، هو أفظعُ سيئةٍ ستُرتَكَبُ بحقِّها. إذ ينبغي عدم مطابَقةِ الديمقراطياتِ قطعياً مع السلطةِ أو الدولةِ. فخَلطٌ من هذا القبيلِ يعني استفحالَ القضايا الاجتماعيةِ لدرجةِ العجزِ عن إيجادِ الحلِّ بأيِّ حالٍ من الأحوال. إنّ الديمقراطياتِ التي تُحافظُ دوماً على حيويةِ الوعيِ السياسيِّ واليقظةِ الأخلاقيةِ لدى المجتمعات، هي ساحةُ الحلِّ الحقيقيِّ للقضايا النابعةِ من السلطةِ والدول، حيث لَم نَشهَدْ بتاتاً نُظُماً أخرى أَبدَت قُدرتَها على حلِّ القضايا الاجتماعيةِ دون اللجوءِ إلى الحرب، بقدرِ ما هي الديمقراطية. أما عندما تتعرضُ سلامةُ المجتمعِ وأمنُه لخطرٍ قاتلٍ على يدِ السلطةِ والدولة، فحينها تَخوضُ الديمقراطيةُ الحربَ بحماس، ولا تَخسَرُ فيها بسهولة”.
خطر يهدد الديمقراطيات 
كما ويوضح الخطر الذي يهدد الديمقراطيات والإدارات الشبه مستقلة: “يأتي الخطرُ الأكبرُ الذي يُهدِّدُ الديمقراطياتِ والإداراتِ شبهَ المستقلةِ في عصرِ الحداثةِ الرأسمالية من السلطاتِ الدولتيةِ القومية. فالكثيرُ من الدولِ القوميةِ التي تُمَوِّهُ نفسَها بسِتارِ الديمقراطية، تُرَسِّخُ المركزيةَ الأكثرَ صرامة، قاضيةً بذلك كلياً على حقِّ المجتمعِ في الإدارةِ الذاتية. وتَعملُ الهيمنةُ الأيديولوجيةُ الليبراليةُ على إقناعِ الغَيرِ بأنّ مزيةَ الدولةِ القوميةِ في التضادِّ مع الديمقراطيةِ هي خاصيةُ “عصرِ الديمقراطية”، وتُسَمّي تفنيدَ الديمقراطيةِ من قِبَلِ الدولةِ القوميةِ بأنه “نصرُ النظامِ الديمقراطيّ”. لذا، فالقضيةُ الحقيقيةُ للديمقراطياتِ إزاءَ الحداثةِ الرأسمالية، هي عرضُها فوارقَها التي تُمَيِّزُها، وعدم التخلي عن خصائصِها التي تتطلبُ المشارَكةَ والسيرورة. ما من قضيةٍ اجتماعيةٍ لا تقدرُ الديمقراطياتُ على حلِّها، ما دامَ ليس هناك فرضٌ لهيمنةِ السلطةِ والدولة”.
في حين يرى القائد عبد الله أوجلان بأن المشكلةُ الأساسية، التي ينبغي حلُّها في العلاقاتِ بين السلطةِ والدولةِ وشبهِ الاستقلاليةِ الديمقراطية، تتعلق بقدرةِ كلٍّ منها في الحفاظِ على الفوارقِ التي تُمَيِّزُها وترتيبِها حسبَ الأولويات. وبمعنى آخر، فهي تتعلقُ بكيفيةِ قدرتِها على حلِّ قضيةِ السلامِ المجتمعيّ، فأنّ مقارباتِ إفناءِ بعضِها البعضِ تؤدي فقط إلى تحوُّلِ سلطةِ الدولةِ إلى وحشٍ (لوياثانٍ) اجتماعيّ، وتفضي إلى استمرارِ الفوضى العارمةِ وتجذُّرِها طردياً. وكلُّ تجربةٍ في الحلِّ ضمن هذا الإطار تَكتمُ أنفاسَ المجتمعِ وتَستهلكُه أكثر”.