ما الشعر الملحمي؟

إعداد/ غاندي إسكندر   

الشعر الملحمي أو القصيدة الملحمية، هي قصة طويلة ومثيرة وشاعرية ،عن حدث هام، وغالبا ما تتحدث عن قصة بطل واحد أو عدة أبطال، وقد لعبت دوراً هاماً في الحفاظ على سجل من الأعمال، وعن التاريخ العظيم للثقافة في وقت لاحق، وتتميز الملحمات، بأن البطل يجسد قيم ثقافة، أو مجموعة عرقية، وشيئاً حيوياً، يعتمد على نجاح تصرفات البطل، وقد تحتوي الملحمة أساطير، حيث أن الأسطورة قد تدخل في نسيج الملحمة، ولكن لا تتداخل الملحمة مع الأسطورة، فالملحمة شيء، والأسطورة شيء آخر، حيث أن الفرق الجوهري بين الأسطورة وبين الملحمة، هو أن أبطال الأسطورة من الآلهة، أما أبطال الملحمة من البشر.

خصائص الملحمة

تعتمد الملحمة بشكل أساسي على التقليد الشفهي، فتنتقل عبر الأجيال عن طريق المنشدين المتنقلين، والأطباء الشعبيين، ورواة القصص، والشعراء القبليين والشعراء الغنائيين المتنقلين، كانت تقال أو ترتل على نغمة رتيبة وأحيانا تغنى، في البداية تأتي كتابة هذه الملاحم عن طريق الكتابة من المستمعين لما يقوله المنشد، وأحيانا تأتي من مصادر أخرى؛ فتصبح الملحمة نوعا أدبيا قائما بذاته، لكن تبقى الملحمة فنا يستعمل الطرق القائمة على التقليد الشفهي، رغم كتابته، وبالرغم من اتخاذ الملحمة مواضيعها من التاريخ، إلا إننا نستطيع تفريق الملحمة باهتمام الكاتب، خلق عمل مرتبط بأحداث منطقية، أو محتملة الحدوث، وليس أحداثاً وحقائق تاريخية، مثلما يعمل المؤرخ، فعلاقة الملحمة بالحقائق التاريخية، تبقى متغيرة بشكل كبير لدرجة أن القصيدة الملحمية، تتضمن أحيانا كثيرة بعدا مبهجا وسحريا، فينتقل من التاريخ إلى الأسطورة ومن الأسطورة إلى التاريخ، يسمح الشاعر باستخدام العديد من الأشياء غير الحقيقية، ويستخدم أيضا الصور البلاغية، وبالأخص المبالغة؛ لأن القصيدة الملحمية يكون هدفها الأساسي، هو مدح شعب، أو بطل وطني، فيتغاضى الشاعر عن بعض العيوب، وعن الحقائق التاريخية والحربية والفكرية، لكي يظهر الممدوح في صورة مثالية، تصلح لتكوين الملحمة، في أوروبا كلها، كانت الملاحم تُكتب ويُبحث عنها، ويُكتشف الكثير منها، فتحكي عن أساطير جديدة، أو قديمة، أو عن مواد، أو نصوص (كالملهاة الإنسانية لبلزاك، والحرب والسلم لتولستوي).

بداية الشعر الملحمي

قبل نشأة واختراع الكتابة، كانت هناك ملحمات أولية مؤلفة من شرائط تستخدم مخططات بلاغية معقدة، يمكنهم من خلالها حفظ الملحمة الأسطورية، كما وردت في التقاليد، وقد كان لهم أداؤهم الخاص لهذه الملاحم، وكان يتم تداول هذه الملاحم التي تحكي أساطير، وقصص الأمم والحضارات المختلفة، وكانوا يؤدونها بأشكال وطرق مختلفة، فقد كانت مثل نقل التراث بين الناس، أقدم ملحمة معترف بها هي ملحمة (جلجامش) حوالي 1300-  2500 قبل الميلاد، والتي تم تسجيلها في سومر القديمة خلال الامبراطورية السومرية الجديدة، وأطول ملحمة مكتوبة هي (ماهابهارتا) الهندية القديمة، والتي تتألف من 100000ملك، وما يزيد عن 200000 سطر من الآيات بالإضافة الى مقاطع طويلة للنثر، بحيث يبلغ طولها حوالي مليون كلمة تقريبا، أي أربعة أضعاف طول ملحمة (رامايانا)، وما يقرب من عشرة أضعاف طول الإلياذة، والأوديسا مجتمعة، ومن الملاحم الشهيرة (الشاهنامة) و(التاميل)، والملاحم اليونانية القديمة (الألياذة والأوديسا) والملحمة الإنجليزية القديمة (بيوليف)، وملحمة دانتي (الكوميديا الإلهية)، وملحمة (كاليفالا الفنلندية)، وأغنية (رولان الفرنسية)، و(الكانتارا) الإسبانية دي ميو سيد، وملحمة جون ميلتون في (الفردوس المفقود)، وملحمة آدم ميكيفيتش في (عموم تاديوس).