قامشلو/ رشا علي ـ
عشاق القراءة يؤكدون، أن الكتب الورقية لم تندثر، حتى وإن تطورت التكنولوجيا الحديثة، وبأن متعة قراءة الكتاب الورقي مفقودة في التكنولوجيا، إذ إن رائحة الورق تدخل القارئ عالماً آخر، وتجعله يعيش ما يقرأه، وينمي شخصيته، ويطورها ليؤدي إلى الإبداع.
كيف تأثرت عادات القراءة في الشرق الأوسط، في ظل انتشار وسائل التواصل الحديثة؟ لا شك أن هذا الواقع الجديد، الذي نعيشه، ترك آثاراً على الكثير من نواحي الحياة اليومية، وباتت هذه الوسائل الحديثة، تهدد عادات كانت راسخةُ في حياة الكثيرين، مثل قراءة الكتب، والجرائد الورقية، وعلى الرغم من ذلك فهناك عدد لا بأس به من الأشخاص، الذين لم يدخلوا تحت ذلك التأثير، وما زال يهتمون بالقراءة الورقية، ويفضلونها على الإلكترونية.
القراءة تنمي العقول
ومن بين هؤلاء الأشخاص “محمد أمين إبراهيم” عضو بلدية الشعب في قامشلو، ومدرس مادة التاريخ سابقاً، حيث يهتم بالثقافة بشكل عام، كما أنه يهتم بثقافة القراءة الورقية بشكل كبير، والذي يتحدث لنا، بأنه منذ فترة طويلة، يثابرُ على قراءة الكتب التاريخية، والسياسية بالدرجة الأولى، ويرى: أن للقراء أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع، وأن تطور المجتمعات يبدأ عن طريق القراءة والمطالعة، وقال: “ليست الثقافة تكون في من يحمل الشهادات العليا، بل هي قراءة الكتب، فهي أساس المعرفة، وتوسع مدارك الفرد والمجتمع، وهي إنماء المجتمع وتطويره، وتعدّ القراءة الأنيس الوحيد في وحدتك، فقد تستطيع أن تتكلم معها، فالقراءة تقوم بمعالجة بعض الأمراض، والتوتر لدى الشخص، وتنمي العقول، والشعب الذي يثابرُ على المطالعة، يتطور وتقل عنده المشاكل، ويصبح مدركاً وواعياً، وانتماؤه الشخصي، يتطور ويؤدي إلى إبداع المواهب”.
وتابع إبراهيم، أنه يفضل مطالعة الكتب الورقية، عن المطالعة في وسائل التواصل الاجتماعي، مبيناً استفادته من قراءة الكتب، التي يملكها منذ القدم، ونوّه إلى أن زيادة أسعار الكتب، تقف عائقاً أمام تقليص عدد القراء، والاهتمام أكثر بالكتب الورقية، لصعوبة الحصول عليها، وأيضا من الأسباب الرئيسية لقلة الاهتمام بثقافة القراءة الورقية، ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، ليستغني الكثير عن الكتب الورقية، ويلجأ إلى المطالعة الإلكترونية، وكسبب رئيسي لقلة الاهتمام بقراءة الكتب الورقية، وأكد إبراهيم: “منذ عشرات السنين، وأنا أطالع كتب القائد عبد الله أوجلان، وخاصة كتبه التاريخية، والفلسفية، وأتعلَّم كثيراً من أفكاره النيرة”.
زيادة أماكن القراءة
وذكر إبراهيم في حديثه: إن زيادة عدد أماكن القراءة، والمراكز الثقافية للتوعية، وتأمين مختلف أنواع الكتب، يزيد الاهتمام بالقراءة، ويفيد المجتمع ويُصلحه، ويشير إلى ناحية هامة بقوله: “تبدأ التوعية من البيت والمجتمع، وخاصة في المدارس، التي يقع على عاتقها توجه الطلبة، لأجل الاهتمام بالقراءة، وبالمطالعة لرفع مستويات التعليم”.
اختتم “محمد أمين إبراهيم” مدرس مادة التاريخ سابقاً حديثه: “أتمنى من الأشخاص جميعهم، أن يهتموا بالمطالعة، لأنها تفيدهم في رفع مستوى الوعي وتطوير العقل وتنميته”.
كتب القائد أوجلان… ثورة فكر
أما “واصل أسعد” عضو حزب الاتحاد الديمقراطي، نشأ في عائلةٍ مُحبة للثقافة والكتب، والذي تعرف أكثر على ثقافة الكتب بعد ارتباطه بفكر وفلسفة القائد أوجلان، ما دفعه أكثر إلى قراءة كتب القائد عبد الله أوجلان، وذلك بعد ثورة روج آفا، وقال: “هذا الشخص الفيلسوف الذي وقف لسنوات في وجه دولة إرهابية، وقامت الثورة بفكره، وإلى اليوم يناضل، ويقاوم لأجل شعبه، والشعوب المضطهدة، وبفضل فكره، وكتبه نقوم بإلقاء محاضرات، والقيام بدورات تدريبية فكرية في مختلف المجالات سواء الثقافية، أو المجتمعية، أو فيما يخص المرأة”.
وأشار أسعد إلى فوائد كتب القائد، وخاصةً كتابه الخامس، الأمة الديمقراطية، كما بين بأن كتبه كلها، مجتمعة في ذلك الكتاب، ويتطرق إلى المواضيع كلها، سواء السياسية، أو الثقافية، أو الاجتماعية، أو فيما يخص اللغة والإبادة والصهر والأخلاق والديمقراطية وغيرها الكثير، وطلب أسعد إلى كل من لم يقرأ ذلك الكتاب إلى الأن، يذهب لقراءته والاستزادة منه.
وحول أهمية قراءة الكتب الورقية، وصف أسعد: أن قراءة الكتب الورقية ليس لها بديل، وبتطور التكنولوجيا تراجعت تلك الثقافة بعض الشيء في المجتمع: “أصبح الأشخاص يهتمون بمتابعة صفحات التواصل الاجتماعي أكثر، أما فيما يتعلق بي في الوقت الحالي، أقوم بمتابعة صفحات التواصل الاجتماعي، لمتابعة الأمور السياسية فقط، بسبب الوضع الذي نعيش فيه”.
“تطور القراءة… من نتائج ثورة روج آفا”
وإلى جانب ذلك لوّح أسعد بأن هناك كتّاباً وشعراء في المنطقة، ويقوم بمتابعتهم، ونصح الفئة الشابة، أن يكونوا أكثر اهتمامٍ بالقراءة، لفائدتها وأهميتها في معرفة ثقافة مجتمعهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وجغرافية، وحدود منطقتهم، وقوميتهم أيضاً: “قبل الثورة لم يكن يعلم أحد عدد سكان كردستان ومساحتها، أما اليوم نعرف قراها، ووديانها، وجبالها، وكل شيء يخصها، وذلك كله بفضل فكر، وفلسفة القائد، ونتائج ثورة روج آفا”.
مستوى إقبال القراء جيد
ولمعرفة مستوى المقبلين على مطالعة الكتب الورقية، التقت صحيفتنا “روناهي” مع “محمد سليم” عامل في مكتبة أمارة بمدينة قامشلو، والذي لفت إلى الهدف من افتتاح المكتبة، لأجل تطوير ثقافة القراءة بين المجتمع، مع توفير مكان مناسب، وبشكل مجان للمطالعة، وبين سليم بأن المكتبة تضم حوالي خمسة عشر ألف كتاب، وبجميع اللغات، الكردية، والعربية، والإنكليزية، والتركية وغيرها الكثير، وتحتوي المكتبة مضامين كتب عن التاريخ، والأدب، والروايات والقصص والشعر والبحوث والقواعد.
وأكمل سليم حديثه: “في البداية كان إقبال القراء ضعيفاً نوعاً ما، ولكن الأن أصبح الإقبال جيداً، استعارة الكتب من المكتبة غير متاح، ولكن نستقبل القراء مع توفير جو مناسب لهم، وبشكل مجان، حركة البيع قليلة لأن أسعارها مرتفعة، ويقصدنا القراء من مختلف الفئات العمرية “.
اختتم “محمد سليم” العامل ضمن مكتبة أمارة في مدينة قامشلو حديثه، بأن باب المكتبة مفتوح أمام الزوار كلهم، وفي جميع الأيام ما عدا يوم الجمعة، “ونحن نستقبل من يود القراءة، لتزداد ثقافة القراءة في المجتمع”.
