سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في الذكرى العاشرة ليوم صحافة المرأة الكردية… قلم امرأة حرٌّ وعدسة يستجليان الحقيقة ويوثقانها

قامشلو/ بيريفان خليل ـ

سارت المرأة الصحفية في أنحاء شمال وشرق سوريا على نهج الصحفية الشهيدة “غربتلي أرسوز”، فأزالت غبار الذهنية الرجعية، وواجهت حرب الإبادة، وسطرت الملاحم البطولية، مانحة قلمها فضاء من الحرية والموضوعية، وكاشفة في عدستها متاهات الأحداث؛ فتوثقها حقائق للعالم أجمع، عبر الأثير، وعبر شاشات المحطات، لتصبح المرأة الصحفية رؤية الحقيقة في يوم صحافة المرأة الكردية.
يصادف السابع من تشرين الأول الجاري الذكرى السنوية العاشرة ليوم صحافة المرأة الكردية، والذي تم الإعلان عنه في كونفرانس المرأة الكردية الثاني، الذي عُقد في مناطق الدفاع المشروع، ونتج عنه تأسيس اتحاد إعلام المرأة، فأخذ يوم استشهاد الطليعية في مجال الصحافة الكردية “غربتلي أرسوز”، يوماً لصحافة المرأة الكردية.
وسيراً على نهج الشهيدة الصحفية غربتلي أرسوز، مارست الصحفيات في أجزاء كردستان وخارجها العمل الصحفي في مواجهة الأنظمة الاستبدادية الاستعمارية المحتلة لأراضي كردستان والساعية إلى إبادة الفكر الحر.
وضمن ثورة روج آفا (19 تموز) المستمرة منذ 11 عاماً، تقود المرأة ثورتها الإعلامية كما غيرها من الثورات، وتلعب دوراً في توعية المجتمع، والتوجيه نحو الفكر الحر والديمقراطي.
مسؤولية الإعلاميات في مواجهة حرب الإبادة
الصحفية “أفين إبراهيم” واحدة من النساء الكرديات التي انضمت إلى الثورة، لتؤدي مهمتها في مجال الإعلام منذ 2019، وتلعب دورها إلى جانب بقية النساء القياديات.
وتطرقت أفين في بداية حديثها إلى واقع كردستان في ظل الأنظمة الاستعمارية، وكيف كان هناك ضرورة لمواجهة تلك الأنظمة من خلال الإعلام الحر وبقيادة المرأة.
فأوضحت أفين والتي تؤدي دورها في الإعلام المرئي “قناة آريانا TV”، بأن الأنظمة المحتلة لكردستان تمارس القمع وحرب إبادة بحق المرأة، وتستهدف بذلك فكر المرأة الحر، إلى أن أُسست حركة التحرر الكردستانية بفضل وطنيين وغيورين على وطنهم كردستان، فكان القائد عبد الله أوجلان أول فيلسوف ثوري باني فكر تحرر المرأة، وعلى هذا الأساس بدأت المرأة شق طريقها نحو المقاومة والنضال، وظهرت ضمن حركة التحرر طليعيات في المجال الصحفي أمثال غربتلي أسوز، أول صحفية كردية، مارست مهنة الصحافة لإعلاء صوت الحر، وقد ضحت بجسدها من أجل إظهار الحقائق، فاستشهدت في سبيل ذلك، فأصحبت قيادية للصحافة الحرة عامة، وليس لصحافة المرأة الكردية فقط.
وإلى جانب عملها في القناة تعمل أفين، ضمن اتحاد إعلام المرأة، وكذلك اتحاد الإعلام الحر، فكان لها خزينة معلومات بخصوص تنظيم المرأة في المجال الإعلامي، وكيف لعبت دورها ضمن ثورة روج آفا في شمال وشرق سوريا، فأفادت بأن المرأة قادت ثورة روج آفا في مجالات الحياة كافة، وضمن المجال الإعلامي أيضاً كان لها الدور القيادي فبنضالها أظهرت للرأي العام تقدم المرأة والإنجازات، التي حققتها على مدار 11 سنة من الثورة وإلى اليوم، إلى جانب إظهار الحقائق فيما يخص حرب الإبادة الممارس بحق المرأة والاستهدافات على المنطقة.
وأشارت إلى أن الإعلامية حملت مسؤولية القيام بالمهام، التي ذكرتها آنفاً ليس فقط في روج آفا بل في أجزاء كردستان، وبذلك تمكنت من إيصال صوت المرأة الحر متخذة من ميراث غربتلي آسوز نهجاً لها.
ولفتت إلى صمود المرأة الإعلامية في موجهة المؤامرات المحبوكة بحق شعبها وبحق المرأة بشكل خاص من قبل الأنظمة الاستعمارية المتشبثة بالسلطة في المنطقة، حيث تجد تلك الأنظمة بأن المرأة وبخاصة الإعلامية عائق أمام مخططاتها لذا تسعى دوماً لإبادتها، فأصحبت النساء القياديات وكذلك الإعلاميات محط استهداف من تلك الأنظمة، واستشهدت بمثال حي حصل في روج آفا، عندما استهدف المحتل التركي سيارة قناة Jin TV حيث استشهد أحد كوادرها “نجم الدين سنان” وأصيبت العضوة “دليلة عكيد”، حيث سعى المحتل إلى إسكات الصوت الحر، إلا أن الإعلاميات عكست توقعات المحتل، وزادت من مقاومتهن في المجال الإعلامي، وتعهدن برفع وتيرة النضال والسير على نهج الشهداء.
وبخصوص تصعيد هجمات الاحتلال التركي بشكل خاص على روج آفا وشمال وشرق سوريا منذ احتلال عفرين ولليوم، قالت أفين “إن هذه الهجمات هي استهداف للمرأة ولثورتها، واستهداف لمشروع الأمة الديمقراطية، لذا كيفما تناضل المرأة، فيجب أن يكون لها دور في المجال الإعلامي، وفي فضح سياسة دولة الاحتلال التركي، وحقيقة جرائمها من جهة، ومن جهة أخرى إظهار المقاومة، التي يبديها الأهالي في المنطقة تحت نهج الأمة الديمقراطية للرأي العام”.
وفي ختام حديثها أدانت الصحفية “أفين إبراهيم” الممارسات القمعية بحق الشعب، وبحق المرأة في أجزاء كردستان، فما يحدث في روج آفا من حرب إبادة يحدث في باكور، وفي روجهلات كردستان أيضاً، وحتى باشور كردستان، وفي الذكرى السنوية العاشرة ليوم صحافة المرأة الكردية استذكرت شهيدات القلم الحر كلهنَّ، وباركت هذا اليوم للطليعية الشهيدة غربتلي آسوز، والصحفي الشهيد سيد أفران الذي كان معلماً للكثير من إعلاميات روج آفا، ودعت إلى توحيد الصف النسائي؛ لمواجهة المخططات والمؤامرات بحق شعبها، وبحق المرأة نفسها.
الشهيدة غربتلي قدوة الصحفيات
والصحيفة “هيام عبد الله” أيضاً واكبت الثورة، وانضمت إلى سلك الإعلام عام 2018، حيث تعمل في الوقت الحالي مذيعة، ومحررة في إذاعة ستار أف أم.
هيام شابة عربية، وقفت إلى جانب أختها الكردية للقيام بمسؤولياتهن تجاه المرأة وتجاه شعبها في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث سلطت الضوء على عمل المرأة الصحفية العربية والكردية، اللاتي لعبن دوراً في توعية شعوب المنطقة، وخاصة المرأة، إلى جانب فضح ممارسات السلطات القمعية والدولة المحتلة مثل تركيا، ومرتزقتها بحق النساء، تحت أي مسمى كان.
وترى هيام، أن الشهيدة الصحفية غربتلي آرسوز هي قدوة للصحفيات العربيات، كما الكرديات، وبأنهن يتخذن من نضال الشهيدة غربتلي أساساً في مسيرتهن الإعلامية، مشيرة إلا أن إصرارهن على كشف الحقائق يزداد لدى استذكار مقاومة ونضال الشهيدة غربتلي في سجون الفاشية.
وبدورها شددت على ضرورة لعب الإعلاميات في شمال وشرق سوريا على إظهار جرائم المحتل التركي، وخاصةً التي ارتكبها في الفترة الأخيرة من استهداف للمنشآت العامة، والبنى التحتية، والخدمية في شمال وشرق سوريا سعياً منها إلى تهجير الشعب المتمسك بأرضه، وتحقيقاً لأطماعه في المنطقة.
وفي ختام حديثها هنأت هيام العاملات في المجال الإعلامي، واستذكرت شهيدات الحرية، وتعهدت بالسير على طريقهن.

بقلم المرأة تسطر الملاحم
أما الصحفية “أكري إبراهيم” فقد مارست مهنة الإعلام في مختلف المؤسسات المرئية منها والمسموعة والمكتوبة، حيث عملت ست سنوات كمراسلة وإدارية في وكالة هاوار، ومن ثم مذيعة في إذاعة “درباسية أف” أم مدة ثلاث سنوات، واليوم مقدمة برامج اجتماعية وسياسية في قناة jin tv.
الصحفية آكري تجد بأن المعاناة والألم، العبودية والقهر كانا باباً للحرية، التي تعشقها المرأة، حيث تجاوزت المعاناة وتغلبت على الصعاب، وسخرت ما لديها من إمكانات في خدمة المجتمع، الشيء ذاته ينطبق على الصحافة الكردية، والتي لعبت المرأة دوراً قيادياً فيه منذ ثورة روج آفا من وجهة نظر آكري.
فبهدف تعريف ثورة روج آفا (ثورة المرأة)، انخرطت الشابات في المجال الصحفي، وبقيادتها أُسِّست العديد من وسائل الإعلام المرئية منها والمقروءة والمسموعة، وبقلمها وبعدستها المتواضعة كما وصفتها آكري، تمكنت من إظهار الحقائق فيما يخص المجتمع، والمرأة في ظل نظام استبدادي.
وكانت للمرآة الصحفية الدور الأكبر في نضال المرأة في ساحات الثورة، ولاسيما نضالها أمام مرتزقة داعش، والتي رسمت ملاحم تاريخية وصلت صداها إلى العالم، فساحات المقاومة في مناطق كوباني، سري كانيه، وعفرين، ومناطق أخرى في شمال وشرق سوريا، كانت خير مثال للمرأة الثورية المناضلة، فالقيادية آرين ميركان، وأفستا خابور، وزيلان، وبيريتان خير الأمثلة.

 

وفي ختام حديثها تجد الصحفية آكري، أنه من واجب الصحفيات توثيق ذلك كله تيمناً بنهج غربتلي أرسوز.
وولدت الصحفية الطليعية غربتلي أرسوز في الحادي عشر من تموز 1965 في قرية آكبولت التابعة لمدينة آل عزيز، بباكور كردستان، وسميت بهذا الاسم “غربتلي” نسبة لوالدها المغترب في ألمانيا، والتي أحدثت تطوراً جوهرياً في مجال الإعلام الحر، حيث تولت رئاسة التحرير، ورغم الظروف الصعبة، وتعرضها للمضايقات والاعتقال كتبت في صحيفة أوزغور كوندم.
وفي عام 1995 انضمت إلى حركة التحرر الكردستانية، واتخذت لنفسها اسماً حركياً زينب آكر، وناضلت كصحفية وقيادية، إلى أن استشهدت في السابع من تشرين الأول عام 1997 خلال هجوم لمسلحي حزب الديمقراطي الكردستاني على جبال كاري في باشور كردستان.