خاضت تجربة الزواج المبكر وتقصُّ تجربتها؛ لحماية الفتيات من مخاطر هذه الخطوة

جل آغا/ أمل محمد ـ

ميادة محمد من ناحية جل آغا امرأة أربعينية، خاضت تجربة الزواج في عمرٍ كانت يجب أن تتواجد فيه على مقاعد الدراسة وبين عائلتها، ولكن كان للأعراف والقيم العشائرية رأيٌ آخر، فزُفت عروساً، وهي لا تزال طفلة بعمر الرابعة عشر، فتنبه الفتيات لهذه الظاهرة السلبية عبر تجربتها.

يعد زواج القاصرات من أهم المشاكل التي تواجه المجتمع، الذي ينتهي بشكل عام بنتائج سلبية على حساب الأفراد والمجتمع الذي يتوقف بناءه وتطوره على صحة الفرد الجسدية والنفسية، ضحايا كُثر حصيلة الزواج المبكر للقاصرات.

كلمة “لا” ليست في قاموسهم

يلبسنَ الثوب الأبيض وعلى الرأس الطرحة، يتجهنَ نحو مستقبل مجهول، لم يكن لهنَّ الخيرة في تحديده أو حتى اختيار شريك الحياة، فقط أصغنَ لعائلاتهنَّ التي تدعي أنَّ ما يقومون به من أجل مصلحتهنَّ، منهنَّ من شاء القدر أن يعشنَ حياة صحية سليمة، ولكن الغالبية منهنَّ وقعنَ ضحايا للمجتمع وللأعراف البالية.

عروس في الرابعة عشرة بجسد طفلة

قابلت صحيفتنا ميادة محمد الإدارية في مؤتمر ستار بناحية جل آغا، والتي تحدثت عن تجربتها في الزواج المبكر: “تزوجت في الرابعة عشرة من عمري، كنت حينها جاهلةً بكل شيء كل همي اللعب مع صديقاتي، عندما أخبرني والدي، أنه حان الوقت لأتزوج وأن الوقت مناسب لتشكيل عائلة وافقت، ولكن دون تفكير أو حتى أن أعلم على ماذا وافقت، فقد أراد أبي ذلك ويجب أن أصغي لكلامه”.

تزوجت ميادة بشخص يكبرها بتسع سنوات، لديها اليوم أربعة أولاد وستة أحفاد، وهي في الأربعين من عمرها فقط وأضافت: “الزواج مسؤولية كبرى لن تستطيع طفلة بأن تتحمل عواقبه، لم يكن هناك توافق فكري بيني وبين زوجي، كنت بجسد وعقل طفلة، وهو بعقلية شاب ناضج.

للزواج المبكر آثار سلبية على صحة الأفراد النفسية والجسدية وعلى المجتمع بشكل عام، هذا ما بينته ميادة: “أُعاني من أمراض جسدية نتيجة زواجي وإنجابي بعمر صغير من صداع، وآلام في الظهر بشكل دائم، عشتُ في بداية زواجي مع العائلة ونتيجة لذلك عانيت من ضغوطات نفسية”.

الأعراف والتقاليد ومصير مجهول

ميادة اليوم عضوة في مؤتمر ستار تُقدم من خبرتها وتجربتها، وتُشارك قصتها أمام النساء، والفتيات لحمايتهنَّ من خوض مثل هذه التجربة: “أُقدم محاضرات توعوية لزواج القُصّر، وأُبين آثاره السلبية على الفتيات، العائلة تقع على عاتقها الكثير من المسؤولية وعلينا معالجة الأعراف والتقاليد التي تتحكم بمصير الفتيات دون الاكتراث لما سيحدث معهنَّ في المستقبل”.

ألا ليت الزمان يعود يوماً

وأضافت ميادة: “لو عاد بي الزمان إلى الوراء، وخصوصاً في تلك اللحظة، التي أخبرني بها والدي بأن عليَّ أن أتزوج لرفضت رفضاً قاطعاً، ولم أكن لأسمح بإتمام هذه الصفقة، ليست المشكلة في الشخص التي ارتبطت به إنما بالسن الصغير الذي كنت فيه”.

وتابعت: “نظراً لكوني عضوة في مؤتمر ستار، أرى قصصاً عديدة لفتيات تزوجنَ بعمرٍ صغير، إما بسبب الأعراف أو لأسباب مادية، ونتيجة الوضع الاقتصادي أو حتى بسبب قلة الوعي من الفتاة ذاتها، ولكن النتيجة واحد هي تفكك أسري أو فتاة ضحية عليها الاستمرار والخضوع”.

قانون المرأة ضمان للنساء وللمجتمع

وأشادت ميادة بالقانون الذي أصدرته الإدارة الذاتية، والذي يمنع زواج القاصرات، وبذلك يحمي النساء والمجتمع على حدٍ سواء: “القانون الذي أُصدر عام 2014 جاء لحماية المرأة من تقاليد، ومجتمع لا يُبالي بالنتائج، ساعدنا هذا القانون في ضمان حقوق النساء، وحمايتهنَّ من جريمة بحق البشرية والإنسانية، حين تكون العروس، والأم والمربية طفلة صغيرة فكيف سيقوم مجتمع بّناء على أُسس سليمة”.

واختتمت ميادة محمد الإدارية في مؤتمر ستار بناحية جل آغا حديثها بالقول: “لقد فاتني الكثير بسبب زواجي المبكر، فاتني عمر الطفولة، الذي تُحدد فيه ماهية الشخص، وفاتتني مقاعد الدراسة والعلم، صحتي خسرتها وكبرت قبل أواني، انعزلت عن العالم الخارجي في سبيل عائلتي، ولم أجد سوى أن العمر قد فات منه الكثير بسبب كلمة قبول مني كانت يجب أن تكون كلمة رفض”.