سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عصام عيسى: الكاريكاتير… فن الضحك في زمن الحروب

حاوره/ محمد حمود_

الكاريكاتير فن راق، ومن أكثر أنواع الفنون الساخرة تأثيرا في الرأي العام وإيصال الفكرة باختصار للوقت والجهد، وهو من الفنون، التي ازدهرت منذ مطلع القرن السابع عشر، وتعني كلمة كاريكاتير (بالإيطالية: Caricare) أي ” المبالغة، وتحميل الشيء ما لا يطاق أو يحتمل”.
ظهرت أول رسوم كاريكاتيرية مهمة في أوروبا خلال القرن السادس عشر الميلادي. وبرزت شخصيات غير عادية في عالم الكاريكاتير من أبرزهم، وليام هوجارث وجورج كروك شانك، وجيمس جيلاري، وتوماس رولاندسون وسواهم.
وفي حوار لنا مع رسام الكاريكاتير، والإعلامي عصام عيسى لنتعرف على هذا الفن، وأهميته للرسام عصام عيسى.
يؤكد عصام عيسى، أن فن “الكاريكاتير” الذي يتقنه ما هو إلا انعكاس ساخر للواقع المؤلم، الذي تعيشه البلاد في ظل ما تتعرض له من هجمات ومؤامرات متوالية، وأن التقنية تدعم هذا الفن، إن استُخدمت بصورة صحيحة.
ـ من هو عصام عيسى؟
ولدت في الحسكة، ودرست في مدارسها، أنا ابن حي بسيط لا تغيب عن سكانه الفكاهة والبساطة، تخرجت من كلية الآداب والعلوم الإنسانية فرع اللغة الفرنسية، لم أكمل الدراسات العليا في المعهد العالي للترجمة بحلب بحكم الأوضاع الأمنية هناك في عام 2012.
ـ حدثنا عن اكتشاف الموهبة؟
هناك ارتباط غريب للفن بمدينة الحسكة، التي أنجبت كبار الفنانين ومنهم من صعد نجمه للعالمية، كنت ألعب وأرسم على التراب، لم أر أن هناك شيئاً غير اعتيادي أقوم به وأصنعه، إلى أن انتقل ذلك الشغف لمراحل الدراسة حيث المساحة الأكبر للأوراق، والألوان والأقلام والخربشات، ورسم المعلمين والأصدقاء بطريقة شيقة وممتعة.

ـ هل بدأت موهبتك بالكاريكاتير بصورة خاصة؟ أم بفن الرسم ككل؟
الحس الفني لا حدود له، الفن يبقى فناً لكن مع الوعي بمدارسه وتوجهاته، وتخصصاته اكتشفت أن هناك فناً معنياً بالفكاهة، رغم أنني جربت رسم الشخصيات بطريقة كلاسيكية بالفحم والرصاص والزيتي، لكن وجهتي كانت دائما صوب الكاريكاتير، سيما أنه كان الأقرب لرسومات الكارتون، التي أحببناها منذ الصغر، الحقيقة أنني عانيت من البحث عن كتب ودراسات مختصة بفن الكاريكاتير وتاريخه لكن، ومع المرحلة الجامعية وتوفر الإنترنت حينها، بدأت ببحث ممنهج حول فن الكاريكاتير، ورواده، ومع انطلاق الحراك الشعبي في سوريا، ومن ثم ثورة 19 تموز، كانت فسحة الحرية أكبر لهذا الفن، قدمت أول معرض في مدينة الدرباسية بأدوات وتقنيات وإمكانيات بسيطة جداً، لاقت استحسان الكثير في وقت كانت الحرب دائرة في محيطنا وعلى أشدها، ثم تباعاً افتتحت معارض في مدينة تربه سبي، و رميلان، وديرك، وقامشلو، وكذلك معرض في المنتدى الدولي حول داعش بمدينة عامودا في تموز 2019، ومن ثم معارض خارجية مثل معرض الكاريكاتير الكردي الأول في مدينة السلمانية بباشور “جنوب” كردستان، ومثله هذا العام في دورته الرابعة.
ـ كيف تطورت موهبة عصام عيسى؟
مع دخولي الفن كانت التقنية ومعداتها في أوجها، لم أستخدم الأسلوب الكلاسيكي كالقلم والحبر، بل بدأت بتعلم الفوتوشوب والرسم عليه من خلال مرسم إلكتروني، ومن ثم أجهزة التابليت التي لازلت أعمل عليها، والآن أطمح للحصول على أجهزة رسم أكثر تقانة وحداثة وحرفية، حتى أستطيع الدخول بمسابقات دولية وفق شروطهم التقنية.

ـ كيف كانت ردة فعل المحيط (العائلة، الأصدقاء، الزملاء…)؟
قلت منذ البداية؛ الفن ليس غريبا على مدينة الحسكة، ولاعن محيطها الاجتماعي، فكرة الكاريكاتير كانت غريبة نوعا ما للأصدقاء والأهل، لكنها كانت تلقى صدى ورضى لأنه مبعث للضحك، في زمن باتت ملامح الحرب تنهش بكل جوانب الحياة.
ـ إلى أي مدى يؤثر غياب التقنية أو وجودها لدى فنان الكاريكاتير على هذا الفن في ظل الثورة الرقمية؟
هناك مثل دائما أقوله “ما العناء إلا في الابتداء”؛ الثورة الرقمية باتت تغزو المجالات والتخصصات لاسيما مع عصر الذكاء الاصطناعي، الذي بات يهدد الفكر والفكرة، لكن يمكننا التحكم به حتى لا يقتل الإبداع البشري، من خلال الاعتماد على حركات اليد والفكرة المقتبسة من الشارع والحافلات العامة، والأسواق والروايات، وأوجاع الناس وهمومهم اليومية، وما يتصدر “الترندات” على شبكات التواصل الاجتماعي، وجعله فكرة للكاريكاتير بدلاً من جعل الذكاء الاصطناعي يقوم بذلك، لكن من وجهة نظري تحولت اليوم الورقة إلى شاشة لمس فيها كل الأحبار والأقلام والفراشي، توفر علينا الكثير من المواد المفقودة لذلك قلت في ردي على السؤال السابق أنني أسعى لامتلاك جهاز متخصص بالرسم الإلكتروني؛ مساحة العمل فيه أكبر والدقة فيه أعلى وأسرع.

ـ كيف تستلهم الفكرة وتجير ما يدور في ذهنك على الورق؟
الشخصيات ومصادرها كثيرة، والفكاهة باتت تغزو مقاطع الفيديو بطريقة احترافية تارة، ومبتذلة وساذجة جداً تارات. جميع ما نراه ونصادفه كل يوم بات يشكل الكثير من الأفكار، التي تتحول بدورها لنقل رسالة تعدُّ همزة وصل بين المعاناة وحلها.
ـ الواقع والمواقف، التي تتعرض لها بشكل يومي.. هل توجه اختياراتك؟
نحن في شمال وشرق سوريا نعيش حالة من حرية الإعلام، مع التزامي بمعايير الأخلاق الصحفية، كثير من الأزمات اليومية والمعيشية وما نتعرض له من سياسات تعادي الأمن والاستقرار في مناطقنا، من أزمات الماء والكهرباء والوقود، إلى خطر داعش وهجمات الاحتلال التركي، وحصار حكومة دمشق ورفضها للحلول الديمقراطية؛ كلها تكون حاضرة على طاولة الرسم؛ أختار منها ما يناسب المرحلة وأطرحها على شكل خطوط وألوان.

ـ في ظل الأزمة السورية.. كيف تصف واقع هذا الفن؟
بشكل عام يعدُّ الكاريكاتير من أقسى الفنون التي تخشاها الأنظمة المستبدة، وكذلك هو في المجال الإعلامي يبقى له وقعه الخاص وتأثيره الكبير والسريع، وهذا ما كان معدوما قبل عام 2011، أما الآن فباتت فسحة الإعلام أوسع وأرحب، ومن ذلك أنني أنشر نتاجي من رسوم الكاريكاتير في صحيفة “روناهي” ومنذ سنوات، وهي تلاقي الكثير من القبول وتوصل الرسالة التي أريدها، وفي هذا الفضاء من الحرية ترتاح الريشة وتزهر فيها الألوان والأفكار بشكل أكبر وأعمق وأصدق.