سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مرة أخرى الوجه النسائي يغيب عن البرلمان الكويتي

هيفيدار خالد_

بينما يسير العالم نحو المزيد من التقدم والتطوّر في شتى مجالات الحياة المختلفة، وتتصاعد جهود المنظمات النسوية الساعية لتحقيق حرية المرأة، وتتكاثف المناشدات والنداءات بضرورة تحقيق مطالبها في الحياة الحرة والقضاء على البنية الذهنية للأنظمة الذكورية والسلطة الأبوية في شتى أنحاء العالم، تواجه المرأة العربية العديد من التحديات في مسيرتها العملية والمهنية والسياسية.
ما زالت المرأة العربية تعاني من إقصاء كبير وتهميش ممنهج في المجتمع رغم كل ما بُذِلَ من جهود لتخليصها ممّا هي فيه، ومع أن نضالها يعد إحدى ركائز الاستقرار المجتمعي، فإنه لا يحظى بدعم من قبل حكام الدول العربية، الذين يتجاهلون عمداً قدرتها ودورها الريادي في المجتمع والفارق الذي تستطيع أن تشكله، حال انخراطها في أي مجال من مجالات الحياة المختلفة، وخاصة من ناحية حصولها على حقوقها السياسية ومشاركتها في مراكز صنع القرار.
صدور نتائج الانتخابات التشريعية الكويتية لاختيار أعضاء مجلس الأمة 2023 وحصول المعارضة على غالبية المقاعد في البرلمان، وفوز امرأة واحدة فقط، خلق في أعماقي رغبة للبحث في ملف الديمقراطية والحريات والمرأة وحقها في الترشح والتصويت في الدول العربية، ولو عادت بنا الذاكرة قليلاً، لوجدنا أن هذه النتيجة ليست ببعيدة عن نتائج الانتخابات الكويتية لعام 2020 عندما خسرت كافة المرشحات للبرلمان، ومن بينهن النائبة الكويتية صفاء الهاشم، التي كانت قد فازت في انتخابات عام 2012 وشغلت منصب مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية آنذاك، بالإضافة لفوزها عامي 2013 و 2016، إلا أنها خسرت في انتخابات 2020. وبخسارتها غابت الوجوه النسائية بشكلٍ كاملٍ عن البرلمان لأوّل مرّة منذ السماح للمرأة الكويتية بحق الترشّح للانتخابات عام 2005 وتحديدا في 16 أيار، وكان قد أيد قرار ترشح المرأة للموقع النيابي في الانتخابات والإدلاء بصوتها 37 عضواً، ورفضه 21 آخرون. بذلك أُلحقت ضربة قاضية لجهود المرأة الكويتية ونضالها من أجل تحقيق مكاسب سياسية في البلاد.
فوز امرأة واحدة فقط، في دولة كالكويت تدعي أنها دولة الحقوق والحريات، وأنها حققت العديد من الإنجازات في هذا المجال، يكشف لنا حقيقة ما تدعيه، وكم هو حجم تشبث المنظومة الأبوية المتمسكة بمختلف مفاصل الحكم من أصغر مؤسسة في البلاد حتى رأس هرمها، جميعها محصنة بالذهنية الذكورية التي تعمل على إقصاء المرأة من المراكز المهمة في الدولة لا سيما القضائية والتشريعية منها، حقوقها فيها ثانوية إن لم تكن منسية، خاصة وأن مبدأ الديمقراطية الحقيقية فيها ينطلق من أن مكان المرأة المنزل وليس ساحة السياسة.
والحديث في هذا الخصوص يطول ولا يكاد ينتهي، ولكن فوز مرشحة “وحيدة” في تلك الانتخابات يكشف مدى هيمنة الذهنية الذكورية ووقوفها عائقاً أمام حصول المرأة على حقوقها السياسة في الكويت، فالمقعد الوحيد الذي حصلت عليه تلك المرشحة لا يتسع لآمال الكويتيات جميعها، مقعد واحد مهما بلغت قوته ماذا عساه أن يفعل أمام كل هذا الجمود، الذي لا يكاد ينفك عن المرأة أبدا، أبدا لا يعني بأنها حققت مكاسب على الأرض وبأن كل شيء قد انتهى… لا تزال هناك تحديات في سبيل القضاء على التمييز ضد المرأة، وخلق أرضية سوية تتيح للمرأة ممارسة حقوقها السياسية كاملة دون أي استثناء.