سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مُغنّي موريتاني يتفرّغ لتبنّي الأطفال المتروكين

اشتهر راسين ديا قبل بضع سنوات كمغني راب ذاع صيته بين الشباب الموريتاني، لكن رغم الشهرة التي حققها في عالم الموسيقى، إلا أنه قرر التخلي عن ذلك واختيار حماية الأطفال المشردين في الشوارع الذين يحتاجون العناية.
مغني الراب الموريتاني راسين ديا عاش حياته في رعاية امرأة حنونة صرّحت له حين كبر واشتد عوده بأنه لم يكن ابنها البيولوجي، وإنما وجدته ملفوفاً في قطعة قماش تحت حائط، فربته كابن لها وغمرته بعطفها.
حزَّ ذلك في نفسه، لكن بدل أن يصاب الفنان الشاب بالإحباط والاكتئاب، نذر حياته للنشاط في جمعية أسسها لتعتني بالأطفال الأيتام والمُتخلى عنهم، متأثراً بتجربته الشخصية لأنه عانى من المشكلة نفسها في بدايات حياته.
وقال ديا: “ولدت لأبوين مجهولين، لكنني لم أعرف هذه الحقيقة إلا في سن الثامنة عشرة، إذ أخبرتني أمي التي ربتني بأنها وجدتني مرمياً في الشارع حين كنت رضيعاً”.

فن العمل الخيري
والدته بالتبنّي هي عائشة، ستينية من قومية الهالبولار، قالت له إنها حين كانت عائدة إلى منزلها في مقاطعة السبخة بنواكشوط، لاحظت شيئاً يتحرك داخل قطعة قماش موضوعة تحت جدار قصي، أحست أنها تسمع صوتاً خافتاً، فاقتربت أكثر لتكتشف طفلاً حديث الولادة يبدو أن أمه تخلصت منه بوضعه في هذا المكان.
قررت منذ البداية ودون تفكير أو خوف من ملامة الناس لها في حيّها، أنها ستأخذه ابناً لها وأخبرت الجيران أنها ستسميه راسين، رغم معارضتهم لتبنيها له.
عاش الطفل راسين في كنف أمه الجديدة والفقيرة، وأظهر منذ طفولته ميلاً إلى الغناء وانجذاباً لفن الراب والموسيقى الأفريقية، وتعلم العزف على آلة الغيتار وبدأ يتدرج في الغناء إلى أن صار معروفاً في الأوساط الشبابية في العاصمة الموريتانية.
وتفرغ في جمعية «مكافحة التخلي عن الأطفال» لضم مجموعة منهم عُثر عليهم مرميين في القمامة أو قرب الأسواق، يساعده في ذلك مجموعة ممن آمنوا بجدوى العمل الخيري، ويقول راسين ديا: “نحن نفعل كل ما نستطيع لمساعدتهم وتوفير لوازمهم، الأمر صعب حقاً لكن ما دمنا التزمنا بذلك فلا مجال للتراجع، لا بد من تحمّل المسؤولية”.
ورغم التعب والمعاناة، يقول راسين إنه يشعر كل صباح بسعادة غامرة وهو يبدأ يوماً من العمل من أجل أطفاله، ويزداد سعادة كلما جمع لهم ما يحتاجونه من غذاء ولباس ودواء وألعاب.
ويقضي ما تبقى من وقته في ملاعبتهم أو زيارة من منهم لدى عائلات حتى صار يشعر أنهم أبناءه.
وكالات