سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

السياسة المثالية عند الزعيم عبد الله أوجلان من كهنة السومريين إلى حرية الشعوب (2)

علي أبو الخير_

 يرى “أوجلان”، أن البشرية في القرن العشرين نسفت القيم ذات الحيوية والأريحية، وبالطبع هو يرى أن التقدم البشري غابت عنه المثالية، سواء في القرن العشرين، ثم في القرن الحادي والعشرين، وهو ينظر للمستقبل بروح الود، في عالم غلبت عليه المثالب الأخلاقية.
 وهو يرى أنه راح ضحية هذه العيوب الأخلاقية بما فيها من نرجسية، ولكنه يجب علينا أن نعرف أنه عندما تحدث عن نفسه بأنه ضحية، لا يقصد الاعتقال أو السجن، ولكنه يرى الظلم المنتشر، والذي لم يبشر به الكرد في أي وقت، يقول إن: “علاقة الصداقة والرفاقية قد نالت ضربة قاضية باسم القرن العشرين، وفي النهاية كنت أنا ضحيتها الأكثر مأساوية، وبهذا المعنى يجب أن أتحدث عن حالة الصراع مع القرن العشرين، ومن المفيد أن أتحدث عما جرى للصداقة، بداية في اليونان وبعد ذلك في روسيا التي ذهبت إليها كمحطة ثانية باسم صداقة محتملة، مع تركيزي بعد هاتين الرحلتين رأيت، أن الطابع اليوناني قد وفر لي إمكانية التحليل وإن كان بشكل محدود، أقصد الطابع اليوناني السائد الذي تحدثت عنه، فلا شك أن للشعب بعض الخصوصيات المختلفة عن الخصائص الجوهرية للطبقة المسيطرة، إن الشعب اليوناني يمتلك خصوصية مستمرة منذ الرب ديونيسوس، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، كالصدق والجمال، ولكن كما حدث في كل دول العالم، فإن هذه الشخصية أصيبت بالهزيمة، ولا يمكنها إلا أن تبكي”.
إن شعوب العالم كافة، لا تدافع عن صداقاتها، ولكنها تبكي كثيراً بعد ذلك، ويفعلون الشيء ذاته حتى عندما يربطون فيما بينهم في علاقات صداقة أو رفاقية، إنهم يقومون بتغطية فراقهم وفقدانهم لبعدهم ووحدتهم بالمحبة الرخيصة وبالبكاء، وحتى لو استيقظت عاطفة الاحترام، فهي ليست ذا قيمة عندهم، لقد عملت دائماً على تهميش أية محبة واحترام لا يستطيع أن يحمي علاقة الصداقة والرفاقية، حتى ولو كانت أمي لنظرت إليها باستهزاء، ولم أظهر أبداً محبة وبكاء متبادلاً، وكأن القدر يقول لي: “إن أصدقاءك من الذين تمنحهم قيمة كبيرة لا يستحقون البكاء”. إنني لا أقف ضد الصداقة أو الرفاقية، بل على العكس من ذلك ضد لا يثمنون الصداقة والرفاقية.
إذا ألقينا نظرة إلى تاريخ الطبقة الحاكمة اليونانية، نراهم وحسب الأنماط الفكرية، التي اكتسبت شكلاً مثيولوجياً منذ الميكانيين عام 1600 ق.م، فإننا سنجد أنه كان بإمكان الرب “زيوس” أن يقوم بأنواع الدونية والغدر كلها، وكان يغوي أية امرأة تقع في طريقه، وقد استطاع أن ينجب العديد من الربات الصغيرات من مؤخرته، وجبينه وفي مقدمتها “أثينا”، وكانت هذه تمتلك خصائص إلهية قائمة على الكذب والخداع والغش، حيث خدعت هيكتور بطل طروادة، ويركع هوميروس المؤمن بها على ركبتيه، الأمر المهم هنا، هو أن يكون في ذلك مصلحة للهلينيين.
إنه أشبه ما يكون بإله الإسرائيليين يهوا، ولذلك فمهما فعل الهلينيون وأبناء إسرائيل ضد البشرية، أي ضد البرابرة، فإنهما دائماً على حق، لأن كلاً منهما يرى بأنه شعب الله المختار، والله هو الذي يأمرهم بذلك، وكان لا بد لهذه الحقيقة المثيولوجية أن تتحول فيما بعد إلى واقع ديني وسياسي، ويجب ألا نقلل من أهمية المثيولوجيا لأنها الأساس، الذي يرتكز عليه الدين والسياسة حتى يومنا هذا.
علينا هنا أن ندرك أن أوجلان” يحترم الشعب اليوناني وثقافته وحضارته القديمة، وهي أم الحضارة الغربية ، منذ ورث الرومان الإغريق، متخطين الحضارة الإسلامية بنواتجها الباهرة والتي كان للكرد دور مجيد فيها، ويرى أوجلان أن القادة اليونانيين يعيشون على هامش الميثولوجيا، واستقى مثل غيره من ميثولوجيا السومريين، التقديس للعرق والقومية، وليس للدين، وهو ما سمّاه “أوجلان” الميثولوجيا السومرية.
الميثولوجيا السومرية
يرى الفيلسوف “عبد الله أوجلان”: أن الميثولوجيا اليونانية مشتقة من الحضارة السومرية، وتلك الأخيرة أخذت جذورها من حضارات أقدم منها، مثلما يقول: “إن هذه الخصائص المثيولوجية توضح كيفية نشوء الطبقة الحاكمة اليونانية، وإن مصدرها الأساسي هي المثيولوجيا السومرية، فمن المعروف أنهم أخذوا عن الأناضول والفينيقيين والمصريين المثيولوجيا والمجتمع المادي، وقد وقف أمامي هذا الطابع القومي والطبقي، الذي لم يتغير أبداً منذ تلك الأيام، إنها الأخلاق والذهنية المحتالة والمخادعة، التي لا تعترف بأية قيمة إنسانية لا تخدم مصالحها، وتعدّ أن كل من لا ينتمي إليها لا قيمة له وهو عبارة عن بربري، وجرت مواجهة بين الحقيقة الإنسانية والشعب والتاريخ، التي أمثلها وبين الحقيقة التاريخية والسياسية والثقافية المختلفة، التي لا يمكن أن تلتقي مع الأولى، وهذا يعني أنها كانت عبارة عن استمرارية للمواجهة بين الشرق والغرب المستمرة منذ عهد الميديين والفرس، ويمتنع الباب الغربي عن السماح لدخول الانطلاقة الشرقية التي أمثلها، فقد كانت لأثينا حساباتها الأخرى، كل ما كانوا يريدونه هو الاستفادة من أي شخص وبأي أسلوب ضد الخطر التركي، ولم يكونوا واثقين من الاستفادة مني شخصياً “طبعاً بشكل ودي”، ولهذا كانوا من أنصار الاستفادة على الطريقة الإنكليزية، التي تعتمد على أسلوب “دع الكلب يفتك بالكلب”، وكان واضحاً أن صداقاتهم كانت عملية خداع ومكر”.
وجميعها حضارات ماكرة تقوم على الأسطورة أكثر ما تقوم على الدين، تقوم على إحياء القومية على الإنسانية، مثلما فعلت الحضارة الغربية، وما جاءت به “القومية الطورانية التركية”، وأحيت ما يسمونه “المجال الحيوي” لتركيا في آسيا، والحقيقة أن الأتراك سعوا لدخول “الاتحاد الاوربي” وفشلوا، لا لشي سوى أن الرأسمالية الغربية، بلا شك لا تقيم وزناً للدولة التركية، فقط تستفيد وتستغل مكانها الجغرافي، وتريد أيضاً إشعال الحرب ضد عدو، واختاروا العدو ضد تركيا، من الكرد، وهو أسف تاريخي مازال له وجود في الحاضر الحالي، عندما نجد تركيا تظل رافضة لأي تطلع قومي كردي، حتى اليوم، رغم السلام، الذي يبشر به الزعيم أوجلان، ويردده الشعب الكردي، وهنا تبدو ملامح النظام المادي، الذي لم يهزم الشيوعية والاشتراكية بقدر ما هزمت الشيوعية نفسها، وهو ما أشار إليه أوجلان.
الشيوعية الانتهازية والرأسمالية الخائنة
لو صحت التسمية تكون الانتهازية الشيوعية أسقطت وسقطت معه، عندما تخلى السوفييت ثم الروس عن أقوالها حول حرية الشعوب، وكان من ضمن أسباب أسر الزعيم، فهو يقول: “أمام الخروج الذي لم يكن مخططاً له والصعوبات التي ظهرت، كانت روسيا في مقدمة الدول، التي يمكن تجربتها، فقد كانت تعيش في مرحلة متأزمة لعملية انحطاط وقعت بها بعد الاشتراكية المشيدة…. وكان رئيس الوزراء بريماكوف والرئيس يلتسين من أهم خونة الاشتراكية المشيدة، وقد كانت عملية “بيعي” مناسبة جداً في تلك المرحلة حتى وإن كان لي وضع استراتيجي، وذلك بسبب المصالح الاقتصادية المرتبطة بالاستخبارات السرية الخبيثة … وقد كان انتظار الاحترام لقيم الحرية من أناس باعوا النظام السوفيتي العملاق فيه خداع كبير للذات، فقط كانت العلاقات مع صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا، تؤكد بأنه سيتم اتخاذ موقف لا قانوني ضدي، علماً بأن “مجلس الدوما” أصدر قراراً بشأن الاعتراف بي كلاجئ سياسي بأغلبية 298 صوتاً مقابل صوت واحد، ولكن هذا لا يعني شيئاً فيما يتعلق بدولة مستبدة، فقد أرادوا أن يرسلوني إلى قبرص عبر تركيا، وهناك احتمال كبير أنهم كانوا متعاونين مع التآمر، وكانوا يريدون تسليمي منذ تلك الأيام…”، وهو محق في ذلك فروسيا وريثة السوفييت كانت واقعة تحت طائلة الرأسمالية المادية، وبالتالي كان لها دور في التآمر على القضية الكردية، وعلى شخص الزعيم “أوجلان” في الوقت نفسه، وإن ما فعلته (كما يقول أوجلان):  لم يكن خياراً جاء بعد دراسة وإيمان، ولكن احتواء نظام منحرف كهذا كان عليه أن يمثل الحرية والمساواة، التي بذلت لأجلها دماء كثيرة، كان يدل على الانحراف العميق، الذي كانت تعيشه الاشتراكية المشيدة، وكان هذا الوضع يبرهن على أنها لم تنسلخ عن نظام الاستغلال والقمع التقليدي، وتدل على أنها كانت في موقع أكثر رجعية من اشتراكية معابد الكهنة السومريين، وبذلك تبين أن النزعة الثورية الروسية لم تتجاوز أفق الرأسمالية والإقطاعية، وبأن رأسمالية الدولة لن تنجب الاشتراكية، وبأنها لن تستطيع أن تتماسك أمام الرأسمالية الليبرالية المعاصرة”، وهو هنا يصب غضبه على النظام الشيوعي بقدر ما يلوم القادة الذين تخلوا عن بلادهم وشعوبهم، ليمسوا من دول تدور في الفلك الرأسمالي.
إن رؤيته الشخصية لذلك فتحت الطريق أمامه لكي ليتعرف على وجه القرن العشرين مرة أخرى، أنه يشبه عصر الخيانات، فقبل أن يصل عصر الثورات والحريات إلى نهايته، وصل إلى عام 2000 وكأنه عصر لا يرتبط بأية قيمة إنسانية، وقد أسر القيم والمبادئ كافة، ضمن مصالحه المادية، إذ أن سفكه لهذه الدماء، لا يدل على سموه بقدر ما يدل على بربريته…. وإن القومية البدائية والمادية الفجة هما من حكما العالم، والذي حدث طوال التاريخ البشري هو عبارة عن ثورة مضادة شاملة ضد خصائص سامية حقيقية تتضمن حقوق الإنسان والديمقراطية … لقد تمت المواجهة مع نتيجة تفرض إجراء تعريف للثورة وللثورة المضادة من جديد، فاللوحة التي واجهتني أرغمتني على إجراء مواقف وتحليلات أكثر صحة لواقع الإنسان، وأضاء أسلوب الحياة المفعمة بالمبادئ، المواقف وأنماط الحياة”.
ونتعرف على أن “أوجلان” مهموم دائماً، ليس من أجل شعبه فقط، بل من أجل الإنسانية كلها، ومن أجل قيم العدل والإخاء والمساواة، وأن القرن العشرين نسف تلك القيم، وهي قيم سماوية نابعة من ممالك الضمير الإنساني، وأن ترك الفردية والحقوق المتعلقة بها لعدالة النظام الرأسمالي مغالطة مشبعة بالأوهام، وكل تجمع لا يعتمد على تطور كيان الفرد أو التطور الحر، هو أسلوب كهنوتي سومري محكوم عليه بولادة الطبقات الاستغلالية، وأن شعار “كل شيء من أجل المجتمع”، عبارة عن شعار تبناه أقدم مجتمع طبقي … ولكن حتى ولو بدا شعار” كل شيء من أجل الفرد” متناقضاً، فإنه سيبقى شعاراً للمجتمع الطبقي الأكثر تطوراً أي شعار النظام الرأسمالي.
الطريق إلى الوعي
إن الطريق الأساسي، هو الذي يعتمد على المثل الإنسانية والحرية والمساواة دون الوقوع في أسر شعاري كلا المبدأين … وأما إذا أرادت الاشتراكية العلمية أن تكون ظاهرة، فيجب عليها تطهير نفسها من الدوغمائية ومن اشتراكية المعابد، فكل نضال في سبيل الدولة يتنافى مع الاشتراكية، يجب أن يحل البحث والاستقصاء محله؛ لأن هذا هو جوهر الاشتراكية.
وحتى وأن وجدت ديكتاتورية البروليتاريا، فإنها لن تعطي نتيجة مختلفة عن كونها أداة جديدة لنظام العبودية، وكان من الممكن تجاوز بربرية الطبقة المهيمنة بواسطة النظرية والممارسة السياسية المعتمدة على تجاوز نظام العنف، وبواسطة إيديولوجية الحرية والمساواة، التي تسمو بالعمل الجماعي وبواسطة الإمكانات، التي نجمت عن التقنية والعلمية، وكان من الممكن أيضاً الوصول إلى التعبير الواقعي لليوتوبيا الاجتماعية.
 إن تسريع التركيز الإيديولوجي لمرحلة موسكو هو المقابل، الذي يمكن أن أقدمه لذكرى الذين بذلوا الجهود الكبيرة، والذين آمنوا بـ “يوتوبيا” الاشتراكية، لقد أصبحت موسكو القرن العشرين بسيطة جداً لدرجة لا يمكن أن يتصورها أي شخص له خيال سليم، ومن الواضح، أن هناك ضرورة للوقوف على ظاهرة الشعب الروسي كما وقفنا على ظاهرة الشعب اليوناني، وهنا أيضاً يفرض الموقف نفسه عن تحطيم بعض الأصنام من أجل الوصول إلى الحقيقة.
رحلة الخروج النبيل
يروي النبيل الفيلسوف قصة خروجه النبيل ومراوغات الدول المتعددة غير الأخلاقية، يقول : “اتجهت إلى روما في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 1998 باعتبارها العاصمة والدولة الوحيدة في أوروبا، التي يمكنني أن أذهب إليها، تم الوصول بمساعدة النائب رومان مونتوفاني، من مجموعة إعادة البناء التابعة للحزب الشيوعي، وقد تزامن وصولي مع مرحلة حكومة ماسيمو داليما، التي استمرت عدة أشهر… لقد كانت مواقفهم ملتوية، إذ لم يقدموا آراءً سياسية ولا حقوقية بشكل واضح، وكانت سلوكياتهم خالية من المبادرة بسب تحريض الأوساط المالية الإيطالية الكبرى، وعدم تقديم الدول الأوروبية الدعم الكامل… وبسبب الموقف، الذي اتخذته ألمانيا بفرض نفسها وشخصيتها، فمنذ البداية كان يتطور موقف لإبعادي، إذ تمت ممارسة ضغط نفسي مكثف بواسطة مجموعات بوليسية مدربة جداً، ولم يسمح لي بمغادرة الغرفة مطلقاً …وكانوا يفرضون رقابة شديدة جداً في حال الإصرار على الإقامة، أو فرض الهروب، وكان من الواضح أنه يجب على كل شخص يحمل هذه المسؤوليات كلها، أن يغادر في أقرب فرصة ممكنة، ولم يبق إلا أن يرموا بنا إلى الخارج عنوة، وقد تبينت نواياهم من محاولات تقديم الأموال للعديد من الدول من أجل تأمين مكان لي، ولم يكن باستطاعتهم اتخاذ موقف حقوقي ديمقراطي…” بما يعني أن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان عند تلك الدول، ما هو إلا عبث سياسي، عنصري مراوغ في تصرفاته ، بما فيها من سرقة أفكار وعربدة جيوش، ومن كان يفعل ذلك، فلا ننتظر منه خيراً في صالح زعيم وطني إنسانيّ النزعة، مثل الزعيم “عبد الله أوجلان”.
عبد الله أوجلان في القرن الحادي والعشرين
تلك رؤية الزعيم الكردي الإنساني “عبد الله أوجلان”، فهو لم يشرح عملية أسره، أو حاول أن يبرئ نفسه، ولكن ومن خلال حديث حول رحيله النبيل، قام بوصف الشيوعية بالانتهازية والرأسمالية بالنفوذ الغربي والتآمر الأوروبي المتحالف مع قوى العنصرية العالمية الطاغية، التي ليس لها قلب إنسان، ولكنه لوح حجري، حتى لو تفجر الماء من الحجر، و”أوجلان” عندما تحدث عن القرن العشرين، لا يتقيد بالزمن، فالقرن الحادي والعشرون مملوء بالدماء البريئة في كل مكان، في العراق وأفغانستان وفلسطين، وغيرها، وفيه عادت روسيا لماضيها القيصري وليس بنزعتها الشيوعية.
على أية حال يمكن القول: إن ما حدث للشعب الكردي الباحث عن السلام يندى له جبين البشرية وضمائر الأحرار، وهو ما يحتاج منا لدراسة مستقلة، حول رؤية الزعيم “عبد الله أوجلان” للمواضيع المختلفة، وخاصة رؤيته للقرن الحادي والعشرين؛ الدرامي الدموي، الذي نعيش أيامه الآن وليس الأمس القريب… ونجد للزعيم عبد الله أوجلان دوراً محورياً فيه، كما نتوقع.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle