سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عبد الرحيم الصالح: نحن جيل ولدت طموحاتنا ميتة.. لكننا أبينا دفنها

حاوره/ محمد حمود_

عبد الرحيم خضر الصالح من مواليد مدينة الحسكة في حزيران 1989. نشأ وترعرع في حي النشوة الغربية. درس الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدينة عينها.
يكتب عبد الرحيم الصالح الشعر بنوعيه؛ التفعيلة والعمودي؛ كما يكتب القصص القصيرة والخواطر التي تعكس واقعه وتجربته.
وفي لقاء خصنا به الشاعر، وحدثنا عن بعض تفاصيل شخصيه، إنه نال إجازة في اللغة العربية من جامعة الفرات كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الحسكة، وانتقل بعدها لإتمام دراسته العليا في جامعة دمشق قسم الدراسات اللغوية، لكن “الحلم لم يكتمل فأجهضته ظروف الحرب، وما رافقها من عوز وفقر” كما ينبئنا عنها عبد الرحيم الصالح.
وفي تفاصيل اللقاء مع الشاعر الصالح كان الحوار التالي:
ـ أدبيا كيف لشاعرنا أن يعرفنا بنفسه؟
أنا عبد الرحيم الصالح، لم أطلق على نفسي لقب (أديب) ولن أطلقه على نفسي أبداً، أنا شخص سلكَ طريقاً ما زالَ في طور الحبوِ، والألقاب يطلقها الجمهور بناءً على ما يقدّمه الشخص بنتاج أدبي أو غيره، فأيّ عملٍ يُقدّم للنّاس، فلهم الحكمُ فيه، أو في صاحبه.
ـ متى بدأت الكتابة عندك في مختلف أنواعها، وهل وجدت تشجيعاً في بداياتك؟
بدأت الكتابة لدي باكراً في مرحلة الدراسة الإعدادية، وكانت على شكل خربشاتٍ أو خواطر كنت أحتفظُ بها لنفسي، فلم أكن أملك الجرأة لعرضها على الآخرين، وتطوّرت مع تطوّر اللغة لدي في المرحلة الثانوية، وكان أول شخصٍ أعرض عليه ما أكتب مدرس اللغة العربية في ثانوية أبي ذر، ولاقت استحساناً لديه وشجعني على تطوير أدواتي، أما في المرحلة الجامعية فكنت أعرض كتاباتي على صديقٍ واحدٍ رحمه الله، فكان هو الجمهور الوحيد لي في تلك المرحلة، وشجعني كثيراً على المشاركة في الأمسيات والمنتديات الأدبية، التي كانت تنظّم، لكنّي كنت أؤثر المشاركة عريف حفلٍ لا أكثر.
ـ ما المواضيع التي تعرضها في كتاباتك؟
أنا أكتب في الموضوعات كلها، لكن ما يسود في كتاباتي هي قضايا المجتمع عموماً، فالكتابة مرآة الواقع، والكاتب على كاهله مهمة عرض المشكلات الاجتماعية وتصويرها مجرّدةً كما هي، لعلّه يثير اهتمام المعنيين بمعالجته.
ـ أنت تكتب الأنواع الكتابية (الشعر، والنثر) أيهما المحبب إلى قلبك، وتجد نفسك فيه أكثر؟ ولماذا؟ 
نعم، أنا أكتب الشعر والنثر، أمّا الشّعر فخوضي فيه لا يعدو بعض الومضات، التي لا تخولني أن أقول عن نفسي إني شاعر، أمّا النثر فهو الميدان، الذي أجد نفسي فيه، لما يمنحني مساحة للطّرح والتصوير الدقيق، دون التقيّد بالوزن أو القافية، ففي النّثر تكون الكلمات أكثر رشاقةً، والصور تنال حقّها في النقل الدقيق.
ـ أنت تنشر إنتاجك الكتابي في مواقع التواصل الافتراضي.. لماذا؟ 
نعم أنا أقتصر في النشر على مواقع التواصل الافتراضي، وعلى صفحتي الشخصية فقط، لأن النشر الورقي أو الإلكتروني في المجلات والمنصات الأدبية رهينُ سياسات الناشر، لا قيمة للمادة المطروحة، ولا أرضى لكتاباتي، أن يتم تقييمها بناء على قواعد غير أدبية، فلو كان النشر يعتمد المعايير الأدبية فقط لما توانيت عن محاولة النشر، حينها إن رفضت كتاباتي سأكون راضياً تمام الرضى، كما لو أنها قُبلت.
ـ رأيك في مستوى الأدب المحلي في شمال وشرق سوريا، وسوريا عامة، ومن هم الكتاب المفضلون لديك محليا، وعربياً؟ 
الأدب المحلي في شمال وشرق سوريا حاله حال الأدب في أي مكان في العالم تشابه ظروفه ظروفنا، هو في حالة ركود والأسباب في ذلك متعددة منها ضعف الاهتمام بالحركة الأدبية، وقلة المنصات، التي تُعنى بها، هناك بعض المحاولات لتسليط الضوء ودفع عجلة الحركة الأدبية، لكنّها ليست بالمستوى المطلوب.
على الصعيد المحلي هناك الكثير من الكتاب والشعراء، الذين يستحقون أن ينالوا حقهم من التقدير وتسليط الضوء أمثال (فاضل العبد الله، عبد الباقي محمد) في مجال القصة والرواية، أما في ميدان الشعر فهم كثرٌ فإن أردتُ استحضار الماضي شعراً فأفضل القراءة لأحمد عبد الرؤوف، وظاهر العبيد، وإن رغبت ببعض الحب والرومنسية فأقرأ لخليل حسين، وللشعر الشعبي نصيب من القراءة لدي وفي هذا الميدان فرسانٌ أمثال إسماعيل الحصن، وعبد الواحد عبد الرحمن، وأحمد الجرجيس، وعلى مستوى العالم العربي أميل لمحمد مهدي الجواهري، وأمل دنقل، وبدر شاكر السياب، ونزار قباني. 
ـ طموحاتك ومشاريعك المستقبلية؟ 
نحن جيلٌ قُدِّرَ لنا أن تولد طموحاتنا ميتةً، لكن أبينا دفنها فصارت أحلامنا، أن ينال أولادنا ما حرمنا نحن منه. لدي ثلاثة مشاريع للمستقبل، هم أولادي (أيمن، ومحمد، ويوسف) فقط.
ـ كلمة أخيرة تريد قولها في نهاية اللقاء؟ 
في الختام أتوجه لكم بالشكر على هذه اللفتة، التي سررتُ بها جداً، فهي ثمرةٌ جنيتها من كتاباتي، فالتكريم لا يكون بالجوائز فقط، إنما الانتباه لوجودك في هذا العالم، هو جائزة أعتز بها وأفتخر. 
بعض من أشعار الكاتب:
“تقفُ شامخةً
كشجرةِ البطمِ التائهة
على سفحِ جبل عبد العزيز
 تزيدها العصابةُ البيضاء
 التي تعلو (الهباري)
 وقاراً وهيبةً.
 دخان لفافة تبغ (الغازي)
 المنبعث
 من بين أصابع يدها اليمنى
 يقبل الوشوم
 التي أرهقتها تجاعيد السنين
 فغيرت ملامح الجمال فيها
 تدخل إبهامها الأيسرَ
 بين محزم (الشويحي)
 وثوب (أبو ردان)
 لعلّه يساند ظهرها
 الذي كُسرَ
عندَ فقدها
مَن كانَت تناديه يوماً
 (حزام ظهري)”.