سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إيران.. استمرار المظاهرات في الداخل والخارج ورئيسي يندد “بمؤامرات العدو”

رامان آزاد_

تتواصل المظاهرات الاحتجاجيّة في إيران للأسبوع الثالث على التوالي بالزخم نفسه، والتي تتداوله أطرافٌ معارضة باسم الانتفاضة الوطنيّة، والجديد أنّ الجامعات الإيرانيّة التي كانت منطلق التغيير والانقلاب على الشاه محمد رضا بهلوي دخلت اعتباراً من السبت على خط الاحتجاجات، وشهدت عشرات الجامعات الإيرانيّة مظاهرات وإضرابات، وأفادت منظمة “إيران هيومن رايتس” -ومقرها في أوسلو- بأنّ 92 شخصاً على الأقل قُتِلوا جراء قمع المظاهرات في إيران.
مظاهرات للأسبوع الثالث
تشهد إيران اعتباراً من 16/9/2022 مظاهرات احتجاجيّة عقب الإعلان عن استشهاد الشابة الكرديّة جينا أمينيّ (22 سنة) بعد تعرضها للضرب المبرح أثناء احتجازها واعتقالها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانيّة، بحجةٍ عدم ارتدائها للحجاب على «الطريقة الإسلاميّة الصحيحة” ما إلى موت دماغيّ ناجمٍ عن إصابات في الجمجمة، وامتدت إلى عشرات المدن الإيرانيّة، وتجاوزت ذلك إلى مشاركة واسعة من الإيرانيين في الخارج.
فقد خرج إيرانيون وكرد في العديد من المدن حول العالم ضد الحكومة الإيرانيّة، وشهدت باريس مظاهرة جديدة الأحد 2/10/2022 سار فيها الآلاف من ساحة الجمهورية حتى ساحة الأمة، ورددوا الشعارات المناهضة للحكومة الإيرانيّة والداعية للحراك الشعبيّ، ومن الشعارات التي أُطلقت: “انضموا إلى أول ثورة نسائية”، و”امرأة، حياة، حرية”.
كما تجددت المظاهرات الأحد في كلٍّ من لوس أنجلوس ونيويورك وواشنطن وتورونتو وإسطنبول وأنقرة وبيروت، ورفع المشاركون خلالها شعارات حقوقيّة وسياسيّة.
وكانت حركة الاحتجاج قد بدأت الاحتجاجات في مدينة سقز مسقط رأس مهسا، وامتدت لمدن أخرى على رأسها سنندج، ديواندره بانه وبيجار الواقِعة كلّها في محافظة كردستان، قبلَ أن تتوسَّع مناطق التظاهرات لتشملَ أغلب المدن الإيرانيّة بما في ذلك العاصِمة طهران ومدينة مشهد و‌أصفهان و‌كرمان و‌شيراز و‌تبريز و‌رشت و‌ساري و‌كرج و‌أراك فضلًا عن مدينةِ عيلام والعديد من المدن الأخرى.
قصّة أميني صارت قضيّة رأي عام، فبدأت احتجاجاتٌ كبيرةٌ في أجزاء مختلفة من إيران في يوم جنازتها، مع اقتراحاتٍ ببدءِ إضراب وطنيّ يعمُّ كامل محافظة كردستان وهو ما كانَ حينما أعلنت عددٌ من الأحزاب الكردستانية الإيرانية ونشطاء مدنيون وسياسيون إضرابًا عامًا يوم الإثنين 19/9/2022، احتجاجاً على الحادث.
أفادت شهادات الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعيّ بأنَّ قوات الأمن الإيرانية والوحدات الخاصة استخدمت الرصاص المطاطي والغاز المدمع لقمع محتجين داخل حرم جامعة شريف بالعاصمة طهران مساء الأحد، وأكد ناشطون اعتقال طلاب بعد ملاحقتهم داخل الجامعة، إثر الاحتجاجات التي رُفعت فيها شعارات مناوئة للنظام.

 

 

 

 

 

 

 

 

الجامعات تتظاهر
انضمام الجامعات الإيرانيّة إلى التظاهرات اعتباراً من السبت 1/10/2022، علامة فارقة في مسار الاحتجاج، إذ لطالما قالوا إنّ الجامعات الإيرانيّة كانت مهدَ ثورة عام 1979 التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلويّ.
وأظهرت صور متداولة هروب طلاب جامعة شريف من قوات الأمن داخل موقف سيارات الجامعة، بينما ذكرت وكالة تسنيم أن اشتباكات حدثت داخل الجامعة، وأنَّ الأوضاع باتت هادئة في المنطقة.  كما ذكرت الوكالة أن وزير العلوم والأبحاث والتكنولوجيا محمد علي زُلفيغول، حضر إلى جامعة شريف للاطلاع على الأحداث فيها.
وأفادت وكالة أنباء “فارس” بأن جامعة طهران شهدت تجمعاً احتجاجياً ردد فيه الطلاب شعارات سياسية واجتماعية حادة، من دون إلحاق الضرر بالممتلكات العامة في الجامعة، وأضافت الوكالة أن مجموعة أخرى من الطلاب نظموا في المقابل احتجاجاً للتنديد بما سموه أعمال الشغب خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من أسبوعين، وأكدت أن جامعات أخرى في طهران -مثل علامة وشريف والزهراء- شهدت تجمعات مماثلة.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل مظاهرات في مدن عدة، مثل طهران ويزد وكرمانشاه وسنندج وشيراز ومشهد، وهتف متظاهرون للمطالبة بما أسموه الاستقلال والحرية، كما رفع البعض شعارات “الموت لخامنئي”.
مؤامرة جديدة
الحكومة الإيرانيّة تبنت منذ البداية نظرية المؤامرة، وأنّ ما يحدث في البداية هو بتحريضٍ خارجيّ، وألقى الرئيس إبراهيم رئيسي في خطابه مساء السبت 22/9/2022 باللوم على من وصفهم بـ”المتآمرين في التحريض على الاضطرابات” وتعهد بقمع “أولئك الذين يهددون الأمن والهدوء في البلاد”، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانيّة.
وقال الرئيس الإيرانيَّ إن العدو يسعى إلى تضليل الرأي العام في إيران بشأن وفاة مهسا أمينيّ، رغم أنّ الجهات الرسميّة تحقق في وفاتها، وأضاف رئيسي أنّ “العدو خطط لمؤامرة جديدة” لمنع بلاده من التقدم في المجالات الاقتصادية والحضور الإقليميّ والدوليّ، وأكّد الرئيس الإيرانيّ أنّه لا يمكن الوثوق بمواقف الأطراف الغربيّة التي تدّعي أنّها تدافع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان؛ لأنّها تصمت عند قتل عشرات الأفغانيات على أيدي الجماعات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة، بحسب قوله.
بدوره، قال قائد الحرس الثوريّ الإيرانيّ حسين سلاميّ إن من وصفهم بأعداء إيران يشنون حربا نفسيّة على البلاد، ويحاولون خداع الشباب الإيرانيين لجرّهم إلى الشوارع، بحسب تعبيره، وحذّر سلامي من أنَّ إيران ستردّ على أيّ محاولةٍ لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

 

 

 

 

 

 

 

 

دعوة لإصلاح المؤسسة الأمنيّة
المفارقة أنّ السلطات الإيرانيّة التي تعلن عن فتح التحقيق في الحادث، لم تراعِ الأوضاع الاستثنائيّة التي تشهدها البلاد، وبخاصةٍ مع وضوح الحادث لجهة تورط جهة واحدة فيه، وجوهر القضية يرتكز على تقارير طبية وإجراءات إداريّة، وكان بإمكانها فعل ذلك في وقتٍ مبكرٍ جداً لاحتواء لأيّ تداعيات محتملةٍ.
وقال أمجد أميني، والد مهسا أميني التي توفيت أثناء احتجاز الشرطة لها، إنّه لم يحصل حتى الآن على السجلاتِ الرسميّة الخاصة بالقضية، مضيفاً -في تصريحات صحفية- “وكذلك الطب الشرعيّ لا يسمحون لي برؤية الملفات”.
وأكد 233 نائبا بالبرلمان الإيراني -في بيان مشترك- على ضرورة التفريق بين المحتجين وبين من يقومون بأعمال الشغب، وقالوا إن “أعداء إيران يسعون لاستغلال هذه الأحداث لإثارة الفوضى في البلاد واستهداف أمنها”، وطالب البيان المؤسسات المعنية بضرورة إجراء التحقيقات اللازمة، ومعرفة أسباب الأحداث، وتقديم رؤى استراتيجية لمنع تكرارها.
قال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إنَّ أطرافاً خارجيّة تحرّض على أعمالِ الشغب وإثارة القلاقل في إيران، مشيراً إلى ضرورةِ متابعة حيثيات وفاة مهسا أمينيّ، ومحاسبة المسؤولين عن أيّ خطأ محتمل في وفاتها بشكلٍ صارم، كما دعا قاليباف إلى إصلاحِ آليّة عمل شرطة الأخلاق، كي لا تشهد البلاد أحداثاً مشابهة في المستقبل، مؤكداً أنه سيتابع الموضوع في إطار صلاحياته.
محاولة للتشويشِ الإعلاميّ
نقلت قناة عربيّة خبراً بالصيغة التالية “في العراق، قُتلت فتاة عراقية تدعى زينب الخزعلي، يرجّح أنّ السببَ “رصاصة طائشة” من قاعدة أمريكيّة..، توفيت الشابة مهسا أميني بعد مشادةٍ مع الشرطة، لكن الرأي العام العالميّ غيّب قضية زينب وفتح “النار” على وفاة أمينيّ”.
وفي سياق موازٍ، تم ربط المظاهراتِ بالمخططِ الأمريكيّ الذي يستهدفُ محورَ المقاومةِ (إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن)! وأنّ المخطط تم الإعداد له مسبقاً لضرب إيران من الداخل، كما تمَّ ربطُ المسألةِ بمباحثاتِ الاتفاق النوويّ وقضايا عديدة جيواستراتيجيّة، لتدخل المرء في متاهة، ويطرح السؤال هل كانت الضحية “مهسا” تقصد بطريقة ارتداء الحجاب إثارة كلّ هذه القضايا؟
أصحاب التوجه الدينيّ انقسموا فيمن قالوا إنّ الهدف هو النيل من الدين الحنيفِ وتبرير الخروج عن تعاليمه، وبالمقابل خرج من اتهم الحكومة الإيرانيّة والكرد بالكفر وتمنى أن يزداد استعار النار ويبيد أحدهما الآخر فلا تبقى لهما باقية.
المواقف الغربيّة كلها التي أصدرت البيانات المنددة، لم تتجاوز في الواقع الإطار السياسيّ وهي لمجردِ الإعلامِ، وهي مواقف معروفة مسبقاً، إزاء كلّ قضايا المنطقة، فالغربُ يهتمُ مع منطقتنا من منظور مصالحه وليس بمقتل الناس مهما بلغ عددهم، ورغم ذلك فقد أُعطيت قيمة أكثر مما تستحق، فالبعض اعتبرها دليلاً على نظرية المؤامرة التي تستهدف إيران، والآخر اعتقد أنّه يُكسِبُ التضامن مع القضية مزيداً من الزخمِ.
كلّ هذه الاختلافات في تناولِ القضية كان أجنداتٍ إعلاميّةً، ولم يتحدثوا عن إمكانيّةِ الحكومةِ الإيرانيّة احتواء الحادثِ منذ البداية، بإجراءات فوريّة شفافة، ومحاسبة المتورطين بالحادثِ، رغم أنّ المسألة تطرح السؤال حول صلاحيات المؤسساتِ الأمنيّةِ والإطار القانونيّ في التعاطي في قضيةِ الحجابِ من أصلها.
ما يجبُ الوقوفُ عنده، هو الحِراكُ المجتمعيّ وحتى السياسيّ المتضامنُ والمتعاطف مع قضية “مهسا”، بالنظرِ إلى السياقِ العامِ للتعاطي معه، والذي قُوبِل بإجراءاتٍ مشددةٍ أسفرت عن مزيدٍ من الضحايا، بوصفهم مشاغبين خارجين عن القانون!
التعويل لن يكون على المواقف الخارجيّة والتضامن ربما يكون بعضه على سبيل النكاية والضغط السياسيّ، والمطلوبُ خلقُ الصورةِ الإعلاميّةِ لتكونَ قضية حقوقيّة وقانونيّة وإنسانيّة مؤثرة، دون الانخراط في سجالٍ يمكنُ أن ينفتحَ على مآلاتٍ خطرةٍ، إذ يمكن أن نشهد انحساراً في موجةِ التضامن الدوليّ، وتصبح المسألة في عهدةِ المؤسساتِ الأمنيّة فقط!
وبفرض أنّ الحكومةَ الإيرانيّة أصدرت قراراً رسميّاً منعت بموجبه “شرطة الأخلاقِ” من التدخّل في مسألةِ الحجابِ، وألحقته بقرارٍ يتضمنُ محاسبةَ من تسببَ بقتلِ الشهيدةِ جينا أمينيّ… هل تكون بذلك قد حلّت كلّ القضايا الإشكاليّةِ للشعبِ الإيرانيّ ومن بينهم الكرد؟
إزاء ما يحدث في إيران هناك توجهان رئيسيان، أحدهما يصرُّ على اجتزاءِ القضيةِ وتقزيمها إلى الحدِّ الأقصى، ويُضفي عليها توصيفاً جنسويّاً، ويتجاهلُ حقائق كثيرة، وأنّ إيران بلدٌ كبيرٌ متعددُ الأعراقِ والتوجّهات، والإعداماتُ طالتِ العشراتِ لم يكونوا كلهم من النساء، ولم تكنِ الذريعة في أيّ حادثةٍ هي الحجابِ.
التوجه الثاني يجهد في وضع القضية سياق إقليميّ عالميّ، يتجاوز الساحة الإيرانيّة، ولتكون مؤامرة كونيّة تستهدف إيران من الداخلِ، وهنا لا يجب أن ننكر أن العلاقاتِ الإيرانيّةَ مع العالمِ معقّدةٌ، وليست على ما يرام مع أقربِ جيرانها في الخليجِ، وهي مستهدفةٌ في الساحاتِ التي تدخلت فيها بالمنطقةِ.
والحقيقة، لا أجدُ كلا التوجهين مصيباً، لأنَّ القضيةَ في جوهرها إنسانيّةٌ وحقوقيّةٌ بالدرجة الأولى، وبعبارةٍ أخرى يمكنُ اعتبار قضية الشهيدة “جينا” نموذجاً، ولكنها ليستِ القضيةَ الكليّة، وهي إنسانيّة في منطلقها وحقوقيّةٌ في مستقرها، ومن الضروريّ إيجادُ نصوصٍ قانونيّةٍ تضمنُ صيانةَ حقِّ الحياةِ وقدسيتها، وتحددُ صلاحياتِ المؤسساتِ الأمنيّةِ.
من اللافت جداً أنّ أعداداً كبيرةً من النساء المتظاهراتِ كن يرتدين شكلاً من الحجابِ، ما يعكسُ بعداً آخر للقضيةِ هو الوعي، ويؤكد أنَّ الحجابَ مسألةٌ شخصيّةٌ، لا تمنع التعبيرِ عن الرأي، وأنّ النساء اعتبرن القضية تمسهن مباشرةً من خلال استهداف شخص الشهيدة مهسا، وكانت جرأة النساء محل الاهتمام الإعلاميّ والرسميّ، وانعكس ذلك من خلال الشعارات التي تم ترديدها ونزع الحجاب في الشوارع والأماكن العامة وقص الشعر.
تقوم “شرطة الأخلاق” في إيران بتسيير دوريات ما يسمى بـ”الإرشاد” التي تعرف بـ “غشتي إرشاد”، مهمتها حسب ادعائهم هي “ضمان احترام الأخلاق الإسلامية واحتجاز النساء اللواتي يُنظر إليهن على أنهن يرتدين ملابس “غير لائقة”. وبموجب القانون الإيراني، الذي يستند إلى تفسير البلاد للشريعة، تُلزم المرأة بتغطية شعرها بالحجاب وارتداء ملابس طويلة وفضفاضة لإخفاء جسدها.
وبعد أشهر قليلة من إعلان جمهورية إيران، ألغتِ الحكومة الجديدة قوانين حماية حقوق المرأة التي وُضعت في عهد الشاه، وأصدر آية الله الخميني، مرسوماً يقضي بفرض الحجاب على جميع النساء في أماكن العمل، معتبراً النساء غير المحجبات “عاريات”.
وبحلول عام 1981 طُلب من جميع النساء والفتيات ارتداء ملابس “إسلامية” محتشمة بموجب القانون. الأمر الذي كان يعني ارتداء “الشادور”، وهي عباءة تغطي الجسم بالكامل، غالباً ما يكون مصحوباً بغطاء رأس ومعطف يغطي الذراعين أيضاً، وبعد عامين، أقرَّ البرلمان الإيرانيّ فرض عقوبة الجلد، 74 جلدة، على من لا تغطي شعرها في الأماكن العامة، وفي الآونة الأخيرة، أضيفت عقوبة السجن التي تصل إلى شهرين.
الاحتكامُ للشارعِ قد يكون في مرحلةٍ معينةٍ تعبيراً عن رفضِ المجتمع وهو يعني صوتَ الناسِ مباشرةً دون اللجوءِ لمؤسساتٍ أو ممثلين منتخبين في المجالسِ والبرلماناتِ، ولكنه مكلفٌ جداً وسلاحٌ ذو حدين، إذ لا يمكن ضبطُ إيقاعِ الشارع، وتوجيه البوصلةِ إلى الهدفِ المطلوبِ، وانحرافُ البوصلةُ يمنحُ السلطاتِ القائمةَ ذرائعَ لاستخدامِ العنفِ.
إنّ إنتاجُ الدولِ الوطنيّةِ في منطقتنا، سيكونُ حلاً شاملاً لكلِّ أزماته، إذ لم تثبتِ الدولةُ القوميّةُ والدينيّةُ على مدى التاريخِ أنّها قادرةٌ على حلِّ الأزمات أو لديها ما يكفي من المناعةِ لتجنّبِ الأزماتِ الدوريّةِ.
الفكرةُ تسبقُ العملَ، هذه قاعدة عامة، وكثيرٌ من الأفكار تترسخ وتتحول إلى ثقافة عامة وبديهيات، لدرجة أنّها تحكمُ سلوكنا التلقائيّ، والقوانين والأنظمة هي أفكارٌ صِيغت بطريقةٍ أصبحت فيها حجّةً على كلّ أبناءِ المجتمعِ ومرجعيّةَ التقاضي والسلوكِ العام على مستوى الأفرادِ والمؤسساتِ، ولهذا فالحاجة مُلحّة لإنتاجِ منظومةٍ فكريّةٍ تجعلُ الحفاظ على الحياةِ أولى الأولوياتِ، وأن تكونَ مهمةُ المؤسساتِ الأمنيّةِ متطابقة مع اسمها ليكونَ “ضمان الأمن” للمجتمعِ، لا أن تكونَ سلطةً قهرٍ ومصدرَ خوفٍ للمجتمعِ، وهذا ما تعاني منه كلّ مجتمعاتِ الشرقِ الأوسطِ.
السلطةُ في أيّ بلدٍ هي منظومةٌ فكريّةٌ أولاً، ويفترضُ أنّها تضمنُ مصلحةَ أبناءِ المجتمع، ولكنها بالمجملِ تراعي أو تحابي تياراتٍ معينةً قوميّةً أو دينيّةً أو حزبيّة، على حسابِ إقصاء آخرين، يُجبرون على تقمصِ شخصياتٍ ليست لهم للنجاةِ من السقوطِ في هوّةِ الإقصاءِ، ويحرصُ المستفيدون من السلطةِ على استمرارها، وفي كلِّ أزمةٍ ينقسمُ أبناءِ المجتمعِ إلى مدافعين ومعارضين، وكلهم ينادون بالوطنيّة، وبالنتيجةِ تكونُ الخسارةُ من كلّ المجتمعِ وتدميراً لعواملِ العيش المشترك. وستتركُ الأزماتُ ندوباً وقروحاً عميقةً، لن تنتهيَ بنهايةِ الأزمةِ، إذ تُشكّلُ ذاكرةً وتاريخاً وعاملَ تحريضٍ لأزماتٍ قادمةٍ.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle