المُجبِّر جدعان الكردي ورِثَ المهنة من عائلته التي تزاولها منذ مئة عام

ديرك/ هيلين علي –

يجلس المُجبّر جدعان الكردي صاحب الـ (50) عاماً، في غرفة متواضعة من بيته الريفي بقرية قرجوخ التابعة لديرك في شمال وشرق سوريا؛ لاستقبال المرضى الذين يعانون من الكسور العظمية ولمعالجتها وجبرها بطرق شعبية وبدائية، مُعتبراً هذه المهنة إنسانية وتراثاً تلقاه الأبناء من الأجداد.

جدعان الكردي أب لأربعة شبان وثلاث فتيات، ذكر لصحيفتنا “روناهي”، إنه ورث مهنة “المُجبّر” من والده الذي بدوره ورث المهنة من جده، التي عملت بها العائلة كمهنة إنسانية طوال المئة عامًا الماضية.

مهنة لم تندثر بعد

مهنة المجبِّر من أقدم المهن التي ما زال سكان المنطقة يلجؤون إليها، وذلك بسبب الحاجة الملحَّة لها منذ القِدم، إذ أن المجبِّر العربي يحافظ على مهنته التقليدية في مجال معالجة الكسور بشتى أنواعها وأشكالها أمام التطور العلمي والطبي الحاصل حالياً.

ويضيف الكردي الذي يحافظ على مهنة أجداده مفتخراً “الكثير من الحالات تقصدنا كي نعالجها وهي تتجاوز عشرات الحالات في الشهر، تدفعهم جميعاً للتوجه إلى مهنتنا المتواضعة والتراثية بدلاً من المستشفى، نظراً لثقتهم بقدرتنا على علاجها”.

وشرح جدعان الكردي عمله والعدة التي تدخل في العملية وهي عبارة عن قطع خشبية وأقمشة، بحيث تبدأ طريقة علاج الكسور بجس المكان المصاب لكشف مكان الكسر، ويُرجع العظم إلى مكانه ويلفه بـالشاش أو الأقمشة على حد قوله.

ولا يتقاضى الكردي أي مبالغ مالية مقابل مهنته، وحتى في الحالات الحرجة التي يقوم بعلاجها، معتبراً عمله مهنة إنسانية توارثتها عائلته.

جلب حسين أحمد (36 عامًا) ابنه ذي السنوات السبع لتجبير يده التي كُسِرت خلال لعبه مع أولاد الحي، إلى بيت “جدعان الكردي”.

أحمد قال لصحيفتنا “روناهي”، إن الاستعانة بـالمجبر كان بعد أن طلب منه طبيب العظمية مبلغ 600 ألف ل.س لتجبير الكسر عن طريق عمل جراحي وعجزه عن توفير المبلغ في الوقت الحالي، ويرى “أحمد” أن اللجوء إلى المُجبر أرحم وأوفر، لذلك الناس يتجهون لهذه الطريقة العلاجية لانعدام تكاليفها المادية أو انخفاضها عند بعض المجبرين مقارنةً بالأطباء المختصين، لا سيما في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها الأهالي.

ويرى بعض الأطباء المختصين، وطالبوا بعدم نشر اسمائهم بأن العلاج بهذه الطريقة الشعبية يعتبر من العادات والتقاليد المجتمعية المتوارثة بين سكان المنطقة، فلهذا مهنة المجبر وتقبّله نسبية، إذ لا يجزمون بالمطلق على صحتها ولا يجزمون بالمطلق على مساوئها.