سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مذكرات طفل عاش 24 ساعة

عن قصة الطفل “وانيار رحمان” الذي ولد بعملية قيصرية “استباقية” بعد إصابة والدته “ريحانة كنعاني” إصابات بالغة واستشهادها فيما بعد، نتيجة القصف الإيراني على مناطق حدودية لباشور كردستان، أدت لاستشهاد 13 شخصاً، وإصابة 58 آخرين بجروح، بينهم نساء وأطفال، وذلك يوم الأربعاء 28-9-2022، وتوفي الطفل بعد يوم واحد من ولادته ليلحق والدته.
وكتب عمران يوسف عن هذا الطفل وقد مثل شخصيته منذ ولادته عبر هذه القصة:
في اليوم الذي قتلوا فيه أمي ولدت، كنت غافياً على نغمات نبضها، عندما هبط صاروخ من السماء، وقذفني خارج رحمها الدافئ، ظننت أن الأطفال كلهم، يولدون بهذه الطريقة، يتم قص حبل سرتهم بصاروخ؛ ثم تغادرهم أمهم، وترحل بعيدا ….
في الساعة الأولى من ولادتي، افتقدت بشدة رائحة أمي، التي اعتدتها طوال تسعة شهور.
مرت دقائق تلك الساعة، كأنها دهر، اختبرت خلالها أقسى مشاعر الإحساس بالوحدة.
حين دخلت الساعة الثانية من عمري، داهمني إحساس بالجوع، لم اختبر هذا الإحساس من قبل، عندما كنت في رحم أمي، بدأت بالبكاء، بكل ما أملك من بقايا طاقة تركتها فيَّ أمي قبل أن تغادرني …
هكذا قضيت الساعة الثانية من عمري بالبكاء دون جدوى، بينما كان الإحساس بالجوع يزداد، وينهش أحشائي.
في الساعة الثالثة شعرت بغضب شديد قساوة هذه الحياة، ومن ذلك الصاروخ الغادر، الذي أبعدني عن رحم أمي.
في الساعة الرابعة، انتابتني كآبة شديدة، فسيطر علي يأس قاتل.
في الساعة الخامسة فكرت بالانتحار والتحرر من أهوال هذه الحياة، ولكن انعدمت الوسيلة، ولم أحظَ بالتمتع برفاهية هذا الخيار.
في الساعة السادسة تملكتني رغبة عارمة في رؤية أمي، التي لم أرها.
في الساعة السابعة غادرتني المشاعر والأحاسيس كلها، ليحل محلها شوق كبير وعظيم، ومؤلم الى أمي.
من الساعة الثامنة دخلت في غيبوبة، وشاهدت أول وآخر حلم في حياتي، لقد كان حلما ناصعاً وجميلا كوجه أمي، رفعت وجهي نحو السماء وصرخت: يا الله لا أريد أن أعيش، كي لا يصادف عيد ميلادي ذكرى وفاة أمي… يا الله أريد أمي.
في الساعة الرابعة والعشرين من عمري، وجدت نفسي هرماً أبكي في أحضان أمي.