سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

السجون في عفرين المحتلة… أكثر من أداة ترهيب

رامان آزاد_

السجونُ أداة مباشرة من أدوات الاحتلال، للتضييق على الأهالي وترهيبهم، وتنقسم إلى نوعين: سجون تُشرِف عليها السلطات التركيّة مباشرةً واستخباراتها وسجون فصائل المرتزقة، وتخضع لإشرافٍ تركيّ غير مباشر، ويغضُّ الاحتلاُل النظر عن مئات حالات الاختطاف التعسفيّ بهدف تحصيل الفدية. وكذلك عن عشرات حالات الوفاة نتيجة التعذيب في السجون، وبالمجمل فالمناطق المحتلة تحولت إلى سجونٍ كبيرةٍ.
آلاف المعتقلين
كشف التقرير السنويّ الذي نشره مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا حول التعذيب في السجون، وجود أكثر من ثلاثة آلاف معتقل سوريّ مازالوا محتجزين في سجون تُشرف عليها مرتزقة ما يسمى “الجيش الوطنيّ السوريّ” ضمن المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ، وقال التقرير إنَّ نحو 200 معتقل نُقلوا إلى الأراضي التركيّة للمحاكمة، بينهم 85 مواطناً صدرت بحقهم أحكامٌ قاسيةٌ، فيما مُنع حضور محامٍ للدفاع أو إبلاغ عوائلهم لحضور جلسات المحاكمة.
وقال التقرير إنَّ عدد المعتقلين من قبل مرتزقة “الجيش الوطنيّ السوريّ” وبقية الأجهزة الأمنيّة بلغ 8453 مواطن سوريّ، وتم توثيق تعرّض (1299) شخصاً منهم للتعذيب، وأُفرج عن قرابة 5410 منهم، فيما مصير بقية المعتقلين مازال مجهولاً، وأنّ 172 شخصٍ توفوا نتيجة التعذيب، وبلغ عدد الذيم أُفرج عنهم مقابل دفع فدية 1605 مواطن.
من جانبها وثّقت منظمة حقوق الإنسان ــ عفرين، اختطاف (8061) مواطن منذ احتلال عفرين ولا يزال مصير أكثر من ثلثهم مجهولاً، فيما تم الإفراج عن البقية مقابل دفع فديات مالية، ناهيك عن تعرض المدنيين الكرد للاختطاف المتكرر بغية طلب الفدية المالية.
سجن كفر جنة أحد ألغاز الشامية
في إجراءٍ صوريّ قامت “الجبهة الشاميّة” بتعيين المدعو “أبو مخلص بنان” أو “أبو علي العطار” مسؤولاً عما يُسمّى أمنية “الفيلق الثالث”، خلفاً للمدعو “أبو علي نداف”، وقد أرادت من خلال هذا الإجراء التغطية على مجملِ الانتهاكات المرتبكة من قبلها في السجون التابعة لها، وتشيد أوساط المسلحين بسمعة “أبو مخلص”، والذي  كان مديرَ معهد “مكة الشرعيّ” في مدينة إعزاز، وجاء تعيينه في هذه الوظيفة رغم أنّه يفتقر لمؤهلاتِ العمل الأمنيّ، نظريّاً أو عمليّاً، وتعيينه جاء ليكون مجرد واجهة، وتمَّ تعيين المدعو “أبو عزام سراقب” نائبًا له، والذي يعتبر القائد الفعليّ للأمنية، وهو يواصل ممارسة عمليات التعذيب الوحشيّة بحق المعتقلين في السجون، وبخاصةٍ في سجن كفرجنة.
يقع سجن كفرجنة ضمن أحراش قرية كفرجنة وضمن حرم “معسكر الطلائع” سابقاً، وتتداول أوساط المسلحين اسم “فرع فلسطين” للإشارةِ إليه ويقولون إنّه أشدُّ قسوةً بكثير، ويديره مرتزقة “الجبهة الشاميّة”، وقد كُتب على بوابته “الداخل مفقود والخارج مولود”، وتُمارس فيه كلّ أنواع التعذيب بحق المعتقل “البلنكو، التشبيح والتنكيل وتكسير العظام والسلخ”، ويقبع فيه وفق إحصائيّة سابقة نحو “300” مختطف بينهم “100” امرأة، وهم محتجزون على تهمٍ جاهزة من قبيل العلاقة مع داعش، الإدارة الذاتيّة أو شبيح، العمالة، الخيانة، التهريب، كما يتداول النشطاء عبارة “من كان له أخ أو قريب أو صديق مفقود حتى لوكان امرأة أو طفلاً فليبحث عنه في “فرع الجبهة الشاميّة”.
معظم المحتجزين داخل سجن كفرجنة هم من الكردِ أهالي عفرين المحتلة، ولا يتمُّ تحويلهم إلى المحاكمِ التابعةِ للاحتلالِ التركيّ، بل يُفرجُ عنهم بعد دفعِ عوائلهم مبالغ ماليّةً ضخمةً، أي بعد عملية مساومة، وقد تمت تصفية بعض السجناء نتيجة التعذيب بعد عجز عوائلهم عن دفع المبالغ المطلوبة، وتم دفنهم في السجن الكائن ضمن الأحراش، ويُشرف على إدارة السجن عناصر موثوق بها، ليبقى كل ما يجري فيه طي الكتمان، وهناك علاقة مباشرة بالاستخبارات التركيّة التي تراقب أوضاع السجون، وهناك أشخاصٌ محتجزون منذ احتلال عفرين، أي أربع سنوات تقريباً. ومنذ إنشائه شَهِدَ السجن نحو 25 حالة وفاة تحت التعذيب في آب 2021 تم تسجيل ثلاث حالات وفاة، ومُنع تسليم الجثامين لذويهم حتى تم دفع مبلغ ماليّ مقداره 200 دولار.
ومن جملة المعلومات المتداولة وجود مستودعات المخدرات والأتش بوز والهيروين والكوكائين، وهناك مصنع لإنتاج الحبوب المخدرة ضمن أسوار السجن، ويقوم المرتزقة بالإتجار بها وترويجها، والأمر شائع في سائر القطاعات التي تسيطر الفصائل، ولا تجهل السلطات التركيّة هذه الحقيقة. كما يتم داخل أسوار السجن تحضير المفخخات والألغام. وبالمجمل فإنّ سجن كفرجنة “هو أحد ألغاز الجبهة الشاميّة” الكبيرة”.
الحديث عن سجن المعصرة التابع للشامية لا يختلف بكثير، إلا بإمكانية الزيارة والاستعلام عن المعتقل، فالأغراض الشخصية للمعتقل تُسرق وكذلك التي بها أهله بما فيه المال، ويتم ابتزاز السجين في حاجاته، فالطعام قليل جداً، والتدخين ممنوع، وعلبة الدخان التي تُباع بأسعار مرتفعة تُصادر لاحقاً، ويتم إذلال الأهالي على باب السجن لدى الزيارة ويجبرون على دفع مبلغ للزيارة لا يقل عن 50 دولار.
السجون في عفرين المحتلة
لا يوجد عدد دقيق للسجون في عفرين المحتلة، وبعض الفصائل لديها أكثر من سجن، وقد انتهت سلطات الاحتلال التركيّ من تجهيز سجن جديد في بلدة ميدان أكبس بالقرب من الحدود التركيّة – السورية ويخضع بشكلٍ مباشر لإدارة الاستخبارات التركيّة. ليضاف إلى لائحة السجون والمعتقلات السريّة.
ــ سجن عفرين المركزيّ ويُعرف باسم سجن معراته، وينقسم إلى قسمين: مدني وعسكري.
ــ سجنا الشرطة العسكريّة أحدهما في مقر الثانوية التجارية بعفرين، والآخر في قبو مبنى المجلس التشريعيّ السابق، ووفق شهادة مصدر أمني فقد شهد عدة حالات القتل تحت التعذيب، ويخضع لرقابة مشددة، ويُنقل إليه من تعتقلهم الاستخبارات المحليّة التابعة.
ــ سجن الجهاز المركزيّ في المبنى السابق لمؤسسة عوائل الشهداء في مدينة عفرين. وهو سجن مغلق محاط بالسريّة، وكان يضم نحو40 معتقلاً.
ــ سجن ترندة: ويقع في مدينة عفرين، ويديره عناصر “الاستخبارات التركية” ويعد من أخطر المعتقلات السرية، التي يمارس فيها كافة أساليب التعذيب الجسدي والنفسي.
ــ سجن مدرسة أمير الغباري: وسط مدينة عفرين، تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية بالتنسيق مع عدد من قادة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، ويتم التحقيق فيه بالحالات المتعلقة بأشخاص تعاملوا أو كانوا ضمن “الإدارة الذاتية”.
ــ سجن راجو: هناك سجن سريّ للاستخبارات التركيّة في راجو، تديره وتُشرف عليه، وتتم فيه التحقيقات، ومنه يتم ترحيل المعتقلين إلى الأراضي التركيّة.
ــ سجن المواصلات: ويقع ضمن مدينة عفرين، يعتبر من أسوأ السجون أيضاً تحدث العديد من شهود عيان والمختطفين فيها عن التعذيب الشديد وتديره “الجبهة الشامية” بإشراف من عناصر منشقّة من “الأمن السوري”، ويُعرف بسجنِ التحقيق ويُحتجز فيه المدنيون من أهالي عفرين قبل تحويلهم إلى سجن الفصيل الرئيسيّ والمعروف بسجن “المعصرة” في بلدة سجو بريف إعزاز.
ــ سجن البراد: ويقع ضمن مدينة عفرين ويدار أيضاً من قبل “الجبهة الشامية” ويحتوي على المواطنين المختطفين في مدينة عفرين والقرى المحيطة خاصةً النساء منهم، ويتعرض السجناء فيه إلى شتى أساليب التعذيب الجسدي والنفسي.
ــ سجن المحكمة: ويقع في قبو المبنى القديم للمحكمة قرب مشفى آفرين الجراحيّ في مدينة عفرين، ويعدُّ من المعتقلات الخاصة بالنساء المختطفات من مختلف نواحي عفرين، ويدير المعتقل عناصر من “الجبهة الشامية”.
ــ سجن مدرسة الاتحاد العربي: ويقع في مدينة عفرين، أصبح مقر عسكري ويوجد فيه جناح خاص للسجناء تشرف عليه مجموعات الجبهة الشامية. ويحتوي على جناح خاص بالنساء، تم تحويله فيما بعد إلى مقر عسكري.
ــ سجن كفرجنة: ويقع ضمن ناحية شران، ويشرف عليه مرتزقة “الجبهة الشامية”.
ــ سجن مدرسة الكرامة: ويقع في مدينة عفرين، ومدرسة الكرامة من أقدم مدارس مدينة عفرين حوّلها مرتزقة “فيلق الشام” إلى معتقل، ويتعرض المعتقلون إلى شتّى أساليب التعذيب داخله ويضم جناحاً خاصاً بالنساء.
ــ سجن كوران: ويقع في ناحية راجو، وهو معتقل صغير يقع في أحد المنازل على أطراف قرية يُشرف عليه “فيلق الشام”، أغلب المعتقلين فيه من أهالي قرية كوران وكفر صفرة وناحية جندريسه.
ــ سجن ميدان أكبس: ويقع في ناحية راجو، ويدير السجن عناصر “فيلق الشام” بإشراف من عناصر “الاستخبارات التركية، حيث تم بنائه بالقرب من الحدود السوريّة – التركية، ويطلق عليها فرع فلسطين. ويتسع إلى قرابة 350 ـ 400 معتقل مؤلف من عشرة غرف مغلقة بفتحات تهوية صغيرة داخلية، ويستخدم فيه كافة أساليب التعذيب الممكنة وينقل المعتقلين بعد إجراء التحقيقات الأولية منه إلى داخل الأراضي التركية.
ــ سجن إسكان/ إيسكا في مبنى “مدجنة المرحوم فاروق عزت مصطفى” بقرية إيسكا بناحية شيراوا، ويديره مرتزقة “فيلق الشام”، وهو سجنٌ خاص (غرف ومنفردات) يُحتجز فيه بشكلٍ مستمرٍ مختطفين ومعتقلين من القرى والبلدات التي يسيطر عليها، ويتلقى المحتجزون فيه معاملة قاسية، وتمارس بحقهم مختلفُ أنواع التعذيب.
ــ سجن أزهار عفرين: يقع في مدينة عفرين، وتديره مرتزقة “أحرار الشرقيّة بإشراف مباشر من الاستخبارات التركيّة، وأغلب المعتقلين فيه من أهالي مدينة عفرين والقرى المحيطة بالمدينة.
ــ سجن شارع الفيلات: في مدينة عفرين، ويقع في أحد المنازل المهجورة ويديره مرتزقة “أحرار الشرقية”.
ــ سجن المحطة: ويقع في ناحية راجو، سُمي بالمحطة كونه يقع ضمن محطة القطار ويُشرف عليه ويديره مرتزقة “أحرار الشرقية”، وتشرف عليه الاستخبارات التركية أغلب معتقليه من أهالي من أهالي (راجو، موباتا، ميدانو) الناحية والبعض الأخر من أهالي القرى التابعة لناحية معبطلي، ويُعرف بأنه أحد المعتقلات الأكثر سوءاً بالنسبة للمشرفين على إدارته.
ــ السجن السلفيّ، وهو من السجون الدينيّة القاسية، وقد أُدع فيه عناصر من داعش، وقد شهد عدة هروب (تهريب) وتديره مرتزقة “أحرار الشرقيّة”.
ــ سجن المحمودية وهو سجن سريّ ويديره مرتزقة “الحمزة”، وقد تم اقتحامه بتاريخ 28/5/2020 بعد أحداث عنفٍ واُكتشف فيه وجود 11 مواطنة سجينة بالصدفة، وفيه عشرات المعتقلين والمختطفين منذ عامين دون عرضهم على القضاء، وهناك غرفتين خاصتين بالنساء داخل السجن.
ــ سجن الباسوطة: ويقع في بلدة باسوطة قرب مدينة عفرين، ويُعرف أيضاً باسم “سجن القلعة” نسبة إلى إحدى السجون في فترة العثمانيين أثناء احتلالهم مدينة دمشق. وتديره مرتزقة “الحمزة”، وبإشراف من الاستخبارات التركيّ.
ــ سجن قرية شنغيلة: ويقع في ناحية بلبل، السجن يقع في منزل مواطن، وتديره مرتزقة “الحمزة”.
ــ سجن شيه: ويقع في ناحية شيه/ الشيخ حديد بعفرين، وتمَّ تحويل مدرسة القرية إلى سجن، ووُثق مقتل مدنيين داخله، وتديره مرتزقة “سليمان شاه/ العمشات”.
ــ سجن قرمتلق: ويقع في ناحية الشيخ حديد ويديره أيضاً فصيل “سليمان شاه” ويقع ضمن المقر الأمني، للفصيل.
ــ سجن خربة شران: ويقع في ناحية شران، كان مدرسة وتمَّ تحويلها إلى سجن، وتديره “الشرطة العسكرية”، وكان يديره مرتزقة “السلطان مراد” سابقاً.
ــ سجن الأشرفية: ويتواجد في مدينة عفرين ويقع في أحد المنازل القديمة المهجورة تديره مجموعة مسلحة “عصابة لصوص” بقيادة المدعو أبو إدريس وتم تحويله إلى سجن سري، ويحتوي على أربعة غرف منها اثنتان للمعتقلين الذين يصل عددهم ما يقارب 50 – 60 فرداً.
ــ السجن الأسود: ويضم هذا السجن حوالي 800 سجين أكثرهم متهمين بالتعامل مع الإدارة الذاتية.
ــ سجن أحرار الشام: ويعتبر من السجون السريّة.

 

 

 

 

 

 

 

سجون خارج عفرين
ولا يقتصر الاحتجاز والإخفاء القسريّ على السجون المنتشرة في عفرين المحتلة، فكلّ المقرات العسكريّة يمكنها الاحتجاز المؤقت بغاية الابتزاز ودفع الفدية. وقد يتم تحويل المختطفين إلى سجون أخرى مثل المحلق في إعزاز والراعي ومارع والباب.
ونقلاً عن مواقع محسوبة على الفصائل المسلحة، فإنَّ المدعو معتز رسلان أبو عمار قائد “الفيلق الأول” ومرتزقة “النخبة” يحتجز منذ سنتين في سجن حوار كلس قرب مدينة إعزاز أكثر من عشرة أشخاص، دون تهمة واضحة ويتعرضون للابتزاز الماليّ، ولا يحالون إلى القضاء للنظر في وضعهم، ويتعرض المحتجزون للتعذيب القاسي في كل سجون الفصائل، مثل: سجن حوار كلس التابع لمرتزقة “فيلق الشام”، وسجني السلطان مراد (حوار كلس والبراد)، وسجن الزراعة في مدينة الباب.
وقد شهدت تلك السجون حالات عديدة للموت تحت التعذيب، ففي سجن الراعي (سجن الفرقان) يبلغ عدد المعتقلين نحو 2000 معتقل ويديره “السلطان مراد”، وممن قضى فيه تحت التعذيب منهم الشاب محمد عدنان ملا علي (30 عاماً) من أهالي ناحية راجو، وسليمان نوري نعمان من أهالي قرية بوزيكه، والمواطنة موليدة نعمان (65 عاماً) من قرية بوزيكيه، ومسعود يوسف من قرية موساكو، وعصمت رشيد مدور (30 عاماً) من أهالي قرية خلنيرة في سجن الراعي، فيما توفي المواطن كاوا عمر 32 عاماً في سجن الباب.