عفرين المحتلة وتغيّر الحياة

مركز أخبار روناهي ــ في عفرين المحتلة تغير ملامح الحياة والعادات والتقاليد، وفقد الأمان لتستباح المنطقة وقراها أمام جيش الاحتلال ومرتزقته.
تفيد مصادر من داخل مركز مدينة عفرين بأنّ مرتزقة الجيش التركيّ أقدموا الأربعاء على اختطاف 8 مدنيين من أهالي قرية جقماقا التابعة لناحية راجو واقتادوهم إلى أحد السجون التي تم إنشاؤها في قرية جقلا بناحية جندريسه. وأكَّد المصدر على أنَّ عناصر المرتزقة يطالبون أهالي المخطوفين بدفع 7 آلاف دولار عن كل شخص مقابل الإفراج عنهم.
مصدر آخر من قرية جالا بمنطقة راجو قال: أقدم مرتزقةُ الاحتلال التركيّ على تحويل منازل أهالي قرية جالا إلى مراكز للتحقيق والتعذيب، وأنّ 50 مدنياً من قرى (جقماقا- خلالكا- جنجليا وعلمدارا) بمنطقة راجو، والذين اُختطفوا في وقت سابق، محتجزون الآن في منازل الأهالي التي تحوّلت إلى مراكز للتحقيق والتعذيب، ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب. فيما تستمر عمليات سرقة ونهب ممتلكات الأهالي في القرى.
في منطقة جندريسه أقدم جيش الاحتلال التركيّ يوم الخميس على خطف ثلاثة مدنيين، ويُداهم الاحتلال التركي منازل المدنيين.
وأكّد مصدر من داخل منطقة جندريسه لوكالة هاوار أن الاحتلال التركي ومرتزقته داهموا عدداً من منازل الأهالي في قرى (كفرصفرة، دير بلوط، وحجيلر) التابعين لمنطقة جندريسه، واختطفوا ثلاثة مدنيين من تلك القرى واقتادوهم إلى جهة مجهولة. وأدلى المصدر بأسماء المخطوفين وهم(حسين حاج عبدو، عدنان حسن، وعبدالله خليل مراد). وأضاف المصدر أنّ المواطن حميد موسى من قرية برجكه ــ منطقة جندريسه تعرّض للضرب والإهانة على يدِ مرتزقة الاحتلال التركيّ، بعد مواجهته عائلات المرتزقة الذين حاولوا الاستيلاء على أرضه.
ويفيد أحد المواطنين استطاع الوصول إلى مقاطعة الشهباء بعد أن أجبره المرتزقة على الخروج من قريته.»لم يعد شيء كالسابق، الفوضى في كلّ مكان، أشكالٌ وحلّة مختلفة تظهر في عفرين، تغيّر ناسها، وحلّت ثقافات من البادية والغوطة في المنطقة».
بعد احتلال المرتزقة والجيش التركي لمقاطعة عفرين، بدؤوا بالسطو، النهب، السرقة وتغيير معالم المدينة بتدمير الأماكن والرموز التاريخيّة والوطنية للمدينة، وعملوا على نشر الإبل وثقافاتهم في المدينة، وفرضوا على سكان المدينة التحرّك والعيش تحت أمرهم، وعلى النساء ارتداء النقاب وعدم التنقل.
استولى مرتزقة فيلق الشام بالتحديد على أملاك الأهالي الذين خرجوا من عفرين وتوجّهوا إلى مقاطعة الشهباء، ويفرضون ضرائب مالية باهظة على المدنيين، كما لا يسمحون للأهالي بحصاد موسم الزراعة فينشرون مواشيهم في الحقول لتأتي على الموسم.
مستوطنون من الغوطة وحمص استولوا على محلات سوق قرية ميدان أكبس الحدوديّة بمنطقة راجو، والتي تضمُّ 541 منزلاً، واستولوا عليها وسكنها. بعدما هجّر مرتزقة فيلق الشام سكانها الأصليين، ولا يتجاوز عدد السكان الأصليين الباقين بالقرية 60 عائلةً.
المواطن عبد القادر قمو المعروف بقادر بومبق ــ 56 عاماً فلاحٌ وأبٌ لـ7 أولاد من قرية ميدان أكيس بمنطقة راجو طرده مرتزقة فيلق الشام من منزله وأسكنوا فيه عوائلهم، عبد القادر بعد عناء الطريق وصل إلى أولاده في مقاطعة الشهباء وبقي في منزله لوحده مع جيرانه.
بعد احتلال المرتزقة للقرية «ميدان أكبس»، مارسوا بحقه سياسة الخوف والهلع، وهاجموا بيته في كل مساء بضرب الحجارة على منزله وترديد كلمات تهدّده للخروج من المنزل. وفي أحد الأيام وبعد خروجه إلى منزل قريب له، استولى مرتزقة فيلق الشام على منزله وأسكنوا عوائلهم فيه، وبعد عودته طردوه من منزله فبقي في الشارع.
يقول عبدالقادر: «لم يعد أيّ شيء كما في السابق، فالفوضى بكلّ مكان، أشكال وحلّة مختلفة تظهر في عفرين، تغيّر ناسها وشعبها، استوطنت ثقافات من البادية والغوطة في منطقة لا تعرف بمثل هذه الثقافات ولم تمر عليها، ناهيك عن تهجير السكان الأصليين عنوةً»، الأهالي المتواجدون في عفرين يعيشون حالة نفسيّة صعبة جرّاء ما يفعله المرتزقة بحقّ المدينة وشعبها.
ويتابع: «الفوضى تعم المدينة، نسير في الشارع ونرى وجوه مرتزقة داعش، أناس يرتدون أزياء طويلة وغريبة ذوي لحى وشعر طويل، بعضهم يحمل السلاح، وآخرون يعلقون خناجر على خواصرهم ويفرضون على نسائنا ارتداء النقاب وعدم التنقل في الأرجاء».
وأشار عبد القادر إلى أن المرتزقة استولوا على أراضي الأهالي ومحاصيلهم، ولا يدعونهم يحصدون محاصيلهم، وباتت المواسم مراعي لمواشي» المرتزقة، ناهيك عن فرض الضرائب بمبالغ كبيرة.
وحول الهويات التي يصدرها جيش الاحتلال التركي لأهالي عفرين قال قمو «طلبوا مني أن آخذ أوراقي الثبوتيّة لإصدار هوية لي، وأصبح مواطناً وأتمكّن من الانتخاب، قاصداً في حزيران القادم تركيا وباكور كردستان.
وأفاد مصدر لمراسل وكالتنا ANHA من قرية جولاقة بمنطقة جندريسه بأنّ جيش الاحتلال التركيّ ومرتزقته خطفوا أُختطف للمرة الثالثة المواطن حنان شيخ محمد عبدو 56 عاماً، منذ 3 أسابيع، بتهم ملفقة، ولم ترد معلومات عنه حتى الآن. وأضاف أنّه يتم تعذيبه أشد العذاب.
وأشار مصدر آخر من قرية آغجلة في منطقة جندريسه إلى أنّ مرتزقة الاحتلال التركيّ خطفوا المواطن حمدان حسين 50 عاماً منذ شهر، وكان حمدان يعمل في مكتبه لتجارة السيارات. وأكّد المصدر أنّ مرتزقة الاحتلال طالبوا حمدان بفدية تقدر بـ 14 ألف دولار أو التنازل عن قطعة أرضٍ له في سهول جندريسه مزروعة بنحو 200 شجرة.
وفي سياق آخر يفيد مصدر من مدينة عفرين بأنّ مرتزقة الاحتلال التركيّ خطفوا الشاب مصطفى حنان 22 عاماً منذ أسبوع من قرية بريمجا بناحية موباتا، ولم ترد حتى الآن معلومات عنه. ونوّه مصدر آخر من ناحية شيه بأنّ الاحتلال التركيّ اختطف 17 مواطناً من أهالي بلدة شيه منذ 5 أيام بتهم ملفقة وواهية. وأدلى بأسماء اثنين من المختطفين(عبدو سيدو أولوــ 34 عاماً، محمد بكر موسى ــ36 عاماً). وأنهما نُقلا إلى مكان مجهول.
المواطن خليل محمد من أهالي قرية باليا التابعة لناحية بلبليه في عفرين أحد الذين فضل البقاء في قريته بعد دخول قوات الاحتلال التركية إلى القرية و هناك تمّ أسره من قبل القوات المحتلة. وقد أكّد في لقاء مع فرات للأنباء، تعرّض المئات من أهالي عفرين المعتقلين لأبشع أنواع التعذيب و الممارسات الشائنة.

تعذيب وحشيّ للأطفال

خليل محمد الذي تحدث إلى مراسل وكالتنا فرات للأنباء أوضح أنه بعد أسره من قبل قوات الاحتلال لمدة 16 يوماً نُقل إلى سجن الراعي في إعزاز تعرض للتعذيب بشكل وحشي. محمد أكّد على أنّ مئات المدنيين من أهالي عفرين معتقلون هناك ويتعرضون للتعذيب بشتّى الوسائل يوميّاً. ويقول:» كانوا يضربونني على وجهي وكسر فكي والعديد من أسناني. أيضاً لم أعد أسمع بشكل جيد بسبب الضرب المبرح الذي تعرضت له على وجهي. وتمّ جلدي ب‍ـنحو 200 جلده. وكلّ ذلك استطعت تجاوزه، لكن ما لم أتحمله هو تعرّض أطفال أعمارهم 13-12 عاماً للتعذيب الوحشيّ على يد تلك المجموعات. كانوا يعذبونهم بالصعق الكهربائيّ، والكثير من أهالي عفرين كانوا هناك يتعرضون للتعذيب بشتّى السبل وما لا يمكن وصفه مع أنهم ليسوا كرداً. كانوا يقومون بصبّ الماء الساخن على أجسادهم و شاهدت بعيني أحد الأطفال لم يكن قادراً على فتح أصابع يديه بعدما تمّ تعذيبه بالنار وقاموا بإحراق يديه.

إلقاء القاذورات على كبار السن

يتابع محمد بالقول:» بعض المعتقلين هناك أعمارهم يقارب الثمانين عاماً، نالوا نصيباً وافراً من العذاب, و ألقوا القاذورات والبراز عليهم. ما يحصل هناك من وحشية لا يمكن وصفها. فالصغار والكبار هناك يتعرضون للتعذيب, الإهانة و شتّى أنواع الممارسات اللاإنسانيّة.
ويضيف خليل كانوا يمنحون كل أربع أشخاص رغيف خبزٍ واحد كلّ يوم. كما أنّ المعتقل لا يسمح له بالاستحمام ويُحرم من التدخين ويُعرّض لكلِّ أنواع التعذيب التي لا تخطر على البال.
خليل محمد الذي بقي معتقلاً هناك لمدة 67 يوماً يتم الإفراج عنه, مضيفاً: إنَّ جميع القرارات المتعلقة بالمعتقلين تصدر عن تركيا و الجماعات المرتزقة الأخرى و ما يسمى بالجيش الحر لا يملك أي صلاحيات هناك.

حجزٌ في منطقة مليئة الألغام

محمد يضيف بعد اعتقالي لمدة 67 يوماً وإطلاق سراحي, وضعونا وكنا نحو 31 شخصاً في شاحنة واحدة وأنزلونا في أحد الأماكن، لم يسلمونا لجهة بل تركونا في العراء قالوا لنا اعبروا هذه الأرض حتى لا يقوم الجيش الحر بقتلكم، وسألنا لماذا يقتلوننا، للتو خرجنا من السجن وثبوتياتنا بحوزتنا، ولنتأكد فيما بعد أنّ غايتهم آخر المطاف أن يدفعوننا نحو الموت. وفعلاً الجيش الحر قام بمحاصرتنا بعد أن سلكنا الطريق التي أشاروا إلينا السير فيها, قلنا لهم نحن للتو خرجنا من السجن، ثم طلبوا منا السير ودفعونا باتجاه منطقة مزروعة بالألغام.
خليل محمد ختم بالقول: «ما يحصل هناك من ظلم وانتهاكات لا يمكن وصفه, هؤلاء لا يمتون للإسلام بشيء. خمسة بالمئة من هؤلاء المرتزقة ضمن صفوف المجموعات الإرهابيّة التي هاجمت عفرين هم كرد, وجميعهم معروفون على أنّهم مجرمون ولصوص, نهبوا ممتلكات أهالي عفرين ونقلوها ولم يُبقوا على شيءٍ إلا وسرقوه( أثاث المنازل, المعامل, المصانع, المحلات, الآليات والسيارات), وهذا ما رأيته بعيني.