سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

يوم الأم السوريّة… عرفان بالتضحيات وتقدير للأمهات

دجوار أحمد آغا_

الأم، ليس كمثلها مثيل، لا تُقدّر بثمن، ولا يوصفها وصف، ومهما قدّمنا لها؛ لن نستطيع أن نرد لها ما قدمته من أجلنا. لذا؛ أعتقد بأن تخصيص يوم للأم كعيد لها، هو أقل من واجب تجاه التضحيات الكبيرة والكثيرة التي تقدمها الأم من أجل أبنائها. كما أن للأم دور كبير في الحفاظ على أمن وسلامة العائلة وكذلك في حل المشاكل والخلافات بالطرق السلمية.
على هذا الأساس؛ دعت الأم الأمريكية “جوليا وارد هاو” في الثاني من حزيران 1872 النساء الى الانضمام لمبادرتها من أجل نزع السلاح وأن يكون هناك يوم الأم من أجل السلام. تحت عنوان “نداء إلى الأنوثة في جميع أنحاء العالم”.
لكن دعوة جوليا لم تكن من أجل تكريم الآم وتضحياتها، بل كانت من أجل تنظيم الأمهات من أجل السلام وضد الحرب. فيما بعد وفي العام 1908 قامت الناشطة الأمريكية “آنا جارفيس” من غرافتون غرب ولاية فرجينيا بالاحتفال بوالدتها التي كانت لديها فكرة مهمة جداً وهي إن تعاونت الأسر المتحاربة مع بعضها البعض لتكريم الأم والاحتفاء بها سيؤدي ذلك الى انتهاء النزاع واحلال السلام وسيتحول الكره في قلوبهم الى محبة.
استمرت جوليا في طلبها بضرورة تخصيص يوم للأم، ودعوة السلطات الأمريكية حتى بعد وفاة والدتها، انضم اليها الكثير حتى أصدر حاكم فيرجينيا أمراً باعتبار 12 أيار عيد للأم في العام 1907 ومن ثم قرر الرئيس الأمريكي ويلسون اعتبار الأحد الثاني من أيار عيداً رسمياً وطنياً كيوم الأم أي 12 أيار من كل عام.
حذت العديد من دول العالم حذو الولايات المتحدة الأمريكية في تخصيص يوم للأم من أجل الاحتفال به وما قدمته من تضحيات وكعرفان ورد الجميل لها، وقد اتخذت ألمانيا نفس التاريخ أي 12 أيار بينما قررت النرويج الاحتفال بهذا اليوم بتاريخ الثاني من شباط بينما خصصت الارجنتين يوم الثالث من تشرين الأول ليكون عيد الأم، فيما تحتفل به جنوب أفريقيا في الأول من أيار. أما اندونيسيا فقررت اعتبار يوم 22 كانون الأول هو عيد الأم.
عيد الأم في سوريا يؤكّده وجود طابع صادر عن وزارة الأشغال والمواصلات بتاريخ 13 أيار 1955 زمن رئيس الجمهورية السورية الرئيس هاشم الآتاسي، قبل أن تتحول في العام 1958 إلى إقليم شمالي في الجمهورية العربية المتحدة مع مصر. حيث تم اعتماد يوم 21 كعيد للأم أسوةً بالإقليم الشمالي (مصر). ثم خلال حكم حزب البعث بعد الانفصال الذي قام بتغيير اسم الجمهورية السوريّة إلى الجمهورية العربية السورية، يبقى عيد الأم بشكل غير رسمي يتم الاحتفال به في 21 آذار.
يستمر الوضع على ما هو عليه وتلاقي الجماهير الكردية مضايقات ومنع من إقامة احتفالات عيد النوروز الذي يصادف 21 آذار من كل عام كعيد قومي للكرد. هذه المناسبة القومية لم تكن السلطات الأمنية والقمعية السوريّة تسمح بالاحتفال بها ولم يكن هناك عطلة رسمية بها. بل كانت تقوم بحملات اعتقال ليلة العيد وتقوم بالمضايقات أثناء خروج الجماهير للاحتفال وتتبع ذلك بحملات اعتقال بعد انتهاء العيد، كما إنها كانت تضع حصة “الفتوّة” وهي تربية عسكرية يوم 21 الحصة الأخيرة لكي تمنع طلاب المدارس من الذهاب مع عوائلهم للاحتفال بالعيد.
21 آذار 1986 كان مختلفاً، ذلك اليوم قررت الجماهير الشعبية الكردية في دمشق العاصمة السوريّة التوجه إلى القصر الجمهوري في حي أبو رمانة، بضعة آلاف من الكرد من بينهم ـكاتب هذه السطور- توجهوا إلى القصر الرئاسي، ولدى اقترابهم؛ أطلق الحرس الجمهوري النار لتفريقهم فارتقى الشاب سليمان آدي من قامشلو شهيداً مع إصابة عدة أشخاص، عاد الكرد أدراجهم حاملين جثمان الشهيد ولم يتم الاحتفال بالعيد تلك السنة.
العام 1988 أصدر الرئيس السوري حينذاك حافظ الأسد مرسوم جمهوري رقم 104 القاضي باعتبار يوم 21 آذار عطلة رسمية في سوريا، ولكن ليس كعيد قومي للكرد بل كعيد للأم.
أما في مصر يتم الاحتفال بعيد الأم في 21 آذار، وذلك لأن إحدى الأمهات المصريات قامت بزيارة إلى الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين في مكتبه في صحيفة الأخبار والتي كان يرأس تحريرها حينذاك، ويكتب في عامود تحت عنوان “فكرة” برفقة شقيقه على أمين في العام 1956 وعرضت عليه قصتها كيف أنها ترمّلت وهي صغيرة وقامت بتربية أولادها حتى كبروا وتخرجوا من الجامعات وتزوجوا وتركوها لوحدها. حينها اقترح علي على شقيقه مصطفى أن يقترحوا يوماً كعيد للأم على القرّاء وبالفعل تم اقتراح الفكرة، حيث لاقت صدىً واسعاً وموافقة عليها حتى تم اعتماد يوم 21 آذار كونه بداية الربيع عيداً للأم كرد للجميل وتذكيراً بفضلها وعرفانها من قبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.