No Result
View All Result
المشاهدات 0
دجوار أحمد آغا-
أقدمت سلطات الحزب الديمقراطي الكردستاني على اغلاق معبر سيمالكا الحدودي، وبوابة الوليد الحدودية مع روج آفا؛ وذلك في 16 من كانون الأول الجاري، في حين ذكر رئيس المديرية العامة للمعابر الحدودية في شمال وشرق سوريا، أن الديمقراطي الكردستاني اغلق المعابر دون إبداء أي سبب، أو معلومات حيال ذلك، فيما أعلنت المديرية العامة للجمارك في إقليم كردستان العراق، أنها لم تتلق أي قرار بإغلاق المعابر الحدودية مع روج آفا.
لدى قراءتنا لهذا الخبر، يتبادر إلى ذهن الإنسان، الغاية من وراء فتح المعابر الحدودية بين الدول، والمناطق أولاً، ولماذا يتم إغلاقها ثانياً؟ البديهي في الأمر، أن افتتاح أو فتح المعابر الحدودية في حالات السلم، والظروف الإنسانية الصعبة، التي تعاني منها بعض المناطق، التي تشهد صراعات مسلحة وثورات شعبية، إنما يهدف إلى تقديم الدعم والمساعدة الإنسانية للجهة، التي تتعرض لهذه الظروف القاهرة، وفي حالتنا، فإن معبر سيمالكا – فيشخابور الحدودي الذي يفصل بين جزأين من أجزاء كردستان المحتلة، والتي أصبحت عبر تاريخها الطويل عبارة عن مستعمرة دولية، مقسمة بين أربع دول (تركيا، إيران، العراق، وسوريا) إنما جرى فتحه في بداية الانتفاضة الشعبية العارمة، التي شهدها باشور كردستان خلال أعوام التسعينيات من القرن المنصرم، وتم من خلالها تقديم الكثير من الدعم والمساعدة الإنسانية، لأهالي باشور كردستان من جانب أشقائهم في روج آفا، والمعبر بحد ذاته عبارة عن نقطة عبور من خلال الممر النهري (نهر دجلة)، الذي يفصل بين طرفي الحدود لمسافة تقارب الخمسين كم، وهذه النقطة الحدودية أصبحت مع مرور الوقت، وخاصة بعد سقوط نظام صدام حسين عبارة عن منفذ جيد لسكان باشور، خاصة في ظل الظروف الصعبة، التي كانت تمر بها البلاد حينها، ومع بدء ثورة روج آفا في التاسع عشر من تموز 2012، والتي استمرت لتشمل مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا، وفي ظل الاحتلال التركي لعدة مناطق من الشمال السوري، وسيطرته على المعابر الحدودية، وتسليمها لمرتزقته خاصة (باب الهوى، وباب السلام، وكري سبي “تل أبيض”) إلى جانب استمرار اغلاق معبر نصيبين الحدودي بين باكور كردستان وروج آفا، وكذلك اغلاق معبر تل كوجر “اليعربية” مع باشور، وأمام هذا الواقع أصبح لمعبر سيمالكا أهمية حيوية في حياة ملايين السكان، الذين يقطنون مناطق شمال وشرق سوريا، كونه المعبر الوحيد الذي يسمح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية في ظل الحصار المفروض على هذه المناطق من جانب دولة الاحتلال التركي، ومرتزقتها من جهة، ومن جهة أخرى من جانب حكومة دمشق، التي تُشرف على معبر الطبقة، الذي يربط هذه المناطق بالداخل السوري.
نلاحظ أنه مع اغلاق المعبر، تصاعد القصف الذي تقوم به دولة الاحتلال التركي، ومرتزقتها باستمرار مستهدفة مناطق شمال وشرق سوريا، بدءا من جبهة زركان- تل تمر ومروراً بعين عيسى وريفها، وصولا إلى مناطق منبج والشهباء، اللتين لم يتوقف العدوان عليها منذ دخول المحتل واتباعه الى الأراضي السورية المحتلة، (اعزاز، جرابلس، الباب، عفرين، سري كانية….)، ما يدفع شكنا إلى اليقين، أنها عبارة عن عملية متكاملة بين الأطراف، التي لا تريد للأزمة السورية، أن تنحل، وينعم الشعب السوري بالأمن، والأمان، والاستقرار، بعد أكثر من عقد من الحرب الجارية على أراضيه، هذا الاتفاق الضمني، الذي ظهر للعلن الآن يشمل كلاً من (تركيا، روسيا، نظام حكومة دمشق، وسلطات الحزب الديمقراطي الكردستاني، في إقليم كردستان العراق).
السبب المعلن لإغلاق المعبر هو رد فعل على ما جرى من أحداث على المعبر، لدى قيام الشبيبة الثورية بمسيرة دعم لخيمة الاعتصام، التي نصبتها مؤسسة عوائل الشهداء، منذ ما يزيد عن ثمانين يوماً؛ للمطالبة بجثامين شهداء من قوات التحرير الشعبي الكريلا، الذين استشهدوا في منطقة خليفان إثر وقوعهم في كمين نصبته لهم قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، بغض النظر عما جرى على الجسر الواصل بين طرفي الحدود، فإن هذا السبب غير مقنع، وغير كافٍ لإغلاق المعبر، خاصة من جهة تدّعي، أنها ذات نهج كردستاني، وتنادي بالكردايتي.
باختصار: السبب غير مقبول، وغير معقول أن يتم اغلاق معبر، يُعدّ شرياناً لاستمرار حياة ملايين الناس، القرار قرار سياسي، والسبب المباشر هو التزام سلطات الديمقراطي الكردستاني بالتعليمات، التي تصدر من أنقرة.
فيما يتعلق بدولة الاحتلال التركي، فهي عدوة للشعب الكردي على وجه الخصوص، ولسائر شعوب المنطقة، وسياساتها العدوانية واضحة وجلية، وكذلك الأمر فيما يتعلق بحكومة دمشق، والتي آخر همها هو أوضاع الشعب وظروفه القاسية، التي يعيشها، وهمها الوحيد الحفاظ على كرسي الحكم، مهما كان الثمن باهظاً، لكن أن تقوم سلطات الديمقراطي الكردستاني بالمشاركة في هذه المؤامرة على أبناء جلدتها، الذين وقفوا معهم في السنوات العجاف، وأمدوا ثورة الراحل مصطفى البرزاني بالمال، والسلاح، والمقاتلين، لهو أمر غير مقبول على الإطلاق.
إن درسنا التاريخ بشكل صحيح، سنرى: أن سبب كل الحروب التي جرت، هي الاستئثار بالفائدة الاقتصادية، ووضع اليد على مكامن الثروات الطبيعية، أي باختصار شديد هي المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى، إذاً لماذا يوقف الكرد هذه المنفعة الاقتصادية المتبادلة بين الطرفين؟ لسبب غير مقنع وغير مقبول!
علينا بالعودة إلى البحث عن العدو الأول والرئيسي للكرد، والذي يرفض حتى تاريخه الاعتراف بإقليم كردستان العراق، المعترف به من جانب الحكومة الفيدرالية في بغداد، إذ لا يزال نظام أردوغان يقول “شمال العراق” رافضاً الاعتراف بإقليم كردستان العراق، وأهم من يظن أن تراشق بضعة أحجار بين الطرفين، أكبر من مصالح اقتصادية كبيرة، ومنبع أموال وبضائع …

إن الحزب الديمقراطي الكردستاني يعلم جيداً وضع روج آفا المحاصر، كما يعلم جيداً أنه هناك قصف مدمر يومي من قبل حليفه وشريكه التجاري، دولة الاحتلال التركي، وهو ما ينتج عنه سقوط ضحايا وجرحى بحاجة الى العلاج والدواء، ويعلم أيضاً المؤامرات والضغوط التي يحيكها الروس وحكومة دمشق، لضرب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ويعلم كذلك أن الوضع الاقتصادي، الذي تعيشه شعوب روج آفا، وشمال وشرق سوريا صعب جداً في ظل الحرب والحصار، وانحسار الأمطار على منطقة يعيش معظم سكانها على الزراعة وتربية الحيوانات والتجارة، لماذا إذاً يُغلق هذا المعبر الحيوي والرئيسي؟ بل أنه لم يكتفِ بذلك، بل اغلق أيضاً معبر الوليد، الذي هو خاص بالتجارة، وادخال المواد اللوجستية كمواد البناء والإسمنت وغيرها.
هل يبغي من وراء ذلك إسقاط مشروع الإدارة الذاتية؟ وإن سقطت هذه الإدارة –لا سمح الله-هل يعتقد أن دولة الاحتلال التركي سوف تبقيه على قيد الحياة، وهي التي استنفرت جيوشها وهددت باجتياح الإقليم، عند الإعلان عن نتائج الاستفتاء الذي جرى منذ أعوام.
حان الوقت لأن يتم فيه إخراج مسألة المعابر الحدودية من لعبة السياسات والضغوطات، التي تمارسها دولة الاحتلال التركي على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وعليه لا بدّ للعقلاء من أن يحكّموا العقل قبل إصدار مثل هذه القرارات المتسرعة، والتي لا تخدم سوى أعداء الكرد والشعوب المحبة للسلام.
No Result
View All Result