سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

نساء منبج: لن تلتئم جراحنا إلا بمحاكمة داعش

يدعم ذوو المعتقلين قرار الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، والقاضي بمحاكمة مرتزقة داعش، ومحاسبتهم على جرائهم، التي ارتكبوها بحق أهالي المنطقة.
بالرغم من أن فرحة تحرير مدينتهم أعادت لهم الحياة، إلا أنها تركت غصة في قلوب العديد من أهالي مدينة منبج، الذين فقدوا أفراداً من عائلاتهم على أيدي داعش، وتمنوا لو أنهم شهدوا، وعاشوا لحظة التحرير.
جرائم قتل شنيعة لداعش

لا تزال تنتظر “نبيهة الحسين” البالغة من العمر 65 عاماً، وهي أم لثلاثة أبناء، وأربع بنات، من قرية مقبلة البيرة الواقعة جنوب غرب مدينة منبج بشمال وشرق سوريا، عودة أبنائها المفقودين منذ ما يقارب ثماني سنوات، دون جدوى، وقد باتت التجاعيد ترسم مرارة ما عاشته وقاستهُ من ظلم، وبطش إرهاب داعش.
وعن فترة سيطرة داعش على مدينة منبج، التي بدأت في أواخر عام 2013، والتي عاث فيها الفوضى والخراب، والقتل، والدمار في المدينة، تقول نبيهة: “مع بداية سيطرة المرتزقة على المدينة بدأ بالضغط على الأهالي، وفرض القوانين الجائرة عليهم وتقييد حرياتهم، وإلزام النساء بارتداء النقاب، والرجال بارتداء الأثواب الطويلة”.
وحول المواقف، التي مرت بها: “في إحدى المرات أوقفنا أحد عناصر داعش وبدأ يسألني لماذا لا أغطي عيني بالنقاب؟ لقد كان الخوف يسيطر على الجميع عندما كانوا يمشون في الشوارع، حيث كانوا يحاسبوننا على كل شيء، فنشروا الرعب بين الأهالي بارتكاب جرائم شنيعة من قطعٍ للرؤوس، وتعليقها على الدوارات، ورجم النساء، وفي حادثة مرعبة قطعوا رأس رجل كبير في السن في القرية، ووضعوها على الحجر، وبقيت جثته لأيام معلقة”.
وعن اعتقال أبنائها من داعش، تشير إلى أنه: “في أحد الأيام قام داعش بتطويق القرية، وتفتيش المنازل واحداً تلو الآخر وسحب الأسلحة الشخصية، التي كان يمتلكها الأهالي لحماية عائلاتهم، وقد اعتقلوا آنذاك إحدى النساء واثنين من أبنائي بذريعة أنهم يخبئون الأسلحة في المنزل، لقد كانت فقط حجة ليعتقلوهم، فهم لم يكونوا يملكون أي أسلحة”.
ملفتةً إلى، أن كل من كان يرفض الانضمام إليهم كانوا يلفقون لهم التهم لاعتقالهم، “حاولوا في العديد من المرات إقناع أبنائي بالانضمام إليهم، لكنهم كانوا يواجهون بالرفض، لذا قاموا باعتقالهم بحجة وجود سلاح بحوزتهم”.
وأضافت: “لقد رأيت كيف ربطوا يدي أبنائي، ووضعوا العصابة السوداء على أعينهم في منتصف الليل، ولكن لم أستطع فعل شيء”.
وأكدت، أنه بعد أشهر على اعتقالهم قصدت زوجة ابنها مراكز داعش للسؤال عن مكان تواجد زوجها وشقيقه، لكنهم قالوا لها (اذهبي وأبدئي بالعدة) في إشارة منهم أنهم قتلوا زوجها وبينت على ذلك: “عندما سمعنا هذا النبأ انتفض جميع أهالي القرية، وقصدوا مراكزهم محتجين على جريمتهم، وليتجنوا غضب الأهالي أخبرونا أنهم قالوا ذلك؛ لكيلا يسأل عنهم أحد وأنهم لا يزالون على قيد الحياة”.
أشارت نبيهة إلى أنه بعد مرور ثلاثة أشهر والسؤال عن مصير أبنائها، أدركت أنهم حقاً قد قتلوا: “لم يسمحوا لي بإقامة خيمة عزاء حزناً على أبنائي”.
بزوغ شمس الحرية
وحول حملة تحرير منبج التي أعلن عنها مجلس منبج العسكري في الأول من حزيران عام 2016، تقول: “عندما سمعنا أن منبج ستتحرر لم تسع الأرض فرحتنا، أخيراً سنتخلص من كل هذا الظلم، الذي نعيشهُ يومياً على أيدي داعش، عندما بدأت قوات مجلس منبج العسكري بالتقدم وهزيمة المرتزقة، تقدمنا إلى القرى التي تحررت، لقد استقبلنا المقاتلون، وقدموا لنا المستلزمات اللازمة”.
لن تلتئم جراحنا إلا بمحاكمتهم
مشيرةً في تكملة حديثها إلى أنه عندما تم الإعلان عن تحرير المدينة بالكامل في الخامس عشر من آب عام 2016، شعروا وكأن الحياة قد بدأت من جديد.

وعن قرار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عن محاكمة داعش المعتقلين، تقول نبيهة: “ندعم قرار الإدارة الذاتية، يجب أن يتم محاسبة داعش، الذين قتلوا آلاف الأبرياء، فلن تلتئم جراحنا إلا بمحاكمتهم”.
لم تكن “نبيهة الحسين” الوحيدة، التي فقدت أفراداً من عائلتها أثناء سيطرة داعش على مدينة منبج، فحالها حال “فادية أحمد الحسين” البالغة من العمر 40 عاماً من قرية مقبلة البيرة، وهي أم لأربعة أبناء وفتاة.
وعما قاسته في ظل سيطرة داعش، تقول فادية الحسين: إنها تحملت مسؤولية إعالة أسرتها، وقسوة الأيام ومرارتها، بعد أن تم اعتقال زوجها في الثالث من آب عام 2014، وتوفي إثر تعرضه للتعذيب داخل سجون داعش.
وأوضحت: “في البداية تلقى زوجي العديد من التهديدات بترك عمله كمحامي، ولكنه بقي مستمراً ولم يخشَهم، بعد فترة قصيرة جاء أحد أصدقائه، وأخبرني أن المرتزقة اعتقلوه بينما كان على رأس عمله”.
مشيرةً إلى أنها قررت زيارته في السجن بعد فترة من اعتقاله: “ذهبت عدة مرات لألتقي به في السجن ولكن في كل مرة كنت أعود خائبة”.
وتابعت: “لم يكن زوجي يشكي من أية أمراض فقد كانت صحته جيدة للغاية، لكن نتيجة التعذيب الذي تعرض له في السجن فقد حياته، بعد أن سمعت إنه توفي طالبت بجثته، لكنهم رفضوا تسليمي الجثة، قالوا لي: أن زوجي “كافر ولا يجب دفنه في مقابر الإسلام”، وإلى هذه اللحظة في كل مرة يتم فيها العثور على مقابر جماعية أذهب للبحث عن جثة زوجي لكن دون جدوى، لقد قتلوا زوجي وأخفوا جثتهُ أيضاً”.
واختتمت “فادية أحمد حسين” حديثها: “عندما سمعنا أن حملة تحرير منبج قد بدأت أدركنا إننا أخيراً سنشم رائحة الحرية مرة أخرى، لقد أعادنا التحرير إلى الحياة، لنتخلص من الظلم الذي عشناه لسنوات، فلم يسلم لا الصغير ولا الكبير من جرائم وانتهاكات داعش”، مطالبةً بمحاكمة عناصر داعش في أسرع وقت.
وكالة أنباء المرأة