سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المرض الخبيث

حسين علي غالب بابان (أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا)_

يراقب الأب ابنته عبر الزجاج، الذي يفصله عن غرفتها، والدموع لا تفارق عينيه، يتقدم نحوه الطبيب، وعندما يصل إليه ينظر بحرقة، والحزن ظاهر على ملامح وجه:
–  آسف! ابنتك تعيش لحظاتها الأخيرة، وليس بمقدوري فعل شيء…!
أنزل رأسه إلى الأرض، وقال للطبيب:
– هذا هو القدر المؤلم، الذي لا مهرب منه، حسبي الله ونعم الوكيل!
 يتحرك الطبيب بهدوء، فيبتعد عنه، ثم دخل غرفة ابنته، ونظر إليها، وتطالعه ابنته وهي مستلقية على السرير، والتعب والإرهاق يغطيه، وتقول بصوت خافت ومتقطع:
-أبي لماذا تبكي، ماذا يحدث؟
أجابها الأب على الفور:
–  لا شيء، فقط ألم بسيط في عيني، وهذا الأمر يجعلها تدمع.
وإذ هي ترد:
– هل هذا الألم ناتج عن مرض خبيث كمرضي؟
نظر لها، وعلامة التعجب واضحة في نظراته، وقال لها:
-من قال لك عن مسألة المرض الخبيث!
– أبي أنا أعرف بهذا الموضوع منذ بدايته، وقد سمعتك في إحدى المرات، وأنت تتحدث بهذا الموضوع مع الطبيب.
أشاح بوجهه عنها مرة أخرى، فهو غير قادر على مواجهة المرض، الذي يفتك بابنته، وإذ بالابنة تقول:
-أبي ساعدني على الوقوف، فأنا أشعر اليوم بالفرحة.
قال الأب، وهو يتقدم؛ كي يوقف ابنته:
– من أين يأتي الفرح بعد الآن؟!
قالت البنت:
–  لقد سمعت أحد المرضى هنا يقول، بأن الفتاة التي تصاب بمرض خبيث تصبح بالجنة حسناء كالعروس.
تزداد الدموع المنهمرة من عيون الأب، ويبتعد عن ابنته، التي استطاعت بمساعدته الوقوف رغم مرضها وضعفها.
تتقدم الفتاة بخطوات بسيطة، فتقول:
– سوف أرقص لأنني عروس…!
وبعدها ترتمي على الأرض، ويتقدم الأب نحوها ويضمها على صدره، وهي تقول بصوت خافت:
– أنا عروس…أنا عروس!
يتجمد جسدها وتتوقف عن الكلام، عيناها البريئتان متوجهتان للسماء، ويقول الأب:
– نعم الآن أنت عروس في الجنة، يا ابنتي الجميلة.