عدنا… والعود أحمد

رجائي فايد_

ما يقرب من خمسين يوماً غبتها عن مصر، حيث كنت في رعاية ابنتي وأسرتها التي تعمل في دولة الإمارات، بعد أن هاجمني المرض اللعين والعجيب، أن للكورونا فوائد، إذ بسبب إصابتي بوباء الكورونا، والذي أدت تداعياته إلى اكتشاف هذا المرض، وظل ينخر في جسمي دون أن أشعر، قُبيل السفر أبلغت الرفاق في صحيفة روناهي، أنه بسبب الظروف المستجدة، فربما أتوقف عن كتابة زاويتي الأسبوعية، وكان رد فعل هؤلاء الرفاق متفهماً، بل أبلغوني بأمنياتهم الطيبة، وبالعودة لكتابة الزاوية، بعد أن يزول عني هذا العارض المرضي، بل اتصل بي كافة الرفاق وعبّروا عن أمانيهم المفعمة بالطيبة، وأذكر منهم الرفيقة المناضلة إلهام أحمد، والرفيق المناضل آلدار خليل والرفيق والصديق العزيز سيهانوك ديبو، وهم الذين أعلم بمدى ندرة وقتهم الثمين الذي لا يعطيهم مجالاً لمثل ذلك، وأحمدُّ الله سبحانه وتعالى على مكانتي في قلوبهم، كما كان يتواصل معي يومياً الرفيق شيار زاخو وأحمد شيخو والرفيقة العزيزة ليلى سوار، وبالطبع لا يمكن أن أنسى الرفيق العزيز والصديق الكردي ملايس رؤوف وأرجو ألا أنسى من عاودني في مرضى، إذ كانت لكلماتهم الطيبة بلسماً رحيماً على آلام جسدي، سأظل مداناً لهم جميعاً ما بقي لي من أيام العمر، وليتني كنت أعرف الحكمة التي كانت تقول (يظهر الصديق الحق في المحن، أما المزيفون وأصحاب المصالح فيختفون)، فقد كان تعاملي مع من أعرف ومن لا أعرف بتلقائية، ما أكثر من يطلب مني معاونة في بحث أو دراسة وما كنت أضن على أي منهم بما أستطيع، أبحث الآن عنهم فأجدهم قد اختفوا، وبالرغم أني لست نادماً على ذلك، فتلك كانت حياتي.

 حدثت مفاجأة طيبة خلال هذه الفترة، إذ فوجئت بمقال مطوّل لكاتب كردي، لم ألتقِ به يوماً إلا على وسائل التواصل الاجتماعي شمال عادل سليم، كان سبب التواصل معي أنه على علاقة وثيقة بشخصية محترمة كردية هي المناضل (عزيز محمد رحمه الله الأمين الأسبق للحزب الشيوعي العراقي) وهو شخصية قابلته وتحاورت معه كثيراً سواء في القاهرة، أو في مسكنه بحي (مديراوه) بهولير، وأذكر له أنه كان عرّاب المصالحة الكردية بين هولير والسليمانية، قبل أن تختطفها (مادلين أولبرايت)، ويصبح الفضل في المصالحة لـ (ماما أمريكا)، كان مقال الرفيق شمال يعج بالوفاء الذي أعرفه عن الإنسان الكردي، من أجل توكيد صفات الوفاء التي يتسم بها عموم الكرد مهما كان بينهم من تباينات وأرجو أن تسمح لي الأيام الباقية في عمري أن تزول، وأنقل للقارئ بعضاً مما ذكره:

(لنقف جميعاً مع الخبير الأول في الدراسات الكردية وأحد أعلام المصريين الذين أفنوا حياتهم في دراسة الوضع الكردي والحديث عنه في مصر والعالم العربي)…. (فمنذ فترة ليست بالوجيزة انقطعت أخبار صديق شعبنا المعروف والخبير المصري الأول في الدراسات الكردية السيد رجائي فايد عنا، والأكثر من هذا أقلقني غيابه اللافت عن العديد من المحافل الرسميّة العربية والعراقية والكردستانية، وهذا بحد ذاته شيء غريب حقاً، لأنه ليس من عادته أن يغيب على الأقل ليس لهذه المدة الطويلة، وخاصةً أن السيد فايد هو إنسان نشط ويكتب بقلب حار عن الأوضاع والتطورات السريعة التي تشهدها العراق وإقليم كردستان والمنطقة بشكلٍ عام).

وأسجل عظيم شكري وتقديري لكلمات الرفيق شمال المفعمة بالحب، والشكر موصول لأحبتي الكرد (ولا أستثنى أحداً منهم) الذين كنت أشعر دوماً بصدق عواطفهم الطيّبة تجاهي.