سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دوار النعيم قيمة حضارية ورمز صمود للرقة

الرقة/ حسين علي –

دوار النعيم، واحد من المعالم الرمزية بمدينة الرقة، يمتد في مركز المدينة ويشكل محورًا حيويًا للحياة اليومية والنشاط التجاري، ويلعب هذا الدوار دورًا مهمًا في تجسيد صمود الأهالي بعد سنوات من إرهاب “داعش”، وأطلق عليه “دوار النعيم” نسبة إلى محل صغير لبيع المرطبات، الذي يحمل اسم النعيم.
تم استخدام دوار النعيم في ظل سيطرة “داعش”، نقطة تفتيش، ومكاناً لتنفيذ عقوبات الجلد، والإعدام علنًا من قبل مرتزقة داعش، وقد شهد الدوار العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتدمير الجسيم للممتلكات.
النعيم شاهد من العصر على جرائم مرتزقة داعش
بتحرير قوات سوريا الديمقراطية الرقة، واندحار داعش، بدأت عملية إعادة الإعمار والتعافي في المدينة، وقد تم إيلاء اهتمام خاص لدوار النعيم، لأنه يعد رمزًا للصمود ولتحرير الرقة، ورغبة الأهالي في إعادة بناء حياتهم ومجتمعهم، تمت عملية إعادة بناء دوار النعيم بجهود محلية على خلفية تشكيل مجلس الرقة المدني بإشراف مباشر من مكتب الفن التشكيلي في لجنة الثقافة والآثار وبلدية الشعب في الرقة، وفي ذلك أوضح الرئيس المشترك للجنة الثقافة والآثار في مجلس الرقة المدني “حسن مصطفى” لصحيفتنا “روناهي”: “يعود تاريخ تأسيس “دوار النعيم”، إلى فترة الستينات، وذلك في عهد رئيس بلدية الرقة، المدعو “حمود القاسم”، آنذاك، والبعض كان يطلق عليه اسم دوار “السبع بحرات”، نسبة إلى شكل الدوار الذي يتكون من مجموعة من البحيرات الدائرية الصغيرة، تتوسطها بحيرة إسمنتية كبيرة، وأطلق عليه سالفاً اسم دوار “الشهيد حسين جاهد” الذي استشهد في عام “1952”.

 

الإساءة التاريخية لدوار النعيم
وتعرض دوار النعيم لإساءة كبيرة لتاريخه ولقيمته من مرتزقة داعش، حيث عمدت وبكل وحشية إلى قطع الرؤوس، وتعليقها على سياج الدوار المعدني، لكي يصبح مثار رعب، وترهيب للأهالي، وتوثيق القبضة الإجرامية على مدينة الرقة، وفي ذلك أردف مصطفى: ” إن الكثير من أبناء مدينة الرقة يتحاشون المرور بهذا الدوار، إبان سيطرة مرتزقة داعش، لأنه لا يخلو يوم إلا وفيه تنفيذ إعدام بشع”.
دوار النعيم رمز جمالي لمدينة الرقة بعد التحرير
وكما يعدُّ دوار النعيم أيضًا، مكانًا للتجمع والتفاعل الاجتماعي، وبعد عودة الحياة إلى المدينة، بدأ الأهالي في العودة إلى الدوار والاجتماع معًا، وأصبح الدوار مركزًا للتجارة والتسوق والترفيه، حيث يشهد حركة تجارية نشطة، ومهوى ترفيه لكثير من سكان المدينة.
ويعكس دوار النعيم سوء المعاناة، التي مرت بها مدينة الرقة أثناء سيطرة داعش على المدينة كذلك روح الصمود، والتعافي التي تميز بها أهالي الرقة، واختتم الرئيس المشترك للجنة الثقافة والآثار في مجلس الرقة المدني “حسن مصطفى” لصحيفتنا: “بعد تحرير مدينة الرقة، وتأهيل دوار الشهيد حسين جاهد (دوار النعيم)، تم تأهيل هذا الدوار بشكل يسمح للأهالي نسيان تلك الأوجاع والآلام المقيتة التي مرت بالمدينة إبان الحكم الداعشي الرهيب، وكان مجلس الرقة المدني قد اتخذ قراراً بتسمية دوار النعيم بدوار “الحرية”، ولكن رغم ذلك لازال معروفاً بدوار النعيم”.
وتعد عودة الحياة إلى دوار النعيم في الرقة، نقطة تحول هامة في رحلة إعادة بناء المدينة، فهو يشكل رمزًا حقيقيًا للأمل والتجدد، حيث يتمثل في تحقيق السلام والاستقرار والتقدم، ويشكل الدوار قيمة معنوية ومحوراً حضارياً رئيسياً يجمع الأهالي ويعزز تفاعلهم الاجتماعي والاقتصادي، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه عملية إعادة الإعمار في الرقة، فالتدمير الهائل الذي لحق بالمدينة يتطلب جهودًا مستمرة لإعادة بناء البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، ويجب أيضًا توفير فرص العمل والتنمية الاقتصادية للمساهمة في استعادة الحياة الطبيعية وتعزيز التنمية المستدامة، ومن خلال مشروع الإدارة الذاتية وسعيه الدؤوب إلى استكمال مراحل إعمار المدينة لابد من المحافظة الأهلية على المرافق العامة، كـ “دوار النعيم”، الذي يعد منفساً مهماً لأهالي الرقة.