رامان آزاد_
تتواصل المظاهرات الاحتجاجيّة في إيران للأسبوع الثالث على التوالي بالزخم نفسه، والتي تتداوله أطرافٌ معارضة باسم الانتفاضة الوطنيّة، والجديد أنّ الجامعات الإيرانيّة التي كانت منطلق التغيير والانقلاب على الشاه محمد رضا بهلوي دخلت اعتباراً من السبت على خط الاحتجاجات، وشهدت عشرات الجامعات الإيرانيّة مظاهرات وإضرابات، وأفادت منظمة “إيران هيومن رايتس” -ومقرها في أوسلو- بأنّ 92 شخصاً على الأقل قُتِلوا جراء قمع المظاهرات في إيران.
مظاهرات للأسبوع الثالث
تشهد إيران اعتباراً من 16/9/2022 مظاهرات احتجاجيّة عقب الإعلان عن استشهاد الشابة الكرديّة جينا أمينيّ (22 سنة) بعد تعرضها للضرب المبرح أثناء احتجازها واعتقالها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانيّة، بحجةٍ عدم ارتدائها للحجاب على «الطريقة الإسلاميّة الصحيحة” ما إلى موت دماغيّ ناجمٍ عن إصابات في الجمجمة، وامتدت إلى عشرات المدن الإيرانيّة، وتجاوزت ذلك إلى مشاركة واسعة من الإيرانيين في الخارج.
فقد خرج إيرانيون وكرد في العديد من المدن حول العالم ضد الحكومة الإيرانيّة، وشهدت باريس مظاهرة جديدة الأحد 2/10/2022 سار فيها الآلاف من ساحة الجمهورية حتى ساحة الأمة، ورددوا الشعارات المناهضة للحكومة الإيرانيّة والداعية للحراك الشعبيّ، ومن الشعارات التي أُطلقت: “انضموا إلى أول ثورة نسائية”، و”امرأة، حياة، حرية”.
كما تجددت المظاهرات الأحد في كلٍّ من لوس أنجلوس ونيويورك وواشنطن وتورونتو وإسطنبول وأنقرة وبيروت، ورفع المشاركون خلالها شعارات حقوقيّة وسياسيّة.
وكانت حركة الاحتجاج قد بدأت الاحتجاجات في مدينة سقز مسقط رأس مهسا، وامتدت لمدن أخرى على رأسها سنندج، ديواندره بانه وبيجار الواقِعة كلّها في محافظة كردستان، قبلَ أن تتوسَّع مناطق التظاهرات لتشملَ أغلب المدن الإيرانيّة بما في ذلك العاصِمة طهران ومدينة مشهد وأصفهان وكرمان وشيراز وتبريز ورشت وساري وكرج وأراك فضلًا عن مدينةِ عيلام والعديد من المدن الأخرى.
قصّة أميني صارت قضيّة رأي عام، فبدأت احتجاجاتٌ كبيرةٌ في أجزاء مختلفة من إيران في يوم جنازتها، مع اقتراحاتٍ ببدءِ إضراب وطنيّ يعمُّ كامل محافظة كردستان وهو ما كانَ حينما أعلنت عددٌ من الأحزاب الكردستانية الإيرانية ونشطاء مدنيون وسياسيون إضرابًا عامًا يوم الإثنين 19/9/2022، احتجاجاً على الحادث.
أفادت شهادات الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعيّ بأنَّ قوات الأمن الإيرانية والوحدات الخاصة استخدمت الرصاص المطاطي والغاز المدمع لقمع محتجين داخل حرم جامعة شريف بالعاصمة طهران مساء الأحد، وأكد ناشطون اعتقال طلاب بعد ملاحقتهم داخل الجامعة، إثر الاحتجاجات التي رُفعت فيها شعارات مناوئة للنظام.
الجامعات تتظاهر
انضمام الجامعات الإيرانيّة إلى التظاهرات اعتباراً من السبت 1/10/2022، علامة فارقة في مسار الاحتجاج، إذ لطالما قالوا إنّ الجامعات الإيرانيّة كانت مهدَ ثورة عام 1979 التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلويّ.
وأظهرت صور متداولة هروب طلاب جامعة شريف من قوات الأمن داخل موقف سيارات الجامعة، بينما ذكرت وكالة تسنيم أن اشتباكات حدثت داخل الجامعة، وأنَّ الأوضاع باتت هادئة في المنطقة. كما ذكرت الوكالة أن وزير العلوم والأبحاث والتكنولوجيا محمد علي زُلفيغول، حضر إلى جامعة شريف للاطلاع على الأحداث فيها.
وأفادت وكالة أنباء “فارس” بأن جامعة طهران شهدت تجمعاً احتجاجياً ردد فيه الطلاب شعارات سياسية واجتماعية حادة، من دون إلحاق الضرر بالممتلكات العامة في الجامعة، وأضافت الوكالة أن مجموعة أخرى من الطلاب نظموا في المقابل احتجاجاً للتنديد بما سموه أعمال الشغب خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من أسبوعين، وأكدت أن جامعات أخرى في طهران -مثل علامة وشريف والزهراء- شهدت تجمعات مماثلة.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل مظاهرات في مدن عدة، مثل طهران ويزد وكرمانشاه وسنندج وشيراز ومشهد، وهتف متظاهرون للمطالبة بما أسموه الاستقلال والحرية، كما رفع البعض شعارات “الموت لخامنئي”.
مؤامرة جديدة
الحكومة الإيرانيّة تبنت منذ البداية نظرية المؤامرة، وأنّ ما يحدث في البداية هو بتحريضٍ خارجيّ، وألقى الرئيس إبراهيم رئيسي في خطابه مساء السبت 22/9/2022 باللوم على من وصفهم بـ”المتآمرين في التحريض على الاضطرابات” وتعهد بقمع “أولئك الذين يهددون الأمن والهدوء في البلاد”، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانيّة.
وقال الرئيس الإيرانيَّ إن العدو يسعى إلى تضليل الرأي العام في إيران بشأن وفاة مهسا أمينيّ، رغم أنّ الجهات الرسميّة تحقق في وفاتها، وأضاف رئيسي أنّ “العدو خطط لمؤامرة جديدة” لمنع بلاده من التقدم في المجالات الاقتصادية والحضور الإقليميّ والدوليّ، وأكّد الرئيس الإيرانيّ أنّه لا يمكن الوثوق بمواقف الأطراف الغربيّة التي تدّعي أنّها تدافع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان؛ لأنّها تصمت عند قتل عشرات الأفغانيات على أيدي الجماعات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة، بحسب قوله.
بدوره، قال قائد الحرس الثوريّ الإيرانيّ حسين سلاميّ إن من وصفهم بأعداء إيران يشنون حربا نفسيّة على البلاد، ويحاولون خداع الشباب الإيرانيين لجرّهم إلى الشوارع، بحسب تعبيره، وحذّر سلامي من أنَّ إيران ستردّ على أيّ محاولةٍ لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.