تاريخ الأمريكيتين ـ1ـ

الشعوب الأصلية في الأمريكيتين 

يطلق على السكان الأوائل للقارتين الأمريكيتين، الهنود الأمريكيون، وأقصى درجة وصلت حضارتهم إليها كانت في البيرو على الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية. وهذه الحضارات لم تعرف المحراث أو العجلة أو دولاب الفخار، أو الحديد أو العملة كما كان معروفا في حضارات العالم القديم وقتها. فسكان أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى جاؤوا من جزر جنوب شرق آسيا، حيث عبروا بقواربهم المصنوعة من جذوع الأشجار، أو الجلد، المحيط الهادي. وكانوا من جنس الإنسان العاقل والماهر. وكان سكان أمريكا الشمالية قد نزحوا من شمال شرق آسيا. وقد حملوا جميعا أدواتهم وأسلحتهم الحجرية.

وقد صنع الإنسان الأول بالأمريكيتين منذ 11000 سنة آلاته من عظام البقر، والجاموس الوحشي، والأحجار التي كان يكسر بها العظام. وكانت الزراعة قد ظهرت سنة 1200 ق. م في المرتفعات بالمكسيك.

 وكانت تتمركز في وديان هذه المناطق لخصوبة الأرض، وسهولة الري، وأن الطقس ملائم لها. وتوجد الغابات الاستوائية بشمال جواتيمالا والمكسيك. لهذا قامت هناك حضارة المايا. والحضارة هناك معقدة للغاية حيث تعددت المؤسسات العسكرية والمدن الحضرية، وتنوعت التصميمات المعمارية والعقائد والطقوس الدينية. فتوسعت التجارة.

وكان يُنسج القطن والصوف، ويُصنع الفخار، ويُمارس التعدين. كما كانوا يصنعون المشغولات المعدنية من الذهب والفضة والبرونز والنحاس. واهتمت هذه الحضارات بالفلك والتقويم (المايا)، والحساب والكتابة. وكانت شعوب هذه الحضارات تزرع الذرة والبطاطس والفاصوليا والطماطم. وفي أمريكا الوسطى قامت حضارة المكسيك، وهي الحضارة الوحيدة في الأمريكيتين المسجلة كتابة فوق أوراق من النباتات المحلية، ومن بينها لفائف تابا. وأول من دون الكتابة هناك التولتك والزابوتك والآزتك، وكان للمايا لغتهم. وكان للأوزتك تقويمهم. وكان تقويما دينيا وفلكيا. ويتكون من السنة المقدسة والسنة المدنية. والسنة المقدسة تتكون من 200 يوم. والسنة المدنية مكونة من 360 يوماً، لأنها مرتبطة بالسنة الشمسية، وكان يضم بعدها خمسة أيام لكل سنة مدنية. وهذه الأيام الخمسة تُخصص للأغراض الدينية.

وكلا السنتين كانتا مقسمتين شهوراً  وأسابيع. وكان الشهر 20 يوما، والأسبوع 13 يوما. وكان تقويم المايا مرتبط بالزراعة. ويعتمد على الملاحظات الفلكية. وكان يصحح مرة كل 52 سنة. وفي سنة 800 ق م بنى الأولمك الهرم الأكبر حوله الأقنية. كما بنوا أهرامات صغيرة تقع على محور الشمال والجنوب (المحور نفسه، الذي كانت تقع عليه الأهرامات الفرعونية).

وكانت قمم الأهرامات تتوج بالمعابد سواء في كوبان أو تيكال أو يوكاتان أو باليثك. وهذه كلها مدن ومراكز دينية هامة. وهذه المواقع لم تكن محصنة أو محمية؛ لأن البلاد كانت تعيش في سلام. وحولها الأقنية ليعيش فيها الكهنة وكبار رجال المدينة. ولم تكن المدن والقرى -ولاسيما لدى المايا- مخططة. لكن يتوسطها أبنية مركزية حولها المعابد وبيوت الكهنة وكبار رجال الدولة. وكانت من الحجارة ومزينة بالزخارف. وحولها بيوت الفلاحين من الخشب فوقها قطع من السعف. وكان البيت يتكون من حجرة خلفية للنوم، وحجرة أمامية للمعيشة، بها باب مفتوح في واجهة البيت، ومزينة بالرسوم. وكانت المعابد تُبنى على شكل مخروطي ناقص (مقطوع الرأس). والرجال معظمهم حليقو الذقن، يلبسون شعرا مستعارا من الريش. ويستعملون العطور القوية. وينقشون على الأحجار الكريمة كالزمرد والخشب. وكان المايا يطبعون الألوان على القماش بقوالب من الطين. وكانت مشغولاتهم المعدنية من الذهب، والفضة، والبرونز. وكانت الذرة الغذاء المفضل.

عدد دول الأمريكيتين 47 دولة، كبرا الدول هي الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والبرازيل، والأرجنتين، والمكسيك، وتعد الأمريكتان ثاني أكبر قارة بعد الأسيوية، وقبل الأفريقية.

 الأمريكتان ما قبل التاريخ

خلال حقبة الحياة القديمة، وفي وقت مبكر من حقبة الحياة الوسطى، اتصلت أمريكا الجنوبية بأفريقيا بمساحة من اليابسة، تُسمى غندوانا، كجزء من بانجيا القارة العظمى. في المرحلة الألبية، أي منذ نحو 110 مليون سنة، بدأت أمريكا الجنوبية، وأفريقيا بالتباعد على طول أطراف منتصف الأطلسي؛ ما أدى إلى ارتفاع مساحة من القارة القطبية الجنوبية، وأمريكا الجنوبية. خلال الفترة المتأخرة من العصر الإيوسيني منذ نحو 35 مليون سنة، وانفصلت القارة القطبية الجنوبية عن أمريكا الجنوبية، وأصبحت الأخيرة جزيرة ضخمة تتميز بغناها البيولوجي. خلال نحو 20 مليون عامًا تقريبًا، عُزل التنوع البيولوجي لأمريكا الجنوبية عن بقية العالم؛ ما أدى إلى تطور الأنواع داخل القارة.

فأدى الحدث الذي تسبب بانقراض العصر الطباشيري-الباليوجيني منذ نحو 66 مليون سنة، إلى ارتفاع المناطق البيئية من الغابات المطيرة في الإقليم المداري الجديد مثل الأمازون، لتحل محل تكوين الأنواع، وهيكل الغابات المحلية. خلال ما يقارب ستة ملايين سنة من الانتعاش إلى مستويات سابقة من التنوع النباتي، فتطورت الغابات، واتسعت المساحة التي تسيطر عليها النباتات عارية البذور إلى غابات ظليلة، التي تحجب ضوء الشمس.

وخلال المليون سنة، التي مضت أي منذ الوقت المتأخر من العصر الميوسيني، ارتبطت أمريكا الجنوبية بقارة أمريكا الشمالية عبر كتلة بنما، التي أغلقت حوض البوليفار البحري؛ ما أدى إلى التبادل الأمريكي العظيم الذي جرى من خلاله تبادل الكائنات الحية بين كلا القارتين. فكانت “البليوميتاناستيس” هي الأنواع الأولى التي اكتُشفت، والتي بدأت الهجرة الشمالية، وهي عبارة عن أحفوريات متحجرة لحيوان كسلان الأرض، الذي كان بحجم الدب الأسود المعاصر. فكان هناك هجرات عديدة إلى نصف الكرة الجنوبي من الثدييات آكلة اللحوم في أمريكا الشمالية، بينما هاجر عدد أقل من الأنواع في الاتجاه المعاكس من الجنوب إلى الشمال. كانت نتيجة دخول حيوانات أمريكا الشمالية، انقراض مئات الأنواع في أمريكا الجنوبية خلال وقت قصير نسبيًا، وتطور نحو 60% من ثدييات أمريكا الجنوبية الحالية من الأنواع، التي جاءت من أمريكا الشمالية. مع ذلك، كانت بعض الأنواع قادرة على التكييف والانتشار في أمريكا الشمالية. بصرف النظر عن البليوميتاناستيس، وخلال مرحلة “ايرفينغتونيان” من مراحل الثدييات الأرضية، أي نحو 1.9 مليون سنة، اتبعت أنواع مثل البامباثيريوم والمدرع العملاق، وكسلان الأرض، وآكل النمل الكبير، وخنزير الماء والميزونيكس، والأبوسوم الأمريكي الضخم والميكسوتوكسودون، الطريق إلى الشمال. كانت التيتانيس وهي من طيور الرعب، وهي من الأنواع الوحيدة، التي اكتُشفت في أمريكا الجنوبية والتي هاجرت باتجاه أمريكا الشمالية.

وكالات