سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

اللغة الكردية.. نضال ضد سياسة الانصهار والتهميش

جل آغا/ أمل محمد ـ

أكدت شخصيات نسوية تربوية وتعليمية، أن “لغتنا هي وجودنا، ومن هذا المعيار الدقيق أن اللغة الكردية قد وصلت مرحلة هامة بعد الكثير من التضحيات، وألا يتمكن أحد من طمس لغتنا التي هي هوية لنا”.
يصادف 15 أيار من كل عام يوم اللغة الكردية، والذي يحتفل به الكرد عيداً للغة، تلك اللغة التي تعرضت للصهر ومحاولة المحو، والقضاء عليها من جهات عدة، ومرت بمراحل عديدة، فجاء الاحتفال بهذا اليوم لأنه يصادف تاريخ إصدار أول عدد من مجلة “هاوار” الأدبية الكردية.
وقد صدر العدد الأول من مجلة “هاوار” في 15 أيار من عام 1932 بواسطة جلادت بدرخان، واستمرت حتى عام 1943 وتوقفت فيما بعد وأصدر ما يقرب منها 57 عدداً منها، واللغة الكردية من اللغات العريقة، ومن أكثر اللغات التي حُوربت من جهات سياسية حاولت النيل منها، وطمسها وتعريبها، يتحدث باللغة الكردية من 16 إلى 35 مليون شخص، وتكتب بالأحرف اللاتينية والعربية، وقبيل ثورة 19 تموز كانت اللغة الكردية في جموع سوريا غير رسمية، بل وكانت من الممنوع التحدث بها وحتى تدريسها، ولكن بعد ذلك وبجهود المعنيين وبرغبة تامة من الأهالي عادت اللغة الكردية للانتعاش من جديد، وأصبحت تُدرس بشكل رسمي في مدارس إقليم شمال وشرق سوريا إلى جانب اللغة العربية.
بعد أن منحت ثورة 19 تموز النور للغة الكردية، وأعادت إليها بريقها تمكنت اللغة وبجهود المعنيين من أن تصبح لغة رسمية في المنطقة، وتُدرس في المدارس بمناهج خاصة، وأقيمت بهذا الشأن جامعات خاصة باللغة الكردية، وباختصاصات عدة.
اللغة هي الأرض والوطن والحضار
وبصدد هذا الموضوع وبالتزامن مع يوم اللغة الكردية، التقت صحيفتنا شخصيات نسوية في العملية التربوية والتعليمية، للحديث عن يوم اللغة الكردية.
 الإدارية في لجنة إدارة المدارس في مدينة جل آغا “نزهة سيف الدين” حدثتنا: “اللغة الكردية من أقدم وأعرق اللغات، التي شهدتها البشرية، حارب الأعداء اللغة، وعملوا على طمسها ولا يزالون يحاربونها، ولكن اللغة هي الأرض والوطن والحضارة، هي نحن، لذا حارب أجدادنا من أجل المحافظة على هذه اللغة، ونحن لا نزال نحارب من أجل لغتنا، لأنها هويتنا وتاريخنا”.
وتضيف: “وضعنا هدفاً نصب أعيننا، وهو إحياء لغتنا، وقد تمكن المعنيون، وبجهود جبارة، وإصرار، افتتاح مدارس للغة الكردية وجامعات بمختلف الاختصاصات، جاء هذا بفضل ثورة روج آفا، وإصراراً من كل شخص عشق لغته، وعمل بكل حزم، وقدم من وقته وجهده لندرس ونتكلم اليوم بلغتنا”.
هذا وأكدت نزهة، بأن اللغة الكردية وصلت لهذه المرحلة المهمة بدماء الشهداء وعزيمة المدرسين ورغبة الطلبة، ولكن لن يتمكن أحد من النيل من هذه الجهود ومحاربة اللغة مجدداً: “مع بدأ تدريس اللغة الكردية في المدارس بدأ الراغبون من المعلمين والطلاب التوافد لتدريس وتعلم اللغة الكردية، والمعلمون الذين يدرسون اللغة الكردية، يزدادون كل عام، وكذلك أعداد الطلبة، لأننا في كل عام نثبت بأن لغتنا، هي تاريخنا، وستكون يوماً لغة رسمية في جموع سوريا، وليس فقط في إقليم شمال وشرق سوريا”.
تعلُّمي بلغتي هو تحقيق حلمي
وفي السياق ذاته؛ حدثتنا طالبة الأدب الكردي في جامعة روج آفا “نسرين يونس” من مدينة ديرك: “أدرس في جامعة روج آفا قسم الأدب الكردي، تخصصت في هذا المجال لعشقي للغتنا الكردية، دراستي اليوم هو حلم لي ولباقي الطلبة، قبيل أعوام كان التحدث باللغة الكردية في المدارس أمراً تُعاقب عليه، كنا نخشى الحديث والدراسة بلغتنا، لذا اليوم وبوجود جامعات خاصة باللغة الكردية هو إنجاز حقيقي”.
وتتابع نسرين: “اللغة هي التاريخ والهوية فمن حقنا ومن حق أي شعب في البلاد أن يتعلم ويدرس بلغته، بدراستي الأدب الكردي تعرفت أكثر على تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا، اليوم نحن نحقق حلم أهالينا، الذين حُرموا من التعلم بلغتهم لذا كانت عائلاتنا أول من قدم لنا الدعم للدراسة باللغة الكردية”.
مناهج الإدارة مناهج ديمقراطية
وفي السياق ذاته تحدثت مدرسة مادة الأدب الكردي “ناديا علي” من قامشلو: “تخرجت من جامعة روج آفا قسم الأدب الكردي والعلوم الإنسانية، مع بداية ثورة روج آفا التحقت بدورات اللغة الكردية، والتي كانت عبارة عن حصص مبسطة في البداية، ومن ثم اتبعنا دورات أكاديمية مكثفة أهلتنا لخوض مهمة التدريس، كانت البدايات شاقة، وفي الوقت ذاته مبهجة، وتدعو للتفاؤل بأن ندرس لغتنا، التي حُرمنا منها لسنوات طويلة، بعد محاولات عديدة تمكنا من تعليم المنهاج بشكل كامل باللغة الكردية في حين كانت في السابق تقتصر على بعض الحصص، ومن منطلق إيماننا بلغتنا فقد أصبحت لدينا مدارس خاصة باللغة الكردية، وجامعات بمختلف الاختصاصات، مناهج الإدارة الذاتية الديمقراطية، هي مناهج ديمقراطية، فلكل شعب الحق في دراسة لغته، ونحن نفتخر بهذه النتائج فبجهود الثورة أصبحت لغتنا لغة رسمية، وتُعطى وتُدرس، وفي سابق العهد لم تُحارب لغتنا في التدريس فحسب، بل حتى المثقفون والأدباء، مُنعوا من إصدار مؤلفاتهم وكتبهم بلغتهم الأم، ثورة روج آفا كانت المنقذ، التي أعادت الحياة للغة الكردية”.
حق شرعي
وعن الصعوبات، التي واجهت المعلمين والمدرسين في بداية تدريس وتعلم اللغة الكردية حدثتنا ناديا: “واجهتنا صعوبات وعوائق كثيرة، ولكن إيماننا باللغة والثورة والأرض جعلنا نصل لهذه المرحلة المهمة، نظرة الاستهزاء في بداية تعلمنا للغة من المحيط الخارجي، كانت من أكبر الصعوبات إلى جانب صعوبة نشر الوعي بين الأهالي؛ لتعلم لغتهم، اللغة هي الهوية، فلكل شخص الحق في التحدث، وتعلم لغته، ونحن مثل الأمم والشعوب من حقنا تعلم ودراسة لغتنا، وهذا حق مشروع”.
هذا وتدرس في جامعة روج آفا الأدب الكردي، الذي يُعنى بتاريخ اللغة، ، وقد انتسب العديد من الطلاب والطالبات لهذا القسم، ما بين عامي 2016 و2019 فقد تخرجت ما يقارب 52 طالبة وهناك عشر طالبات في سنة التخرج يحضرنَ أنفسهنَّ للحصول على إجازة في الأدب الكردي من جامعة روج آفا، إضافة إلى تدريس اختصاصات عدة تدرس باللغة العربية أيضاً. ومن الممكن معرفته أن عدد المعلمات، اللواتي يعلمْنَ اللغة الكردية قد بلغ 7852 معلمة على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا.