سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أكسجين من أصل تكتوني.. احتمال جديد لمصدر أكسجين غلافنا الجوي

وفرة الأكسجين في غلافنا الجوي هي سبب حيوي ورئيسي في بقاء الحياة على سطح كوكب الأرض، لكن الأمر لم يكن دائماً كذلك، ففي وقتٍ سابق من عمر كوكبنا كان الأكسجين غير متوفر وربما غير موجود، ولا يزال العلماء يحاولون معرفة المصدر الرئيسي لوجوده في غلافنا الجوي.
احتمال جديد
يشير بحث جديد إلى احتمال كون المصدر الأساسي لبعض أكسجين الغلاف الجوي في وقتٍ مبكر من عمر الأرض هو حركة الألواح التكتونية، وما تسببه هذه الحركة من تكسير وتداخل لطبقات القشرة الأرضية.
يعتمد البحث على قياس مستوى أكسدة الصهارة المتولدة خلال الحقبة السحيقة الحديثة، حيث كان الأكسجين غائباً في غلاف الأرض الجوي، وهو ما قد يوجد دليلاً على حدوث حركة تكتونية في ذلك الوقت من عمر الأرض.
صهارة مؤكسَدة
يذكر الباحثون في مقدمة بحثهم أن الصهارة المؤكسدة تتشكل عندما تدخل رواسب مؤكسدة ومياه قاع (المياه الباردة والكثيفة التي توجد بالقرب من قاع المحيط) في وشاح الأرض نتيجة حركة الألواح التكتونية وحدوث الاندساس، حيث تغرق القشرة المحيطية -وهي الطبقة الخارجية من الأرض تحت المحيطات- في وشاح الأرض، وهي المنطقة الواقعة بين قشرة الأرض ولُبِّها، عند نقاط التقاء تسمى مناطق الاندساس، الأمر الذي ينتج الصهارة التي تحتوي على نسبة عالية من الأكسجين والماء.
قياس الكبريت في بلورات الزركون
يقول الباحثون إن قياس حالة الأكسدة لهذه الصخور البركانية التي تشكلت من خلال تبريد وتبلور الصهارة أو الحمم البركانية يعد أمراً صعباً، وذلك لأن هذه الصخور قد تكون واجهت أحداث ما بعد التبلور، مما قد أحدث بها تغيرات من خلال التشويه أو الدفن أو التسخين.
ولأن أحجار الزركون لديها القدرة على تحمّل درجات الحرارة الشديدة وضغوط أحداث ما بعد التبلور، فقد قرر الباحثون التدقيق في معدن الأباتيت الموجود في بلورات الزركون في عيّنات الصخور التي جمعوها، وذلك لأنها قد تحتوي على أدلة حول البيئات التي تشكلت فيها في الأصل، كما يمكن منها الاستدلال على أعمار دقيقة للصخور نفسها.
وباستخدام تقنيات متخصصة لقياس نسبة الكبريت في الصهارة الأصلية، وجد الباحثون حدوث زيادة ملحوظة في نسبة وجود الكبريت في فترة 2705 ملايين سنة تقريباً، وعلاوةً على ذلك، وجدت غلبة لنسبة “+إس6” (S6+) -وهو أحد أيونات الكبريت- في معدن الأباتيت، مما يشير إلى أن الكبريت كان من مصدر مؤكسد، وهو ما يطابق البيانات من أحجار الزركون المضيفة.
صهارة غنية بالكبريت
يذكر الباحثون في مقدمة بحثهم أن النتائج تشير إلى أنه على الرغم من انخفاض تركيزات الكبريتات البحرية والتغير المؤكسد المحدود في قاع المحيط قبل حدث الأكسدة منذ حوالي 2.4 مليار سنة، فإن الصهارة المؤكسدة الغنية بالكبريت تشكلت في مناطق اندساس مستقلة عن حالة الأكسدة في المحيط، ويمكن أن تؤثر على تطور المحيطات والغلاف الجوي والمعادن في العصر الحديث.
ويخلص الباحثون من هذه النتائج إلى أن الأكسجين الموجود في الصهارة قد أتى من مصدر آخر، وتم إطلاقه في النهاية في الغلاف الجوي أثناء الانفجارات البركانية، ورغم أن الآلية غير واضحة بشكلٍ دقيق، فإن وجود هذه الصهارة المؤكسدة يشير إلى أن عملية الاندساس حيث يتم نقل مياه المحيطات لمئات الكيلومترات داخل كوكبنا تولّد أكسجيناً حراً، يؤدي هذا بعد ذلك إلى أكسدة الوشاح العلوي.